دراسة على الأطفال: الثقة تأتي من الاعتراف بما لا نعرفه

طفل يقوم بحل واجباته المنزلية خلال الإغلاق المرتبط بفيروس كورونا (رويترز)
طفل يقوم بحل واجباته المنزلية خلال الإغلاق المرتبط بفيروس كورونا (رويترز)
TT

دراسة على الأطفال: الثقة تأتي من الاعتراف بما لا نعرفه

طفل يقوم بحل واجباته المنزلية خلال الإغلاق المرتبط بفيروس كورونا (رويترز)
طفل يقوم بحل واجباته المنزلية خلال الإغلاق المرتبط بفيروس كورونا (رويترز)

في مشهد علمي متغير باستمرار، هل يعتبر التواصل بثقة تامة أفضل طريقة لكسب ثقة الجمهور؟ يشير بحث جديد إلى أنه، في كثير من الحالات، يثق الناس بأولئك الذين هم على استعداد لقول «لا أعرف»، وفقاً لتقرير لصحيفة «ذا كونفيرسيشن».
ودرس علماء النفس نشوء ما يسمى «الثقة المعرفية» في مرحلة الطفولة - أي الثقة في أن شخصاً ما هو مصدر معلومات موثوق به وواعٍ. يتعلم الأطفال الوثوق بمقدمي الرعاية لأسباب أخرى - تتشكل روابط التعلق على أساس الحب والرعاية المستمرة.
ولكن، من الوقت الذي يبلغ فيه الأطفال 3 أو 4 سنوات، يبدأون أيضاً في الوثوق بالناس بناءً على ما يدعون أنهم يعرفونه. بعبارة أخرى، منذ وقت مبكر من الحياة، تفصل أذهاننا بين نوع الثقة المرتبطة بالحب والرعاية والثقة التي نحتاجها للحصول على معلومات موثوقة ودقيقة تساعدنا في التعرف على العالم.
* مراقبة الثقة في المختبر
عادة ما يلتقي الأطفال بأشخاص ويتعلمون الحقائق منهم - شخص واحد يبدو واثقاً والآخر يبدو غير مؤكد. لا يزال الأطفال في الدراسة في مرحلة ما قبل المدرسة، لذلك استخدم الباحثون «دروساً» بسيطة مناسبة للفئة العمرية، وغالباً ما تتضمن تعليم الأطفال مفردات جديدة. وقاموا بتنويع الخصائص المرتبطة بـ«المعلمين» لمشاهدة كيف يستجيب الأطفال بشكل مختلف.
على سبيل المثال، وجد العلماء في المختبر أن نشاط دماغ الأطفال يستجيب للاختلافات في النبرة بين الثقة وعدم اليقين. إذا علمت طفلاً يبلغ من العمر 4 سنوات كلمة جديدة بثقة، فسوف يتعلمها من مرة واحدة. لكن إذا قلت «حسناً، لست متأكداً، أعتقد أن هذا يسمى (...)، يتغير شيء ما».
يُظهر النشاط الكهربائي في الدماغ أن الأطفال يتذكرون الحدث ويتعلمون الكلمة عندما يعلمهم شخص ما بثقة. عندما يتواصل شخص ما مع عدم اليقين، فإن الطفل يتذكر الحدث ولكن لا يتعلم الكلمة.
إذا قال المتحدث إنه غير متأكد، فيمكن أن يساعد ذلك المستمع في الواقع على فصل ذاكرة شيء معين سمعه من الحقائق التي يعتقد أنه يجب أن تكون معروفة على نطاق واسع.

* آثار الاعتراف بعدم اليقين
بالإضافة إلى تكوين انطباعات دقيقة في ذاكرتك، فإن عدم اليقين الذي يتم توصيله يساعدك أيضاً على التعرف على الحالات غير المؤكدة بطبيعتها. انتقال المرض هو أحد هذه الحالات.
يُظهر بحثنا أنه حتى الأطفال في سن الخامسة يتعلمون عن البيانات غير المؤكدة بشكل أفضل من شخص يعبر عن عدم اليقين هذا بشكل صريح من شخص واثق من أن الأشياء ستعمل دائماً بنفس الطريقة.
* الثقة الزائدة مضرّة
تظهر الدراسات أعلاه أن عدم اليقين الذي يتم توصيله بشكل مناسب يمكن أن يؤثر على الثقة على المدى القصير. لكن التواصل الوبائي، على سبيل المثال، معقد بشكل أساسي لأنه لا يمكن لأحد التنبؤ بالمعلومات التي ستتغير في المستقبل. فما هو الأفضل على المدى الطويل - الاعتراف بما لا تعرفه، أو إظهار الثقة في المعلومات التي قد تتغير؟
في دراسة حديثة، أظهر الخبراء أنه على المدى الطويل، عندما يكون لديك فرصة للخطأ، فإن الثقة الزائدة تنطوي على مخاطر. شاهدت مجموعة من الأطفال في سن 4 سنوات شخصاً بالغاً اعترف بأنه لا يعرف أسماء الأشياء الشائعة: كرة، كتاب، فنجان. شاهدت مجموعة أخرى شخصاً بالغاً ادعى أنه يعرف أسماء الأشياء ولكنه أخطأ في فهمها - على سبيل المثال، وصف الكرة بـ«حذاء».
عندما اعترف البالغ بالجهل، كان الأطفال في سن الرابعة على استعداد لمواصلة تعلم كل أنواع الأشياء منه، حتى المزيد من الكلمات. ولكن عندما كان الشخص البالغ واثقاً من نفسه وغير دقيق، فقد كل مصداقيته.

* الحفاظ على الثقة بقول «لا أعرف»
الدرس المستفاد من البحث هو أن التحدث بثقة عن المعلومات التي من المحتمل أن تتغير يمثل تهديداً أكبر لكسب الثقة من التعبير عن عدم اليقين. عندما يسن مسؤولو الصحة سياسة بثقة في وقت واحد، ثم ينفذون بثقة سياسة مختلفة، بل متناقضة، فيما بعد، فإنهم يتصرفون مثل «المخبرين غير الموثوق بهم»، وفقاً للعلماء في الدراسة.
وفيما يرتبط بالتواصل الخاص بالصحة العامة، يظهر هدفان: الأول هو حث الناس على التصرف بسرعة واتباع أفضل الممارسات بناءً على ما هو معروف الآن. والثاني هو اكتساب ثقة الجمهور المستمرة وطويلة الأمد بحيث عند الحاجة إلى اتخاذ إجراء سريع، يؤمن الناس بأنهم يفعلون الشيء الصحيح باتباع الإرشادات. والخطاب المصمم لنقل اليقين على أمل كسب امتثال واسع النطاق قد يأتي بنتائج عكسية إذا كان يخاطر برهن ثقة الجمهور على المدى الطويل.


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

الذكاء الاصطناعي يكشف عن أولى علامات سرطان الثدي

تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)
تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)
TT

الذكاء الاصطناعي يكشف عن أولى علامات سرطان الثدي

تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)
تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)

أظهرت طريقة فحص جديدة تجمع بين التحليل بالليزر والذكاء الاصطناعي إمكانية التعرف على أولى علامات الإصابة بسرطان الثدي؛ ما قد يُسهم في تحديد الإصابة في مرحلة مبكرة جداً من المرض.

وتكشف التقنية غير الجراحية التي طوّرها فريقٌ من الباحثين من جامعة إدنبرة بالتعاون مع عددٍ من باحثي الجامعات الآيرلندية، عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من المرض، التي لا يمكن اكتشافها بالاختبارات الحالية، وفق الفريق البحثي.

وقال الدكتور آندي داونز، من كلية الهندسة في جامعة إدنبرة، الذي قاد الدراسة: «تحدث معظم الوفيات الناجمة عن السرطان بعد تشخيصٍ متأخرٍ بعد ظهور الأعراض، لذلك يمكن لاختبارٍ جديدٍ لأنواع متعدّدة من السرطان أن يكتشف هذه الحالات في مرحلة يُمكن علاجها بسهولة أكبر».

وأضاف في بيان، الجمعة، أن «التشخيص المبكّر هو مفتاح البقاء على قيد الحياة على المدى الطويل، وأخيراً لدينا التكنولوجيا المطلوبة. نحتاج فقط إلى تطبيقها على أنواع أخرى من السرطان وبناءِ قاعدة بيانات، قبل أن يمكن استخدامها بوصفها اختباراً لكثيرٍ من الأورام».

ويقول الباحثون إن طريقتهم الجديدة تُعدّ الأولى من نوعها، ويمكن أن تحسّن الكشف المبكر عن المرض ومراقبته وتمهد الطريق لاختبار فحص لأشكال أخرى من السرطان.

نتائجُ الدراسة التي نشرتها مجلة «بيوفوتونيكس» اعتمدت على توفير عيّنات الدم المستخدمة في الدراسة من قِبَل «بنك آيرلندا الشمالية للأنسجة» و«بنك برِيست كانسر ناو للأنسجة».

ويُمكن أن تشمل الاختبارات القياسية لسرطان الثدي الفحص البدني أو الأشعة السينية أو الموجات فوق الصوتية أو تحليل عينة من أنسجة الثدي، المعروفة باسم الخزعة.

وتعتمد استراتيجيات الكشف المبكّر الحالية على فحص الأشخاص بناءً على أعمارهم أو ما إذا كانوا في مجموعات معرّضة للخطر.

باستخدام الطريقة الجديدة، تمكّن الباحثون من اكتشاف سرطان الثدي في أقرب مرحلة ممكنة من خلال تحسين تقنية التحليل بالليزر، المعروفة باسم مطيافية «رامان»، ودمجها مع تقنيات التعلّم الآلي، وهو شكلٌ من أشكال الذكاء الاصطناعي.

وقد جُرّبت طرق مماثلة لفحص أنواع أخرى من السرطان، ولكن أقرب وقت يمكن أن يُكتشف فيه المرض كان في المرحلة الثانية، كما يقول الباحثون.

وتعمل التقنية الجديدة عن طريق تسليط شعاع الليزر أولاً على بلازما الدم المأخوذة من المرضى. ومن ثَمّ تُحلّل خصائص الضوء بعد تفاعله مع الدم باستخدام جهازٍ يُسمّى مطياف «رامان» للكشف عن تغييرات طفيفة في التركيب الكيميائي للخلايا والأنسجة، التي تُعدّ مؤشرات مبكّرة للمرض. وتُستخدم بعد ذلك خوارزمية التعلم الآلي لتفسير النتائج، وتحديد السمات المتشابهة والمساعدة في تصنيف العينات.

في الدراسة التجريبية التي شملت 12 عينة من مرضى سرطان الثدي و12 فرداً آخرين ضمن المجموعة الضابطة، كانت التقنية فعّالة بنسبة 98 في المائة في تحديد سرطان الثدي في مرحلة مبكرة جداً من مراحل الإصابة به.

ويقول الباحثون إن الاختبار يمكن أن يميّز أيضاً بين كلّ من الأنواع الفرعية الأربعة الرئيسة لسرطان الثدي بدقة تزيد على 90 في المائة، مما قد يُمكّن المرضى من تلقي علاج أكثر فاعلية وأكثر شخصية، بما يُناسب ظروف كل مريض على حدة.