ساترفيلد في الخرطوم لدفع «التحول الديمقراطي»

TT

ساترفيلد في الخرطوم لدفع «التحول الديمقراطي»

بدأ المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي ديفيد ساترفيلد، أمس، زيارة للخرطوم تستغرق يومين، يبحث خلالها مع العسكريين والمدنيين مساعي عودة مسار الانتقال في البلاد الذي انقطع بالإجراءات العسكرية في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. فيما قال قائد القوات المسلحة السودانية عبد الفتاح البرهان، إن القوات النظامية كافة يستحيل أن تفكر في توجيه سلاحها لقتل أبناء الشعب.
وقالت السفارة الأميركية في الخرطوم، على مواقعها الرسمية، إن زيارة ساترفيلد هي لإشراك أصحاب المصلحة في دعم رغبة الشعب السوداني في دفع عجلة التحول الديمقراطي في ظل حكومة يقودها مدنيون. ومن المقرر أن يلتقي المبعوث الأميركي المسؤولين في مجلس السيادة الانتقالي، المعين حديثاً من قبل قائد الجيش، والأحزاب السياسية وقادة المجتمع المدني.
وهذه الزيارة الثانية لساترفيلد إلى السودان خلال شهرين، إذ زاره في يناير (كانون الثاني) الماضي، برفقة مساعدة وزير الخارجية موليي فيي، وأجريا خلالها اجتماعات مع القادة العسكريين وتحالف المعارضة الرئيسي (قوى الحرية والتغيير).
وأعلنت الإدارة الأميركية دعمها للعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة لحل الأزمة المستفحلة في السودان. ودانت واشنطن استخدام الذخيرة الحية والعنف الجنسي والاحتجاز التعسفي، داعية إلى إجراء تحقيقات شفافة ومستقلة في الوفيات والإصابات ومحاسبة جميع المسؤولين عنها. ورهنت الإدارة الأميركية استئناف المساعدات للسودان بتشكيل حكومة يقودها مدنيون وإنهاء العنف في مواجهة المظاهرات السلمية.
وعيّنت وزارة الخارجية الأميركية، في مطلع يناير الماضي، ساترفيلد مبعوثاً للقرن الأفريقي خلفاً للسفير جيفري فيلتمان، لمواجهة الاضطرابات الأمنية والسياسية في هذه المنطقة.
ورغم تنديد الإدارة الأميركية بـ{الانقلاب العسكري»، فإنها تواجه اتهامات بعدم ممارسة ضغوط كافية لوقف العنف المميت ضد المدنيين وعودة مسار عملية الانتقال في البلاد نحو الحكم المدني.
في هذا الوقت، خاطب البرهان وحدات عسكرية، في منطقة «وادي سيدنا» شمال الخرطوم، وقال إن الجيش يمد اليد لكل المكونات السياسية بالبلاد من أجل تحقيق الوفاق الوطني والوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة. وجدد البرهان التأكيد على أن قيادة البلاد والقوات المسلحة لن تُسلم إلا لحكومة منتخبة أو بالتوافق الوطني. وحيّا البرهان، الذي أعاد تعيين نفسه رئيساً لمجلس السيادة، «عناصر القوات المسلحة الأشاوس المرابطين على امتداد الوطن الذين يقفون سداً منيعاً أمام كل المخاطر المحدقة به ويقدمون الغالي والنفيس من أجل وحدة السودان واستقراره». ونفى البرهان، في وقت سابق، أن يكون أصدر أي تعليمات بإطلاق الرصاص على المتظاهرين السلميين، الذين يعارضون الإجراءات التي أطلقها في أكتوبر الماضي.
وسقط أكثر من 76 قتيلاً وآلاف المصابين، وتم اعتقال مئات المتظاهرين منذ استيلاء الجيش وقوات الدعم السريع على السلطة بالبلاد في 25 أكتوبر الماضي. وتتهم المعارضة ومنظمات إقليمية قوات الأمن السودانية باستخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين، وهو ما تنفيه قوات الأمن وتتهم طرفاً ثالثاً في أحداث القتل.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».