شركة فرنسية تفوز بعقد تشغيل محطة الحاويات في مرفأ بيروت

حاويات مدمرة في مرفأ بيروت بسبب الانفجار الذي وقع قبل سنة ونصف (أ.ف.ب)
حاويات مدمرة في مرفأ بيروت بسبب الانفجار الذي وقع قبل سنة ونصف (أ.ف.ب)
TT

شركة فرنسية تفوز بعقد تشغيل محطة الحاويات في مرفأ بيروت

حاويات مدمرة في مرفأ بيروت بسبب الانفجار الذي وقع قبل سنة ونصف (أ.ف.ب)
حاويات مدمرة في مرفأ بيروت بسبب الانفجار الذي وقع قبل سنة ونصف (أ.ف.ب)

فازت مجموعة الشحن الفرنسية «سي.أم.أ سي.جي.أم» المملوكة من عائلة سعادة اللبنانية الفرنسية بعقد إدارة وتشغيل وصيانة محطة الحاويات في مرفأ بيروت لمدة عشر سنوات، وفق ما أعلن وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني علي حمية.
وأعلنت المجموعة الفرنسية التي يشكّل نشاط سفنها أساساً 55 في المائة من حجم العمليات في محطة الحاويات، في بيان إثر الإعلان، عن «خطة استثمارية طموحة لتجديد وتحديث» المحطة يبدأ تنفيذها الشهر المقبل وتستثمر بموجبها 33 مليون دولار في المرفأ.
ويأتي الإعلان بعد أربعة أشهر من إطلاق المناقصة الذي تأخّر منذ مارس (آذار) 2020، حين انتهى عقد الشركة المشغلة السابقة، وذلك بسبب الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة ثم تداعيات انفجار المرفأ في 4 أغسطس (آب) من العام ذاته. وتمّ خلال هذا الوقت تأجيل إطلاق المناقصة وتمديد عقد الشركة السابقة.
وتعمل مجموعة «سي.أم.أ سي.جي.أم» التي رافق رئيس مجلس إدارتها رودولف سعادة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته إلى بيروت في سبتمبر (أيلول) 2020 إثر انفجار المرفأ، على توسيع نطاق استثماراتها في البلاد في مجالات عدة. وتتولى منذ عام تشغيل محطة الحاويات في مرفأ طرابلس (شمال).
وقال حمية في مؤتمر صحافي عقده في مقر الوزارة في بيروت إنه «تمّ الاتفاق على توقيع عقد الإدارة والتشغيل والصيانة لمحطة الحاويات في مرفأ بيروت مع شركة سي.أم.أ سي.جي.أم». وأوضح أنّ الاتفاق تمّ بعد التفاوض مع الشركة التي استوفت كل الشروط المطلوبة من الناحية التقنية وقدّمت سعراً أقل من السعر الذي قدمته شركة «غولفتاينر» المنافسة التي تقدمت للمناقصة.
وتعتزم المجموعة الفرنسية، وفق بيانها، إنفاق 19 مليون دولار خلال العامين الأولين من العقد، ما سيتيح لها القيام بتعديلات وتحسينات رئيسية بينها تحديث كامل للمعدات واقتناء معدات جديدة، إضافة إلى بناء مستوعب فني جديد لصيانة وتخزين قطع الغيار واعتماد أنظمة رقمية حديثة في عمليات المحطة.
ونقل البيان عن رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للمجموعة رودولف سعادة قوله: «وفاءً لالتزاماتنا تجاه لبنان، سنطلق على وجه السرعة خطة استثمارية طموحة ستجعل من محطة حاويات بيروت محطة عالية الأداء تلبي أفضل المعايير الدولية». وأوضح أن الخطة «ستفتح الطريق أمام تجديد التبادلات الاقتصادية بين لبنان وبقية العالم» التي تراجعت إثر الانفجار.
وتشكّل محطة الحاويات، وفق وزارة الأشغال، ما يقارب 85 في المائة من حركة مرفأ بيروت. وكانت عشر رافعات من إجمالي 16 تعمل فيها خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ورغم أن الانفجار دمّر معدات في رصيف الحاويات، فإنه عاود العمل بعد أسبوع من الانفجار.
ووفقا لواقع العقد الحالي الذي أبرم منذ 17 سنة، وبحسب البيانات الرسمية، تبين أن إيرادات المشغل الحالي، بلغت في العام 2020 بحدود 49.31 دولار أميركي على كل حاوية مع خدماتها، بحسب ما قال وزير الأشغال والنقل، لافتاً إلى أن خدمات السفن التي كانت بطلب من الوكالات البحرية والتجار، كالعتالة من وإلى وعلى السفن وفي الباحات، ورسم تبريد للمستوعبات المبردة، ورسم الخزن الإضافي ضمن الباحات، فالمشغل يتقاضى عليها حصة مالية إضافية على السعر المتفق عليه، مقدارها 39.60 في المائة من الرسم.
وسبق للمجموعة الفرنسية أن عرضت بعد شهر من انفجار المرفأ خطة على المسؤولين اللبنانيين تتضمن إعادة بناء الأحواض والمخازن المدمرة مع توسعة المرفأ خلال نحو ثلاث سنوات بتكلفة إجمالية تتراوح بين 400 و600 مليون دولار. كما قدمت شركات أخرى أجنبية عروضاً مماثلة، من دون أن يصار إلى اتخاذ أي خطوات عملية في هذا السياق.
وتعوّل السلطات اللبنانية على هذا العقد وعقود مماثلة من أجل زيادة إيرادات المرفأ، إذ ستستوفي مستحقاتها منه بالدولار في وقت تغرق البلاد منذ عامين في أزمة اقتصادية غير مسبوقة صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، وسط نقص بالسيولة والعملات الأجنبية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.