بات يام المحاذية ليافا بؤرة اعتداءات على العرب

مجموعات متطرفة تحظى بدعم مسؤولي البلدية

سيارات محترقة وأبنية متضررة إثر مواجهات بين عرب ويهود في إسرائيل مايو الماضي (رويترز)
سيارات محترقة وأبنية متضررة إثر مواجهات بين عرب ويهود في إسرائيل مايو الماضي (رويترز)
TT

بات يام المحاذية ليافا بؤرة اعتداءات على العرب

سيارات محترقة وأبنية متضررة إثر مواجهات بين عرب ويهود في إسرائيل مايو الماضي (رويترز)
سيارات محترقة وأبنية متضررة إثر مواجهات بين عرب ويهود في إسرائيل مايو الماضي (رويترز)

كشفت حركة سلمية في تل أبيب تدعى «جمعية الكتلة الديمقراطية»، عن وجود عدة مجموعات يمينية متطرفة في مدينة بات يام، المحاذية لمدينة يافا الساحلية، تخطط بشكل منهجي، لاعتداءات دامية على مواطنين عرب من السكان أو العمال فيها، وتحظى بدعم مسؤولين في البلدية وفي الساحة السياسية اليهودية.
وقالت الجمعية إن عدة أماكن بالمدينة أعطيت فيها السنة الأخيرة، دروس في التوراة لمؤسسي «لاهفاه» (وهي أيضاً يمينية متطرفة وعنيفة، تتخصص في ملاحقة الشبان العرب الذين يتنزهون في المدن اليهودية بغرض الزواج من بنات يهوديات)، بنتسي غوفنشتاين وميخائيل بن آري، وتم أيضاً إحياء ذكرى مئير كهانا، مؤسس الحركة العاملة على تطهير الدولة العبرية من العرب، الذي نفذ أتباعه عمليات إرهاب قاسية ضد الفلسطينيين.
وأعطى أحد قادتهم البارزين، الراباي إلياهو نيتف، دروساً في التوراة بالمدينة، تحتوي على مضامين تتناول موضوع العرب، فيسميهم «عربوشيم»، وفي أحد الدروس سمع وهو يتساءل: «لماذا طلبت سارة من أبينا إبراهيم طرد هاجر وإسماعيل؟». وأجاب: «عندما يقتضي الأمر فصل الشر عن الخير فلا تجب الرحمة. يجب الفصل كلياً، وبشكل واضح. فإذا كان إسماعيل سيضر بإسحق، فيجب ألا يبقى هنا. كل شيء يمكن أن يخرب الأمور الجيدة في العالم، يجب عدم الإبقاء عليه».
والمعروف أن عدد سكان بات يام، 128 ألف نسمة، بينهم 900 مواطن عربي من فلسطينيي 48. ولكن عرباً كثيرين يدخلونها كل يوم. فهناك حوانيت ومطاعم عربية وغالبية عمال البناء، عرب، بعضهم من الضفة الغربية. وقد اشتهرت في أحداث شهر مايو (أيار)، عندما خرج الألوف من مواطني إسرائيل العرب، يتظاهرون احتجاجاً على المساس بالمسجد الأقصى وبحي الشيخ جراح في القدس تضامناً مع أهل غزة الذين تعرضوا لعملية حربية. وخرجت مجموعة من اليهود العنصريين المتطرفين إلى الشوارع، في عدة مدن مختلطة وراحوا «يصطادون» عرباً لضربهم. ونفذوا عدة جرائم اعتداء دامية. وقام متطرفون عرب أيضاً بالرد بالطريقة نفسها.
وفي بات يام وقعت أول عملية اعتداء على العرب في تلك الأيام، برز فيها الاعتداء على المواطن اليافاوي، سعيد موسى، الذي نجا بأعجوبة من أيديهم ولا يزال يعاني من آثار الاعتداء. وقد حاول في الأسبوع الماضي الانتحار، بسب كوابيس الاعتداء وتقاعس السلطات في تقديم ما يحتاج إليه من علاج.
ومن بين المتهمين العشرة البالغين الذين شاركوا في الاعتداء، سبعة منهم كانوا من سكان المدينة. ورغم ذلك، في مناسبات مختلفة ادعت قيادة المدينة، أن مظاهر العنف ليست سمة خاصة بالمدينة، وعبرت في محادثات غير رسمية مع موظفي البلدية وبينهم شخصيات رفيعة، عن تخوفها، من أن هذه الأحداث هي نتيجة عملية طويلة من التطرف بالمدينة.
ولم تتوقف الاعتداءات في هذه المدينة، حتى بعد هدنة الحرب. وفي شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، اعتدت مجموعة أخرى على شابين عربيين في حديقة أشكول بالمدينة، كانا برفقة فتاتين يهوديتين. وكتب أحدهم، ينيف شبتاي (24 سنة) في رسالة لأحد أصدقائه: «العدو العربي يشتري شققاً بشكل كبير في المدينة، ورويداً رويداً ستصبح بات يام محتلة. أضيفوا إلى ذلك كارثة الاندماج التي يجلبونها معهم إلى المدينة، والكارثة ستكون تحت أنفنا».
وقد اعتقل شبتاي سوية مع شريكين له، هما يارون سوخر ويونتان ميزر، بتهمة القيام بضرب العربيين باللكمات، وطعن أحدهما بالسكين في رأسه، مع أنه مريض بضمور العضلات ويتحرك فقط بكرسي متحرك، ثم حاولوا إطلاق النار على رأسه بمسدس بدائي كان يحمله، فأخطأه وأصاب ساق إحدى الفتاتين.
وقال مصدر رفيع في بلدية بات يام، في حديث مع صحيفة «هآرتس»، أمس، إن «مجموعات المتطرفين بالمدينة جاءت من تلك المدارس التي يتربون فيها على العداء. يوجد هنا سكان جيدون وتوجد علاقات صداقة بين اليهود والعرب. ولكن توجد أيضاً كراهية تراكمت في أعقاب جميع العمليات الإرهابية. للأسف الشديد، يوجد من يهتم بتسميم الآبار بدلاً من التعايش».
وأكدت الصحيفة أنه «يوجد في المدينة نشطاء من (القوة اليهودية)، وأعضاء من حركة (كهانا) السابقة، وأعضاء من (لاهفاه) أكثر مما يوجد في أماكن أخرى». واقتبست الصحيفة ناشطاً يمينياً في المدينة، هو شلومو كنزي، موظف البلدية الذي يعد نفسه بشكل صريح أنه من أتباع كهانا، وتم توثيقه أثناء الفتك بموسى، فأعلن عن «افتتاح كنيس باسم (أسود البلاد)، أب وابنه، الحاخام يئير والحاخام بنيامين زئيف كهانا». وقد تحول الكنيس إلى بؤرة للتربية على كره العرب وشرعية الاعتداء عليهم.



مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

هيمن كل من الحرب في غزة، وملف «سد النهضة» الإثيوبي على تقييمات سياسيين وبرلمانيين مصريين، بشأن انعكاس نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية على مصر، إذ شاعت نبرة غير متفائلة حيال مستقبل هذين الملفين سواء في عهدة الجمهوري دونالد ترمب، أو منافسته الديمقراطية كامالا هاريس اللذين يصعب توقع الفائز منهما.

وبدا تحفظ رسمي مصري بشأن شخص الرئيس الأميركي المفضل لدى الدولة المصرية، فيما قال مصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «الرهان على رجل أو سيدة البيت الأبيض المقبل كان من بين أسئلة وجهها برلمانيون مصريون إلى مسؤول في وزارة الخارجية المصرية، داخل مجلس النواب قبل أيام، إلا أنه لم يرد بشكل حاسم».

ويختار الأميركيون رئيسهم الـ47 بين الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترمب، في نهاية حملة ترافقت مع توتر إقليمي بمنطقة الشرق الأوسط، يراه محللون عاملاً مهماً في الترتيبات المستقبلية لحسابات مصر.

ولا يرى دبلوماسيون مصريون، ومن بينهم محمد العرابي رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق «خياراً مفضلاً للمصالح المصرية» بين أي من هاريس أو ترمب.

ويرى العرابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «جوانب إيجابية وسلبية لدى كلا المرشحين، بشأن معادلة العلاقات مع مصر وحرب غزة».

فيما لا يكترث المفكر السياسي والدبلوماسي المصري السابق مصطفى الفقي، بالفروق الضئيلة بين حظوظ ترمب وهاريس، ويرى أنهما «وجهان لعملة واحدة في السياسة الأميركية، وهو الدعم المطلق لإسرائيل»، وفق وصفه لـ«الشرق الأوسط».

وإلى جانب الاقتناع بالدعم الأميركي المطلق لإسرائيل، فإن هناك تبايناً آخر في ترجيحات البعض، إذ يعتقد رئيس حزب «الوفد» (ليبرالي) عبد السند يمامة أن «نجاح هاريس بسياساتها المعتدلة يصب في صالح السياسة الخارجية المصرية في ملف غزة».

في المقابل، يرجح رئيس حزب «التجمع» المصري (يسار) سيد عبد العال «اهتمام ترمب الأكبر بسرعة إنهاء الحرب في غزة»، موضحاً أن «مصالح مصر هي ما يحدد العلاقة مع الرئيس الأميركي المقبل».

وبالنسبة لوكيل المخابرات المصرية الأسبق اللواء محمد رشاد، فإن هناك انعكاسات خطيرة لفوز ترمب على «مصالح مصر فيما يخص ملف تهجير الفلسطينيين إلى سيناء».

ويعيد رشاد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، التذكير «بمشروع المرشح الجمهوري القديم لتوطين الفلسطينيين في سيناء، وهذا ضد مصر»، علماً بأن صهر ترمب وكبير مستشاريه السابق اقترح في مارس (آذار) إجلاء النازحين الفلسطينيين في غزة إلى صحراء النقب جنوب إسرائيل أو إلى مصر.

في المقابل، تبدو نبرة الثقة من برلمانيين مصريين في قدرة الدبلوماسية المصرية على التعامل مع أي مرشح فائز، خصوصاً في ملف حرب غزة.

ويقول وكيل لجنة الشؤون العربية في مجلس النواب المصري أيمن محسب، لـ«الشرق الأوسط» إن «القاهرة ستتعاطى بإيجابية مع أي فائز ينجح في وقف الحرب في غزة والتصعيد في المنطقة».

بينما يلفت عضو مجلس الشيوخ إيهاب الهرميل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «التواصل الدوري من مصر الرسمية مع أطراف في المعسكرين الحاكمين بأميركا، بشأن غزة وجهود الوساطة المصرية - القطرية».

وخلال الشهر الماضي، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اجتماعين منفصلين وفدين من مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين، ضما أعضاء من المعسكرين الديمقراطي والجمهوري، حيث تمت مناقشة جهود تجنب توسيع دائرة الصراع في المنطقة.

وبشأن نزاع «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا، يراهن متابعون على مساندة ترمب لمصر حال فوزه، بعدما أبدى اهتماماً لافتاً بالقضية في ولايته الأولى، واستضاف مفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، كما سبق أن حذّر الإثيوبيين عام 2020 من «تفجير مصر للسد، بعد أن ضاقت بها السبل لإيجاد حل سياسي للمشكلة».

لكنّ رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، يقول: «مصر لا تُعوّل على أحد، تتحرك من منطلق أنها دولة أفريقية مهمة في قارتها، وتحرص على مصالحها»، فيما يُذكّر وكيل الاستخبارات السابق بأن «ترمب لم يُحدث خرقاً في الملف» رغم اهتمامه به.

ومن بين رسائل دبلوماسية متعددة حملها آخر اتصال بين مصر وإدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، أعاد وزير الخارجية بدر عبد العاطي، الأحد الماضي، التأكيد لنظيره الأميركي أنتوني بلينكن، على أن «مصر لن تسمح لأي طرف بتهديد أمنها المائي».

سؤال وجّهه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري للمتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي

شعبياً، بدا أن المصريين لا يلقون اهتماماً كبيراً بالسباق الأميركي، وهو ما كشفته محدودية الردود على سؤال بشأن توقعات المرشح الأميركي الفائز، ضمن استطلاع أجراه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع للحكومة المصرية.

وبدت تباينات الآراء في الاستطلاع الذي نشر عبر «السوشيال ميديا»، إذ رأى أحد المعلقين أن هاريس الأقرب، في مقابل آخر رجح فوز ترمب. لكن المثير للاهتمام هو توقع أحد المستطلعين «فوز نتنياهو»، أو على حد قول أحد المصريين باللهجة العامية المصرية: «شالوا بايدن وجابوا ترمب أو هاريس... كده كده اتفقوا على حماية إسرائيل».