المرصد: «داعش» قتل ألفين خارج ساحة القتال منذ إعلان دولته في سوريا

استهداف 40 كنيسة تم تحويل 11 منها إلى مقرات عسكرية أو إدارية

المرصد: «داعش» قتل ألفين خارج ساحة القتال منذ إعلان دولته في سوريا
TT

المرصد: «داعش» قتل ألفين خارج ساحة القتال منذ إعلان دولته في سوريا

المرصد: «داعش» قتل ألفين خارج ساحة القتال منذ إعلان دولته في سوريا

قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس الثلاثاء، إن متشددي تنظيم داعش قتلوا 2154 شخصا على الأقل خارج ساحة المعركة في سوريا منذ نهاية يونيو (حزيران) الماضي، عندما أعلن التنظيم المتطرف دولته في الأراضي التي يسيطر عليها (عاصمتها مدينة الرقة شمال سوريا)، فيما نشرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرًا وثقت فيه استهداف الكنائس والأديرة من قبل أطراف النزاع في سوريا منذ مارس (آذار) 2011.
وقال المرصد إن معظم القتلى سوريون، وإن عمليات القتل نفذت إما ذبحا أو رجما أو رميا بالرصاص في مواقف غير قتالية. ودعا مجلس الأمن الدولي للتحرك. وقال في بيان «على الرغم من صمّ أعضاء مجلس الأمن الدولي لآذانهم عن الصرخات الناجمة عن آلام الشعب السوري، نجدد مطالبتنا للمجلس بالتحرك العاجل من أجل مساعدة الشعب السوري».
وذكر المرصد الذي يتابع الصراع من خلال مصادر على الأرض أن عدد القتلى يشمل مقاتلين ومدنيين بالإضافة إلى 126 من مقاتلي التنظيم، حاولوا الهرب من التنظيم أو اتهموا بأنهم جواسيس.
وقال رامي عبد الرحمن، مدير المرصد، إن الرقم لا يشمل عددا من الصحافيين الأجانب الذين أعدموا ذبحا وطيارا أردنيا أحرقه التنظيم حيا، ومن ثم فإن العدد أكبر على الأرجح. وأضاف أن عددا من الأشخاص الذين يعتقد أن التنظيم أسرهم لا يزالون في عداد المفقودين. ونفذ التنظيم واحدة من أسوأ المذابح ضد عشيرة الشعيطات التي كانت تقاتله في شرق سوريا. وقال المرصد إن التنظيم قتل 930 على الأقل من أفراد العشيرة.
إلى ذلك، نشرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرًا وثقت فيه استهداف الكنائس والأديرة من قبل أطراف النزاع في سوريا منذ مارس 2011، حيث وصل عددها إلى 63 كنيسة، بينما بلغ عدد الكنائس التي تم تحويلها إلى مقرات عسكرية أو إدارية 11 كنيسة. واستعرض التقرير 40 كنيسة تم استهدافها على يد القوات الحكومية، بينها 12 كنيسة تعرضت للقصف والاعتداء أكثر من مرة، وهذا يدل على تعمد استهداف هذه الكنائس ودور العبادة، كما حصل في كنيسة سيدة السلام بحمص التي استهدفت 6 مرات، وكنيسة أم الزنار بحمص أيضًا التي استهدفت 4 مرات.
وتوزعت الكنائس المتضررة على يد القوات الحكومية إلى 11 كنيسة في محافظة حمص، و11 كنيسة في محافظة ريف دمشق، و5 كنائس في كل من محافظتي حلب ودير الزور، و4 كنائس في إدلب، و3 في اللاذقية، وكنيسة في درعا.
كما سجل التقرير قيام القوات الحكومية بتحويل 6 كنائس إلى مقرات عسكرية، مما سبب استهدافها من قبل فصائل المعارضة وغيرها من الجماعات المتشددة. وذكر التقرير أن تنظيم داعش استهدف 6 كنائس في كل من محافظتي الرقة والحسكة، كما قام بتحويل كنيستين أخريين إلى مقرات عسكرية وإدارية.
ووفق التقرير فإن تنظيم جبهة النصرة استهدف كنيسة واحدة، وبقية الكنائس التي قصفها كانت مقرات عسكرية تمركزت القوات الحكومية فيها. بينما حول التنظيم دير القديس سمعان في حلب إلى مقر عسكري.
وبحسب التقرير فإن فصائل المعارضة المسلحة استهدفت 14 كنيسة، وحولت كنيستين إلى مقرات عسكرية وإدارية. وتضمن التقرير تصنيفا لمجموعات مسلحة لم تحدد الشبكة السورية لحقوق الإنسان هويتها، استهدفت كنيستين في حلب.
وقال وائل العجي، الناطق الإعلامي باسم الشبكة السورية لحقوق الإنسان في بريطانيا، إن صاروخ الـ«سكود» أو الغازات السامة أو القنابل البرميلية «لا تميز بين ديانة وأخرى.. وبعد ظهور وتوسع التنظيمات المتشددة عانى المسيحيون من انتهاكات من نوع آخر، علما بأنهم موجودون منذ مئات السنين جنبًا إلى جنب مع إخوانهم من جميع الديانات الأخرى. لقد أضحى المسيحيون بين نيران القوات الحكومية وجحيم التنظيمات المتشددة».
وذكر التقرير أن تحديث هذه الدراسة استغرق قرابة خمسة أشهر ضمن ظروف غير اعتيادية، أبرزها قلة اهتمام المجتمع المحلي بعمليات توثيق دمار المنشآت الحيوية والآثار، التي لا تترافق مع سقوط ضحايا في ظل عمليات القتل اليومية المستمرة منذ مارس 2011، إضافة إلى صعوبة تحديد الجهة المسؤولة عن عمليات الاستهداف. ويعود ذلك إلى أن كثيرا من الكنائس تقع عند خطوط التماس، وقد تتعرض الكنيسة في تلك الحالة للقصف من قبل الطرفين في فترات زمنية متقاربة.
كما أشار التقرير إلى أن هذا التوثيق هو الحد الأدنى الذي تمكنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان من تسجيله في ظل عمليات الحظر والملاحقة، والتضييق على النشطاء والسكان المحليين، وانقطاع الاتصالات.
وطالب التقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد مرور أكثر من عام على القرار 2139 دون وجود التزامات بوقف عمليات القصف العشوائي التي تسبب التدمير والقتل اليومي.. وكذلك الضغط على الدول الداعمة للقوات الحكومية كروسيا وإيران ولبنان من أجل إيقاف عمليات التزويد بالأسلحة والخبرات بعد أن ثبت تورطها في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.