القمة الأوروبية ـ الأفريقية... التزام شراكة متجددة تخدم مصالح الطرفين

دعم إنهاض القارة السمراء اقتصادياً بـ150 مليار يورو

دير لاين وإلى يسارها رئيس السنغال ثم الرئيس الفرنسي فرئيس المجلس الأوروبي في ختام قمة الاتحادين الأوروبي والأفريقي أمس (رويترز)
دير لاين وإلى يسارها رئيس السنغال ثم الرئيس الفرنسي فرئيس المجلس الأوروبي في ختام قمة الاتحادين الأوروبي والأفريقي أمس (رويترز)
TT

القمة الأوروبية ـ الأفريقية... التزام شراكة متجددة تخدم مصالح الطرفين

دير لاين وإلى يسارها رئيس السنغال ثم الرئيس الفرنسي فرئيس المجلس الأوروبي في ختام قمة الاتحادين الأوروبي والأفريقي أمس (رويترز)
دير لاين وإلى يسارها رئيس السنغال ثم الرئيس الفرنسي فرئيس المجلس الأوروبي في ختام قمة الاتحادين الأوروبي والأفريقي أمس (رويترز)

بيانٌ فضفاضٌ صدر بعد ظهر أمس، مع اختتام القمة السادسة للاتحادين الأوروبي والأفريقي التي استضافتها ليومين بروكسل. 3000 كلمة وثماني فقرات في ثماني صفحات لتأكيد رغبة الطرفين في بناء «رؤية مشتركة» تأخذ بعين الاعتبار الإمكانيات المتاحة ولكن خصوصاً «التحديات غير المسبوقة» التي يواجهها الجانبان وذلك عبر بناء «شراكة متجددة لقيام مستقبل مشترك» يقوم على التضامن وتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية الاقتصادية المستدامة وتوفير الازدهار لمواطنينا وللأجيال القادمة...»، وحرص الطرفان على تسجيل أن الشراكة المتجددة تحترم جملةً من المبادئ والقيم المشتركة من بينها احترام سيادة الطرف الآخر، والمساواة بين الشريكين، والتزامات متبادلة بالتزام الديمقراطية ودولة القانون (الأمر الذي يفسر غياب السودان وبوركينا فاسو ومالي وغينيا)، والعمل بمبدأ التساوي بين الجنسين، والمحافظة على البيئة.
ويمكن تلخيص أسس العلاقة الجديدة التي يريدها الطرفان بثلاثية «الأمن، والازدهار، وإرساء أسس مقبولة للتنقل بين القارتين وتشجيع التنقل الشرعي ومحاربة الهجرات العشوائية غير الشرعية». لكنّ المؤتمرين لم يتوقفوا عند الخطوط العامة بل سعوا للخروج بنتائج ملموسة. وبيّنت الكلمات التي ألقاها المسؤولون عن تنظيم القمة وإدارتها «المفوضية الأوروبية والرئاسة الفرنسية والاتحاد الأفريقي» ارتياحَ الطرفين للنتائج. وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، إن ما يميزها عن سابقاتها أنها «أفرزت نتائج» وأن التجديد الأهم عنوانه إيجاد آلية من الجانبين مهمتها متابعة تنفيذ ما اتُّفق عليه بما في ذلك مع القطاع الخاص. وفي المقابل، عدّ ماكي سال، الرئيس السنغالي ورئيس الاتحاد الأفريقي راهناً، أن القمة «وفّرت فرصة تاريخية لإرساء أسس العلاقة الجديدة»، منبهاً إلى أن الطرف الأفريقي «يريد علاقة تقوم على الشراكة لا على المساعدات وأن تخدم مصالح الطرفين». كذلك شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على «التغيير العميق» في علاقة الطرفين. ورأى الأخير أن التحدي الأكبر اليوم هو مساعدة أفريقيا على تخطي تبعات جائحة «كورونا». واختصر البيان الختامي الرؤية المشتركة بأنها «تهدف لإرساء شراكة متجددة تقوم على التضامن وتوفير الأمن والسلام والتنمية المستدامة».
ويندرج تحت باب «التضامن» المساعدة التي توفرها أوروبا للأفارقة في مجال التلقيح ضد وباء «كوفيد - 19»، حيث تعد القارة الأفريقية الأكثر تأخراً قياساً إلى القارات الأخرى في العالم. وفي هذا السياق أكد الأوروبيون التزامهم بتوفير 450 مليون جرعة حتى الصيف القادم علماً بأنهم قدّموا حتى اليوم 150 مليون جرعة.
يضاف إلى ذلك أمران: الأول، توفير مبلغ 425 مليون يورو لتسهيل تسريع حملات التلقيح «عندما تتوافر الجرعات» وتأهيل الفرق الطبية. والأمر الآخر هو دعم الأفارقة من أجل إنتاج اللقاح العامل بتقنية «آي آر إن ميساجيه»، واختيرت جنوب أفريقيا ومصر وتونس والسنغال ونيجيريا لهذا الغرض.
بيد أن المشكلة الحقيقية تكمن في أن الأوروبيين «وأيضاً الأميركيين» يعارضون التنازل عن براءات الاختراع التي تمتلكها شركاتهم للطرف الأفريقي، ما يحدّ كثيراً من أهمية المراكز التي ستقام.
وفي فصل الإنعاش الاقتصادي والتنمية، يبدو أن أهم إنجاز هو التزام الأوروبيين بإطلاق «الاستراتيجية الأوروبية للاستثمار» التي تقوم على استثمار ما قيمته 150 مليار يورو في القارة الأفريقية للسنوات السبع القادمة. ولكن لم يأتِ البيان على هوية الأطراف التي ستوفر هذا المبلغ الضخم، علماً بأن الاقتصادات الأوروبية تعاني من ارتفاع مديونيتها بسبب كلفة دعم قطاعاتها المختلفة زمن قوة الجائحة.
كذلك لا يذكر البيان بالتحديد المشاريع التي ستحظى بالتمويل في إطار الشراكة المتجددة. وحسب البيان، فإن ما تم إقراره سيعطي دَفعة للاستثمارات الخاصة. وبشكل عام، فإن القطاعات المعنية تتناول: الطاقة، والنقل، والاقتصاد الرقمي، والصحة، والتعليم، والبنى التحتية، وتوفير التيار الكهربائي، وتوفير فرص العمل، وتشجيع التكامل الاقتصادي بين بلدان القارة، والنقلة البيئية، وتوفير فرص عمل للشباب، مع الأخذ بعين الاعتبار الحاجات الخاصة بكل بلد.
ولا يتوقف الدعم المالي والاقتصادي عند هذا الحد بل إن القمة عادت إلى ما تم التوافق عليه في اجتماع باريس الخريف الماضي لتمويل الاقتصادات الأفريقية، وتحديداً هدف تحويل مبلغ 100 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة العائدة للاقتصادات إلى أفريقيا. والحال أن مبلغ 13 مليار فقط من حقوق السحب الخاصة قامت الدول الأوروبية بتحويلها إلى أفريقيا حتى اليوم وذلك من أصل 53 ملياراً وزّعتها عبر العالم. من هنا، فإن البيان يحث الدول القادرة على المواظبة للوصول إلى الهدف المرتجى الذي ما زال بعيد المنال.
ويخصص البيان مساحة وافية لتناول ملف التعاون الأمني بين الطرفين خصوصاً أن القمة التأمت بعد قرار فرنسا وعدد من البلدان الأوروبية الانسحاب العسكري من مالي. وجاء في البيان أن الطرفين «يعيدان تأكيد تعاونهما المتجدد والمعزز من أجل مواجهة التحديات الأمنية ومن أجل توفير الأمن والسلام»، ولكن مع التركيز على مبدأ «البحث عن حلول أفريقية للمشكلات الأفريقية» وفي إطار البنية الأمنية الأفريقية المنصوص عليها في اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي. والغرض من ذلك حرص الأوروبيين على تجنب استرجاع صورة المستعمر الأوروبي السابق لدى الشعوب الأفريقية. ويلتزم الطرفان بتعميق التعاون متعدد الأشكال إن كان عن طريق توفير المعدات والتأهيل والتدريب والمساندة، بما ذلك عمليات حفظ السلام التي تتولاها الأطراف الأفريقية.
وتبقى مسألة بالغة الحساسية عنوانها التنقل والهجرات. وحتى اليوم لم يجد الطرف الأوروبي الحل لملف الهجرات العشوائية غير الشرعية التي تتدفق على الشواطئ الأوروبية عبر مياه المتوسط انطلاقاً من البلدان المغاربية. ويركز البيان على أن الطرفين يعملان وفق ما ينص عليه القانون الدولي والحقوق الإنسانية الأساسية من العبارات الدبلوماسية التي غرضها التغطية على اختلاف الرؤى والتغطية على الجدل السياسي الذي تثيره الهجرات غير المشروعة داخل الفضاء الأوروبي. ويبدو اليوم أن القناعة المترسخة أوروبياً تقول إن «الحل الأمني» لا يكفي، وإن تيار الهجرات سيتواصل ما دامت القارة الأفريقية تعاني من الحروب والعوز وفقدان الأمن وفرص العمل وتفشي الفساد.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».