«حزب الله» يتبنَّى إطلاق مسيّرة فوق إسرائيل... وتل أبيب ترد بتحليق مقاتلاتها فوق بيروت

انتقاد من «القوات اللبنانية» لصمت عون عن مساءلة الحزب

جنود إسرائيليون قرب الحدود مع لبنان أمس (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون قرب الحدود مع لبنان أمس (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» يتبنَّى إطلاق مسيّرة فوق إسرائيل... وتل أبيب ترد بتحليق مقاتلاتها فوق بيروت

جنود إسرائيليون قرب الحدود مع لبنان أمس (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون قرب الحدود مع لبنان أمس (أ.ف.ب)

شهدت الحدود اللبنانية أمس توتراً امتد إلى أجواء العاصمة بيروت وضاحيتها الجنوبية حيث معقل «حزب الله» بعد إعلان الحزب عن إطلاقه مسيّرة (طائرة من دون طيار) حلّقت لمدة أربعين دقيقة لمسافة 70 كيلومتراً فوق شمال إسرائيل، التي ردت بتحركات لجيشها عند الحدود وبطائرتين مقاتلتين حلّقتا فوق العاصمة اللبنانية على علوٍّ منخفض جداً. وكان الحزب قد تبنى أمس، إطلاق الطائرة المسيّرة، بعد ساعات على إعلان الجيش الإسرائيلي عن إطلاق النار باتجاه مسيّرة عبرت مجال إسرائيل الجوي في الشمال، في ثاني حادث من نوعه خلال يومين.
وتكرر تحليق مسيّرة تابعة لـ«حزب الله» لليوم الثاني على التوالي فوق شمال إسرائيل، غداة إسقاط الجيش الإسرائيلي مسيّرة تابعة للحزب يوم الخميس. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان أمس (الجمعة)، إن «طائرة مسيّرة معادية صغيرة تسللت من لبنان إلى الأراضي الإسرائيلية حيث تم تفعيل الإنذارات في منطقة الجليل مما دفع السكان إلى اللجوء إلى الملاجئ في شمال إسرائيل». وأضاف الجيش أنه «تم إطلاق صواريخ اعتراض من نظام القبة الحديدية»، مضيفاً أنه «تم استدعاء طائرات ومروحيات حربية، وبعد عدة دقائق اختفت الطائرة»، لافتاً إلى أن «الحادث قيد التحقيق».
وتبنى «حزب الله» إطلاق المسيّرة. وقال في بيان حول العملية: «أطلقنا الطائرة المسيّرة (حسّان) داخل الأراضي الفلسطينية ‏المحتلة وجالت في المنطقة المستهدفة لمدة أربعين دقيقة في مهمة ‏استطلاعيّة امتدّت على طول سبعين كيلومتراً شمالاً». وأضاف: «رغم كل المحاولات المتعددة والمتتالية لإسقاطها عادت ‏الطائرة «حسان» سالمة بعد أن نفّذت المهمة ‏المطلوبة بنجاح ودون أن تؤثر على حركتها كل الإجراءات ‏الموجودة والمتّبعة».
ولم يصدر أي موقف عن السلطات اللبنانية تعقيباً على الحادث الذي ردت عليه إسرائيل بتحليق طائرتين حربيتين فوق الضاحية الجنوبية لبيروت والعاصمة اللبنانية على علوٍّ منخفض جداً أتاح للسكان مشاهدتهما بالعين المجردة، ما أثار الذعر بين السكان.
وكانت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية قد أفادت صباحاً بأن «الطيران المعادي الإسرائيلي نفّذ عدداً من الغارات الجوية الوهمية فوق المناطق في جنوب لبنان». كما أشارت إلى أن قوة مشاة تابعة للقوات الإسرائيلية «اجتازت السياج التقني عند محلة كروم الشراقي قبالة بلدة ميس الجبل قضاء مرجعيون، بمؤازرة جيب هامر على الطريق العسكري المحاذي للسياج التقني»، وأنها «قامت بعملية تفتيش في المنطقة».
كان الجيش الإسرائيلي قد قال أول من أمس (الخميس)، إنّه «أسقط طائرة مسيّرة تابعة لتنظيم (حزب الله) تسلّلت إلى الأجواء الإسرائيلية من لبنان».
ولا ينظر لبنانيون إلى تكرار الحادث في اليومين الماضيين على أنه يحمل رسائل عسكرية، في ظل الهدوء الذي تشهده الحدود اللبنانية الجنوبية منذ الصيف الماضي. وقال عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب وهبي قاطيشا، إن دلالات الحادث «سياسية»، مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحادث «متصل بالمفاوضات الإيرانية الأميركية»، كما هو «متصل بالانتخابات النيابية في لبنان».
وقال قاطيشا إن إيران «تستخدم الأراضي اللبنانية صندوق بريد لتوجيه رسائل إلى الأميركيين بسبب تعثر مفاوضات الملف النووي الإيراني في فيينا»، موضحاً أن الاتجاه العام لتلك المحادثات «يشير إلى أنها تتجه إلى الفشل، لذلك يجري استخدام الأراضي اللبنانية للضغط على الأميركيين من جنوب لبنان، عبر «حزب الله»، وهو الذراع الإيرانية الذي يستطيعون الضغط من خلاله على إسرائيل لتليين مواقف أميركية في مفاوضات فيينا عبر إرسال المسيّرات أو المقذوفات».
ويشير قاطيشا، وهو جنرال متقاعد من الجيش اللبناني، إلى أن الحادث لا يمكن فصله عن الداخل اللبناني، موضحاً أن التصعيد العسكري على الجبهة الجنوبية «يُنظر إليه على أنه تمهيد للتشويش على الانتخابات النيابية التي يخاف (حزب الله) وحلفاؤه من نتائجها». ورأى أن أي تدهور أمني «يمكن أن يدفع باتجاه تأجيل الانتخابات أو إلغائها»، مضيفاً أن الأبعاد السياسية للحادث المتكرر «تُقرأ وفق هذا التقدير الداخلي والخارجي».
وجاء الحادث الأول بعد يومين على إعلان أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله أن الحزب بات يمتلك القدرة على تحويل الآلاف من صواريخه إلى صواريخ دقيقة، وبات ينتج الطائرات المسيّرة. وقال: «نحن منذ مدة طويلة بدأنا بتصنيع المسيّرات في لبنان»، داعياً من يرغب في شرائها إلى «تقديم طلب».
وقالت إسرائيل في الماضي إنها أسقطت عدة طائرات مسيّرة تابعة لـ«حزب الله» عبرت المجال الجوي الإسرائيلي. ويقول الحزب إن زيادة قدراته المضادة للطائرات المسيّرة أدت إلى انخفاض وتيرة تحليق الطائرات الإسرائيلية من دون طيار. وكانت مصادر أمنية إسرائيلية قد قالت في يناير (كانون الثاني) الماضي لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ الطائرات المسيّرة التي أسقطتها إسرائيل أخيراً بعد تحليقها عبر الحدود انطلاقاً من لبنان، «كشفت عن تنامي إمكانات الاستطلاع الجوي التي صار يتمتّع بها (حزب الله) المدعوم من إيران».
وفيما يقول الجيش الإسرائيلي إنه «سيواصل العمل لمنع أي خرق لسيادة» الدولة العبرية، يثبّت قرب الحدود مع لبنان مركزاً للقيادة الجوية يضمّ نحو عشرين ضابطاً مهمّتهم مراقبة الطائرات المسيّرة التابعة لـ«حزب الله».
- انتقاد «القوات»
وانتقد حزب «القوات اللبنانية» الرئيس اللبناني ميشال عون، لعدم مساءلته «حزب الله» عن الصواريخ الدقيقة والمسيّرات، مشيراً على لسان رئيس جهاز العلاقات الخارجية الوزير السابق ريشار قيومجيان، إلى أن «تصنيع أي صواريخ أو مسيّرات يندرج في إطار العتاد الحربي، وهذا يجب أن يكون وفق حصرية مطلقة بيد الدولة اللبنانية».
وقال قيومجيان إنه بحكم القانون، يمنع أن يُقْدم أي طرف مدني على تصنيع العتاد الحربي «إلا إذا استحوذت الشركة المصنِّعة على موافقة وزارة الدفاع ولغايات استراتيجية». لكنه شدد، في حديث إذاعي، على أن «(حزب الله) لا يأبه لأحد ولديه استراتيجيته الخاصة به وارتباطاته الإقليمية ويمتلك جيشه وأمنه الخاص وأجهزته الاستخباراتية والتمويل المالي من إيران». وتابع: (حزب الله) فاتح على حسابه ،ويقيم دويلة داخل الدولة ويسعى لتعزيز مقوماتها العسكرية والأمنية والمالية». وقال قيومجيان: «لبنان يلتزم بقرارات الشرعية الدولية، والقرار 1701 يحكم وضعية المنطقة الحدودية الجنوبية وكذلك الخط الأزرق، وهناك الجيش اللبناني وقوات (يونيفيل) المعنية بالسهر على ذلك». وأضاف: «إيران التي سبق وأعلنت أنها موجودة في 4 عواصم عربية تستخدم (حزب الله) لتوجيه رسائل إلى الولايات المتحدة الأميركية وللضغط على المفاوضات القائمة في جنيف». ورأى أن «توجيه مسيّرة إلى إسرائيل اليوم (أمس) والاعتداءات المتكررة في الأيام الماضية على قوات (يونيفيل) تأتي من باب إثبات الوجود». ورأى أن «ممارسات (حزب الله) ومواجهاته الدعائية لن تُفضي إلا إلى نتيجة واحدة هي إضعاف الدولة اللبنانية وصورتها في المحافل الدولية، مما يؤدي إلى مزيد من عزلة لبنان ومن إفقار شعبه».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.