في حين تم الاعتراف بالإنترنت كمجال حربي من معظم القوى العسكرية في العالم، لا تزال أجهزة الكمبيوتر أقل قدرة بكثير على قتل الناس من الأسلحة والمدفعية.
وحسب شبكة «سكاي نيوز» البريطانية، فمنذ عام 2014 الذي شهد الإطاحة بالرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش، وقيام القوات المدعومة من روسيا بضم شبه جزيرة القرم، تسببت الهجمات الروسية على أوكرانيا في إلحاق الأذى بالمدنيين بشكل متكرر، من إطلاق النار على طائرة الخطوط الجوية الماليزية MH17 إلى هجوم NotPetya الإلكتروني الذي خرج عن نطاق السيطرة وتسبب في أضرار بالمليارات -بما في ذلك في روسيا نفسها.
وبينما تكثر الإشارات المتضاربة حول استعدادات روسيا لغزو أوكرانيا، يتوقع البعض أن تشن روسيا حربها على أوكرانيا إلكترونياً، في حين أن البعض الآخر يشير إلى أن الهجمات السيبرانية الروسية على أوكرانيا ستكون «مجرد جانب من جوانب الغزو الروسي».
الحرب الإلكترونية
قال كياران مارتن، الأستاذ في جامعة «أكسفورد» والرئيس التنفيذي السابق للمركز الوطني للأمن السيبراني في المملكة المتحدة: «إذا قمت بالتحدث مع المواطنين الأوكرانيين، فسيخبرونك بأنهم كانوا في حالة حرب مع روسيا منذ سنوات. هذا صحيح. وقد كان الإنترنت بُعداً في ذلك».
وأضاف: «لقد كانت هناك مضايقات رقمية روسية مستمرة لأوكرانيا منذ عام 2014، منها انقطاعان للتيار الكهربائي في كييف في عامي 2015 و2016، وتعطيل الخدمات الحكومية عبر الإنترنت، واستهداف الجيش الأوكراني سيبرانياً لأغراض استخبارية».
وتابع: «في الحقيقة، على مدى السنوات السبع أو الثماني الماضية، واجهت أوكرانيا عدواناً إلكترونياً أكبر من أي دولة أخرى على وجه الأرض. وإذا وقع بالفعل غزو روسي لأوكرانيا فيمكننا توقع زيادة طفيفة في النشاط السيبراني العدواني أيضاً. لكنّ هذا النشاط لن يرقى إلى مستوى «حرب إلكترونية». ليس هناك حقاً أي شيء من هذا القبيل. سيكون هناك بُعد إلكتروني لحرب حقيقية، وليست حرباً إلكترونية».
تاريخ من التدخل
كان لا بد من فرز الأصوات في أول انتخابات رئاسية في أوكرانيا بعد الغزو الروسي للقرم «يدوياً» بعد أن حذف متسللون روس ملفات مهمة في نظام الانتخابات المركزي في البلاد.
ونشر المتسللون البيانات عبر الإنترنت كجزء من عملية الاختراق، وفي ذلك الوقت وصفت لجنة الانتخابات الحادث بأنه «مجرد عنصر واحد في حرب المعلومات التي تجري ضد دولتنا».
وفي العام التالي، وتحديداً في ديسمبر (كانون الأول) 2015، أدى اختراق شبكة كهرباء في أوكرانيا إلى إيقاف إمدادات الطاقة لأكثر من 200 ألف شخص لمدة تصل إلى ست ساعات.
بالإضافة إلى ذلك، تسبب هجوم آخر أكثر تعقيداً في عام 2016 في انقطاع التيار الكهربائي في العاصمة كييف.
أما عام 2017، ففي يوم 27 يونيو (حزيران)، عشية الاحتفال بيوم الدستور الوطني الأوكراني، قام قراصنة، قالت المملكة المتحدة إنهم من الجيش الروسي بشكل «شبه مؤكد»، بوضع برمجيات خبيثة في برامج المحاسبة التي يستخدمها معظم المؤسسات الحكومية والمالية في أوكرانيا.
وكان لدى هذه البرمجيات الخبيثة القدرة على الانتشار من شبكة كومبيوتر إلى أخرى، وقد انتشرت بالفعل كالنار في الهشيم دون أن يتمكن المتسللون الذين صمموها من توجيهها لإلحاق الضرر بشبكات معينة.
وقد وصلت هذه الأزمة إلى نظام مراقبة الإشعاع في تشيرنوبيل، والذي تم تعطيله أيضاً، كما أثّر على الشركات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في روسيا، وتسبب في أضرار بأكثر من 10 مليارات دولار، وفقاً لتقييم البيت الأبيض.
ومن المحتمل أن تكون هذه البرمجيات الضارة كامنة حالياً في الأجهزة والشبكات الحكومية في جميع أنحاء أوكرانيا، على الرغم من أنه من غير المحتمل أن تتسبب في نفس الضرر الذي حدث في عام 2017.
ماذا نتوقع؟
أعلنت السلطات الأوكرانية مساء أمس (الثلاثاء)، استهداف الكثير من المواقع العسكرية الأوكرانية الرسمية ومصرفين حكوميين بهجوم إلكتروني.
وتوقع الكثير من الخبراء أن ما حدث هو مجرد بداية لهجمات إلكترونية أوسع.
وقال مايك ماكليلان، مدير شركة «Secureworks» للأمن السيبراني: «ما رأيناه حتى الآن من هجمات إلكترونية ليس مفاجئاً. ومع ذلك، إذا قررت روسيا الشروع في عمل عسكري ضد أوكرانيا، فإننا نتوقع رؤية المزيد من العمليات الإلكترونية وربما أكثر عدوانية».
وأضاف: «من الصعب في هذه المرحلة توقع تفاصيل هذه العمليات، لكنها قد تشمل تعطيل الاتصالات والبنية التحتية الحيوية، بهدف إحداث ارتباك بين السكان الأوكرانيين».
ومن جهته، توقع جون هولتكويست، نائب مدير شركة «مانديانت» للأمن السيبراني، ازدياد النشاط الإلكتروني العدواني في أوكرانيا وسط تدهور الوضع مع روسيا، مشيراً إلى أنه في هذه الحالة لن تقتصر الهجمات السيبرانية على الأهداف الأوكرانية أو القطاع العام، بل ستطال كل مجال ومنزل في أوكرانيا.