الدبيبة يواجه محاولات عزله باستخدام «سلاح الإنفاق»

باشاغا شدد على «إنهاء الانقسام والدفع بالمصالحة» في ليبيا

فتحي باشاغا رئيس الحكومة الليبية المكلف في مؤتمر صحافي سابق (أ.ب)
فتحي باشاغا رئيس الحكومة الليبية المكلف في مؤتمر صحافي سابق (أ.ب)
TT
20

الدبيبة يواجه محاولات عزله باستخدام «سلاح الإنفاق»

فتحي باشاغا رئيس الحكومة الليبية المكلف في مؤتمر صحافي سابق (أ.ب)
فتحي باشاغا رئيس الحكومة الليبية المكلف في مؤتمر صحافي سابق (أ.ب)

سعى عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية، إلى حشد أنصاره ومغازلة الرأي العام المحلي بالإعلان عن جملة من المشروعات الخدمية، وتخصيص ملايين الدينارات لإخراجها للنور، بينما اعتبر غريمه السياسي فتحي باشاغا، المكلف تشكيل الحكومة الجديدة، أنه حان الوقت لإنهاء الانقسام في مؤسسات الدولة.
وجدد الدبيبة في كلمة ألقاها مساء أول من أمس، بوسط العاصمة طرابلس، خلال الاحتفال الرسمي بمرور 11 عاماً على «ثورة فبراير»، رفضه للمراحل الانتقالية، و«التمسك بالانتخابات للانتقال إلى المرحلة الدائمة... مرحلة السلام والاستقرار والبناء والتشييد»، ودعا مجلسي النواب والدولة والأجهزة القضائية للاستماع للشعب والدفع باتجاه إجراء الانتخابات.
وقال بهذا الخصوص، «اليوم نقول لا مفر في هذه المرحلة إلا للذهاب للأمام، ولا مفر من إجراء الانتخابات»، معلناً أن الهدف هو إجراء الانتخابات في شهر يونيو (حزيران) المقبل، عبر البدء بالقوانين الجاهزة.
وأضاف الدبيبة موضحاً: «هناك فئة ما زالت تريد الحروب في طرابلس، لكننا نقول لهم: كفى»، مشدداً على أنه «لا عودة للحرب التي سئم منها الليبيون، ونحن مع الانتخابات، ومع السلام، والاستقرار، الذي يطمح إليه الشعب الليبي»، مبرزاً في هذا السياق أن حكومته ستعلن في غضون يومين عن خريطة طريق لإجراء الانتخابات في شهر يونيو المقبل.
وفي إطار مساعيه للبقاء في منصبه، وتعزيز مكانته أمام محاولة مجلس النواب تنصيب حكومة جديدة يقودها باشاغا، أعلن الدبيبة سلسلة من خطط الإنفاق، التي تحظى بشعبية عند غالبية الليبيين، ووعد بتقديم مساعدات لشراء أراضٍ ومنازل، وقال إنه سيرفع بعض الرواتب التي تقدمها الدولة، وسيواصل دعم زواج الفئات الشابة.
بالإضافة إلى الإعلان عن البدء في توزيع 50 ألف قطعة أرض على الشباب في جميع أنحاء البلاد، اعتباراً من اليوم، أعلن الدبيبة أيضاً عن طرح نحو 100 ألف شقة سكنية غير مكتملة على الشباب، ومنحهم قروضاً لاستكمال بنائها، مع استمراره في دعم صندوق الزواج في تقديم منح الزفاف دون توقف.
كما أعلن الدبيبة تفعيل زيادة المرتبات لمنتسبي وزارة الداخلية قريباً، وتشكيل هيئة لعلاج الجرحى في الداخل والخارج، حيث تم تخصيص مبلغ مليار دينار لمتابعة أوضاعهم، بالإضافة إلى البدء فعلياً بتوزيع بطاقات التأمين الصحي على شريحة المتقاعدين كمرحلة أولى.
وطلب الدبيبة من مؤيديه عدم رفع صوره الشخصية، وقال إن من يستحقون التكريم ورفع صورهم هم الشهداء.
وفي محاولة لتأكيد جدية الدبيبة في وعوده الكثيرة، وزعت حكومة «الوحدة» في ساعة مبكرة من صباح أمس عدة مراسلات رسمية، تؤكد مطالبة الدبيبة لوزرائه المعنيين في الحكومة بالبدء في تنفيذ ما تم الإعلان عنه من قرارات.
وفي المقابل، عرض فتحي باشاغا تصوره للحكومة المكلف بتشكيلها خلال اجتماعه مساء أول من أمس في مدينة مصراتة، مع من وصفهم بمؤيدي مشروع الاستقرار.
وأكد على ضرورة إنهاء الانقسام السائد منذ سنوات، الذي طال مؤسسات الدولة، وعلى «الدفع بالمصالحة التي ستقودنا للاستفتاء على الدستور، وإجراء انتخابات تنهي المراحل الانتقالية»، معتبراً أنه «حان وقت إنهاء الانقسام، الذي طال مؤسسات الدولة، وأرهق المواطن معنوياً ومادياً»، وتعهد بتسخير كل الإمكانات لإجراء الانتخابات العامة.
وقال باشاغا مدافعاً عن تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، بعد تفاهماته مؤخراً مع المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، إن رئيس الوزراء «هو قوة الدولة، ومن قبلوا بي لرئاسة الحكومة يبحثون عن الأمن والسلام وكيفية توحيد ليبيا».
إلى ذلك، تجاهلت ستيفاني ويليامز، المستشارة الأممية، اتهامات حكومة الوحدة لها بالانحياز لصالح حكومة باشاغا الجديدة، لكنها تعهدت خلال اجتماعها مساء أول من أمس مع وفد من الطوارق في طرابلس بنقل مجموعة من المطالب، والشكاوى إلى السلطات الليبية المعنية أثناء لقاءاتها المقبلة.
ولاحظ عبد الله اللافي، عضو المجلس الرئاسي، ما وصفه بموقف ويليامز المتسم بالحياد، والحرص على التوافق، الذي يمكن أن يجمع كل الأطياف، مشيراً إلى أنه عبر في اتصال هاتفي عن دعمها لكل الجهود من أجل أن تتجاوز ليبيا كافة العقبات للسير نحو الاستحقاق الانتخابي.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.