ماكرون: بوتين لن يعترف باستقلال الانفصاليين في الدونباس

باريس تطرح خطة من ثلاث مراحل للخروج من الأزمة الأوكرانية

ماكرون: بوتين لن يعترف باستقلال الانفصاليين في الدونباس
TT

ماكرون: بوتين لن يعترف باستقلال الانفصاليين في الدونباس

ماكرون: بوتين لن يعترف باستقلال الانفصاليين في الدونباس

كشفت مصادر بقصر الإليزيه أن الرئيس إيمانويل ماكرون، خلال اجتماعه المطول بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو الأسبوع الماضي، سأله عن احتمال قبوله دعوة الدوما للاعتراف بالجمهوريتين الانفصاليتين في منطقة الدونباس، شرق أوكرانيا، وكان جواب بوتين أن النواب المنتمين إلى الحزب الشيوعي الروسي هم وراء المشروع الذي صوّت عليه الدوما بأكثرية ساحقة، أول من أمس، وأنه «لا ينوي الاستجابة» له، مضيفاً أن موضوع الدونباس يتعين أن يجد حلاً له في إطار اتفاقيات مينسك التي تنص على أن الجمهوريتين الانفصاليتين ستبقيان داخل السيادة الأوكرانية.
وحذر وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، روسيا، في كلمة له في البرلمان، ليل أول من أمس، من الإقدام على خطوة من هذا النوع، معتبراً أنها ستعد «عدواناً غير مسلح وتفكيكاً بغير واسطة السلاح لوحدة أوكرانيا» فضلاً عن أنها «تشكل مساساً بسيادتها»، مضيفاً أن الأولوية اليوم يجب أن تتركز على «وضع حد لديناميكية التصعيد».
جاءت الدعوة البرلمانية الروسية للاعتراف بالجمهوريتين الانفصاليتين لتضيف عاملاً جديداً على مشكلة بالغة التعقيد فيما التركيز الغربي والدولي منصب بالدرجة الأولى على متابعة وتقييم الأنباء التي تشير إلى بدء تراجع بعض القوات الروسية، بعد انتهاء مناوراتها، على الحدود الشرقية لأوكرانيا أو على شبه جزيرة القرم. ورغم الحذر الذي يلف المواقف الغربية بما فيها المواقف الفرنسية، فإن باريس تبدو الأكثر «تفاؤلاً».
وفيما توافق الرئيسان الفرنسي والأميركي، في رابع اتصال هاتفي بينهما في الأيام القليلة الماضية على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الخطوات الروسية واعتبارها «إشارة أولى مشجعة» يتعين التحقق منها، رأت المصادر الرئاسية أنها تحل بعد أسبوع على زيارة ماكرون لموسكو، وأنها تحمل «بعضاً من الأسباب للأمل»، حيث يمكن اعتبارها «بداية لنزع فتيل التصعيد». ورغم أن باريس ترى أن هناك «ديناميكية يتعين التحقق منها وتمتينها باعتبار أن الأمور ما زالت هشة»، وأن «أموراً كثيرة ما زالت ممكنة بالنظر لضخامة الحشود العسكرية الروسية»، فإنها في الوقت عينه أخذت تركز على الاستحقاقات المقبلة التي من شأنها أن توصل إلى الخروج من الأزمة، والتي طرحها ماكرون في موسكو على نظيره الروسي وتلخص بثلاثة: احتواء التصعيد العسكري على حدود أوكرانيا، وإحياء المفاوضات الخاصة بمنطقة الدونباس في إطار آلية أو «صيغة نورماندي» وإطلاق مفاوضات أوسع بخصوص مسألة الأمن في أوروبا.
واعتبرت باريس أن المحادثات التي أجراها المستشار الألماني أولاف شولتز في موسكو جاءت «امتداداً» و«استكمالاً» لتلك التي قام به ماكرون، مؤكدة تواصل المشاورات التي يقوم بها الأخير مع جميع الأطراف المعنية بالأزمة الأوكرانية، وآخر ما قام به اتصاله، أمس، بالرئيس الصيني شي جين بينغ.
وبحسب البيان الصادر عن قصر الإليزيه، فإن ماكرون وبينغ «توافقا على الحاجة لمواصلة الجهود لخفض التوترات والتوصل إلى حلول من خلال الحوار». وأعرب الرئيس الصيني عن تمسك بلاده بتنفيذ اتفاقيات مينسك. وإزاء التنديد الغربي بالحشد العسكري الروسي حول أوكرانيا، التزمت الصين موقفاً مغايراً ولم يصدر عنها أي كلام يعد مسيئاً لروسيا أو للرئيس بوتين الذي أبرم اتفاقيات استراتيجية مع شي جين بينغ خلال زيارته الأخيرة لبكين، بمناسبة افتتاح الألعاب الأولمبية.
وتعتبر باريس أن الوقت قد حان للبدء بالحديث عن كيفية الخروج من الأزمة الراهنة والآليات التي يمكن أن تفضي إلى ذلك. وأكثر من مرة، نفت مصادر رئاسية عالية المستوى أن تكون فرنسا قد طرحت حلاً يقوم على استنساخ «النموذج الفنلندي» للالتفاف على مأزق انضمام أوكرانيا إلى الحلف الأطلسي، الأمر الذي ترفضه روسيا رفضاً مطلقاً. لكن يبدو أن ما طرح على بوتين وما سهل بدء تراجع التصعيد ليس بعيداً كثيراً عن هذا الطرح. ففي المؤتمر الصحافي المشترك مع شولتز، قال بوتين إن الغربيين أعلموه أن أوكرانيا «لن تنضم للحلف الأطلسي في المدى القريب». لكنه أضاف أن أمراً كهذا غير كافٍ وأنه يريد «تسوية» هذه المسألة اليوم وبشكل كامل. ولخّص شولتز هذا الأمر بقوله، في المؤتمر الصحافي نفسه، إنه «يتعين علينا أن نتوصل إلى تسوية من غير أن يتخلى كل طرف عن مبادئه».
وتقول مصادر الإليزيه إنه «لم يحن الوقت للقول إننا خرجنا من الأزمة، وإن مخاطر اندلاع نزاع قد ابتعدت، ولذا علينا أن نكون حذرين، وأن نستمر في العمل والبقاء على تواصل مع الجميع». لكنها تضيف: «نحن نرى أن الأسس التي طرحناها في موسكو هي التي تجعلنا نأمل اليوم في التوصل لحل للأزمة». ووفق هذه الرؤية، فإن الخروج من الأزمة «يتعين أن يبدأ في مكان ما»، وإن نقطة الانطلاق تتمثل في خفض الانتشار العسكري الروسي وتطويق أوكرانيا. وتضيف المصادر الفرنسية أن هناك استحقاقاً بالغ الأهمية هو الوعد الذي قدمه بوتين لـماكرون بأن يسحب قواته من بيلاروسيا حال انتهاء التدريبات العسكرية. وواضح أن أمراً كهذا من شأنه إراحة الأجواء وتخفيف الاحتقان ويفتح الباب واسعاً للدبلوماسية، وستكون نتيجته تسهيل العودة إلى المحادثات الرباعية في إطار «آلية نورماندي»، رغم الإخفاق الذي واجهها في اجتماعها الأخير في برلين. وتضم هذه الآلية فرنسا وألمانيا وروسيا وأوكرانيا وقد عقدت مؤخراً اجتماعين؛ الأول في باريس والآخر في العاصمة الألمانية. إلا أن الطرف الروسي تمسك بضرورة أن تتفاوض كييف مباشرة مع الانفصاليين في الدونباس، وهو ما رفضته أوكرانيا بشكل قاطع. أما الشق الثالث من الخطة الفرنسية والمتعلق بـ«الهندسة الأمنية» المطلوبة لأوروبا، فإنها مسألة بالغة التعقيد ولا يمكن الخوض فيها قبل أن تكون الأطراف المعنية قد توصلت إلى تصور ما لوضع أوكرانيا.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».