تونس: محاكمة متهمين في الهجوم الإرهابي على بن قردان

90 متهماً يواجهون القتل العمد والتآمر على أمن الدولة

استنفار أمني للشرطة التونسية أمام مبنى البرلمان وسط العاصمة تونس (رويترز)
استنفار أمني للشرطة التونسية أمام مبنى البرلمان وسط العاصمة تونس (رويترز)
TT

تونس: محاكمة متهمين في الهجوم الإرهابي على بن قردان

استنفار أمني للشرطة التونسية أمام مبنى البرلمان وسط العاصمة تونس (رويترز)
استنفار أمني للشرطة التونسية أمام مبنى البرلمان وسط العاصمة تونس (رويترز)

شرعت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في القضايا الإرهابية بالمحكمة الابتدائية بتونس في محاكمة 90 متهماً من بينهم 45 بحالة إيقاف في قضية الهجوم الإرهابي على مدينة بن قردان (جنوب شرقي تونس) الذي وقع في السابع من مارس (آذار) 2016.
وتم جلب بعض المتهمين من السجن للمثول أمام هيئة المحكمة، في حين رفض البعض الآخر المثول أمام القاضي المتعهد بهذا الملف، ومن المنتظر تحديد جلسة قضائية أخرى لاعتراف بقية المتهمين.
وفي ظل تعزيزات أمنية مكثفة، وجّهت المحكمة التونسية لهم عدداً من التهم على رأسها القتل العمد، وذلك وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب الصادر في تونس سنة 2015، والمتضمن عقوبة الإعدام في حال حصول أعمال إرهابية تخلف قتلى.
ويواجه المتهمون كذلك تهم التآمر على أمن الدولة، والانضمام إلى تنظيم إرهابي والإضرار بالممتلكات العامة أو الخاصة، أو الموارد الحيوية أو البنية الأساسية ووسائل النقل والاتصالات، وكذلك الإضرار بالمنظومات المعلوماتية أو المرافق العمومية.
وتعود أطوار هذا الهجوم الإرهابي إلى السابع من شهر مارس 2016، حيث تسللت مجموعة من المتطرفين الموالين لتنظيم «داعش» الإرهابي إلى مدينة بن قردان المواجهة للحدود التونسية الليبية، ونسّقت مع عدد من الخلايا الإرهابية النائمة للاستيلاء على المدينة وتكوين «إمارة داعشية»، تكون منطلقاً لهجماتها اللاحقة وتهديد أمن واستقرار تونس. غير أن استماتة عناصر الأمن والجيش حالت دون تنفيذ هذا المخطط، وقد خلفت المواجهات المسلحة التي تواصلت لأيام مقتل 55 عنصراً إرهابياً من بينهم 36 مسلحاً، وسقوط 12 عنصراً من بين الوحدات الأمنية والعسكرية علاوة على 7 مدنيين.
وتوالت حملات متابعة العناصر الإرهابية المورطة في الهجوم، لتسفر لاحقاً عن إيقاف عادل الغندري العنصر الإرهابي المصنف «خطير جداً»، وهو من مواليد 1986، ومن سكان منطقة بن قردان وقد أجرى عملية جراحية تجميلية للتنكر والإفلات من ملاحقة فرق مكافحة الإرهاب، وقد أثبتت الأبحاث الأمنية ضلوعه وتورطه في العديد من العمليات الإرهابية التي شهدتها تونس قبل هذا الهجوم الخطير. كما تم الكشف عن عدد من مواقع تخزين الأسلحة التي ناهزت 17 موقعاً، أغلبها في مناطق صحراوية نائية، وأكدت التحريات الأمنية أنها تحتوي على كميات كبيرة من مختلف الأسلحة، علاوة على كميات كبيرة من الذخيرة والقنابل اليدوية والصواعق والأسلحة الحربية والألغام الأرضية المضادة للعربات وقاذفات صواريخ نوع «آر - بي - جي».
على صعيد آخر، كشفت منطقة الحرس الوطني التونسي بمدينة بنزرت (شمال تونس) عن خلية إرهابية مكونة من أربعة عناصر تتراوح أعمارهم بين 30 و35 سنة. وأكدت أنهم كانوا يتواصلون عبر شبكة التواصل، وقد أثبتت التحريات أنهم تبادلوا مقاطع فيديو، تحث على الإرهاب، في انتظار إحالتهم إلى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».