وفد أوروبي يتحدى الرئيس التونسي بزيارة البرلمان «المجمد»

أحزاب معارضة تقاضي سعيّد ورئيسة الحكومة بـ «سوء التصرف في المال العام»

جانب من مظاهرات ضد قرار حل المجلس الأعلى للقضاء الأسبوع الماضي وسط العاصمة (أ.ب)
جانب من مظاهرات ضد قرار حل المجلس الأعلى للقضاء الأسبوع الماضي وسط العاصمة (أ.ب)
TT
20

وفد أوروبي يتحدى الرئيس التونسي بزيارة البرلمان «المجمد»

جانب من مظاهرات ضد قرار حل المجلس الأعلى للقضاء الأسبوع الماضي وسط العاصمة (أ.ب)
جانب من مظاهرات ضد قرار حل المجلس الأعلى للقضاء الأسبوع الماضي وسط العاصمة (أ.ب)

يستعد البرلمان التونسي المجمد، برئاسة راشد الغنوشي، لاستقبال وفد برلماني أوروبي رفيع المستوى، سيزور البلاد قريباً، للمشاركة في جلسة برلمانية عامة، في خطوة عدَّها مراقبون تحدياً واضحاً للرئيس قيس سعيد.
وسيلتقي الوفد الأوروبي عدداً من المسؤولين التونسيين والفاعلين السياسيين، ومن بينهم رئيس المجلس وبعض النواب، مما سيضاعف الضغوط على الرئيس سعيد الذي اتخذ منذ 25 من يوليو (تموز) الماضي قرارات، اعتبرها منتقدوه مثيرة للجدل، ومن أبرزها إقالة حكومة هشام المشيشي، وتجميد مؤسسة البرلمان المنتخب، ورفع الحصانة عن أعضاء البرلمان، إضافة إلى حل المجلس الأعلى للقضاء المنتخب، وتعويضه بمجلس مؤقت.
وقال ماهر مذيوب، النائب البرلماني، ومساعد رئيس البرلمان المكلف الإعلام، أن رئاسة البرلمان «تعرب عن تقديرها للعلاقة الوطيدة التي تربط البرلمان التونسي بالبرلمان الأوروبي، وكل البرلمانات الديمقراطية»؛ مؤكداً أن رئاسة البرلمان المجمد «ترحب بزيارة هذا الوفد التي تندرج في إطار تعزيز العلاقات بين تونس والاتحاد الأوروبي، الذي دعم تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس خلال السنوات العشر الماضية». كما أوضح أن أعمال البرلمان التونسي المجمد تخضع لنظامه الداخلي، وأن جلساته العامة، سواء كانت حضورية أو عن بعد، مفتوحة فقط لأعضائه.
على صعيد متصل، أعربت وزارة الخارجية الأميركية، عن «قلقها» إزاء قرار حل المجلس الأعلى للقضاء، وفق بيان نشرته سفارة الولايات المتحدة بتونس على صفحتها الرسمية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي أمس.
وقال نيد برايس، المتحدث باسم الخارجية الأميركية: «إننا نشعر بالقلق إزاء قرار الرئيس التونسي قيس سعيّد حل المجلس الأعلى للقضاء. وقد انضممنا الأسبوع الماضي إلى شركائنا الذين نتقاسم معهم المواقف ذاتها، للتأكيد على أن القضاء المستقل عنصر أساسي لديمقراطية فعالة وشفافة».
وكان الرئيس سعيد قد دعا الأربعاء الماضي بعض الدول والمنظمات التي انتقدت قرار حل المجلس الأعلى للقضاء، إلى «الانتباه» لمواقفها قائلاً: «يساورنا القلق من قلقهم؛ لأننا دولة ذات سيادة، ونعرف التوازنات الدولية والمعاهدات والاتفاقيات أكثر مما يعرفونها، ونحن ملتزمون بفكرة الحرية والديمقراطية والعدالة».
في السياق ذاته، كان جوزيف بوريل، مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمن، قد كشف عن اقتراحات لوقف المساعدات المالية الموجهة لتونس، على خلفية تطورات المشهد السياسي، بعد قرار الرئيس حل المجلس الأعلى للقضاء، وقد تكون زيارة وفد البرلمان الأوروبي -حسب مراقبين- مندرجة في إطار الاطلاع عن كثب على الوضع السياسي في تونس، والوقوف على مختلف وجهات النظر، والاستماع لأكثر من طرف سياسي وحقوقي بهذا الخصوص.
وطالب بوريل في حوار تلفزيوني بثته قناة «تي في 5» الفرنسية، السلطات التونسية، بشدة، بالعودة إلى الوضع الديمقراطي الطبيعي، قائلاً: «نحن منشغلون جداً بالأحداث في تونس، وبصدد اتخاذ قرار بوقف صرف أجزاء من مساعدات مالية كانت مقررة لتونس»، على حد تعبيره.
يُذكر أن راشد الغنوشي، رئيس البرلمان المجمد، وجَّه بمناسبة جلسة الاحتفال بذكرى توقيع دستور 2014، دعوات للنواب، ونائبة المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والأمين العام للاتحاد البرلماني العربي، والأمين العام للاتحاد البرلماني الدولي، رغم قرار تجميد أعمال البرلمان من طرف الرئيس سعيد.
لكن الحزب «الدستوري الحر» (معارض) الذي ترأسه عبير موسي، طالب بـ«حل البرلمان المجمد منذ الصيف الماضي، وإنهاء صفة الغنوشي كرئيس له، ووضع حد لتحركاته الحثيثة لعقد جلسات عامة، وإصدار بيانات باسم المجلس». كما دعا إلى «ضرورة اتخاذ السلطة التنفيذية بشكل فوري مجموعة من الإجراءات، بالتوازي مع المسار القضائي الذي انطلق ضد الغنوشي وتنظيمه».
كما دعا الحزب إلى إدراج الغنوشي ضمن «قائمة الأشخاص والتنظيمات المرتبطة بالجرائم الإرهابية، والسماح بتجميد الأموال التي بحوزتهم، ومنع التدفقات المالية من الخارج تحت غطاء العمل الخيري والاجتماعي»، مشدداً على الإسراع بإجراء تدقيق شامل في القروض والهبات والتحويلات المالية التي تمت منذ 2011 حتى اليوم، والتأكد من سلامتها القانونية.
من ناحية أخرى، من المنتظر أن تصدر الدائرة الجناحية السادسة بالمحكمة الابتدائية بتونس أحكاماً قضائية، في 21 من فبراير (شباط) الحالي، في ملفات سياسيين أحيلوا على القضاء بتهمة ارتكاب جرائم تتعلق بمخالفات القانون الانتخابي سنة 2019.
وتشمل القائمة الرئيس السابق المنصف المرزوقي، وحمادي الجبالي رئيس الحكومة السابق والقيادي السابق في حركة «النهضة»، وسلمى اللومي، والهاشمي الحامدي.
وكانت المحكمة نفسها قد قررت في 14 من هذا الشهر، التمديد في المفاوضة، للتصريح بأحكامها القضائية.
في غضون ذلك، تقدمت ثلاثة أحزاب من المعارضة أمس بدعوى قضائية ضد رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيسة الحكومة نجلاء بودن، وثلاثة وزراء لاتهامهم بسوء استخدام المال العام.
وأعلن حزب التيار الديمقراطي، والحزب الجمهوري، وحزب التكتل من أجل العمل والحريات عن تقديم الدعوى لدى محكمة المحاسبات للإعلام بجرائم سوء تصرف في المال العام وتجاوز السلطة، وسوء استعمال النفوذ ومخالفة الإجراءات الادارية.
وتأتي الدعوة وفق ما جاء في بيان للأحزاب الثلاثة «على خلفية غلق مقرات مجلس نواب الشعب والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ومتحف باردو بدون وجه حق ومنع الأعوان والموظفين بها من مباشرة عملهم مع المواصلة بدفع أجورهم».
وإلى جانب الرئيس تشمل الدعوى القضائية رئيسة الحكومة نجلاء بودن، ووزيرة المالية سهام بوغديري، ووزير الداخلية توفيق شرف الدين، ووزيرة الثقافة حياة قطاط القرمازي.



تكتُّم حوثي على الخسائر وتكثيف أميركي للضربات

مقاتلة أميركية تنطلق من على متن حاملة طائرات لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ب)
مقاتلة أميركية تنطلق من على متن حاملة طائرات لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ب)
TT
20

تكتُّم حوثي على الخسائر وتكثيف أميركي للضربات

مقاتلة أميركية تنطلق من على متن حاملة طائرات لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ب)
مقاتلة أميركية تنطلق من على متن حاملة طائرات لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ب)

في مستهل الأسبوع الثالث من الحملة الأميركية التي أمر بها الرئيس دونالد ترمب ضد الحوثيين، ضربت عشرات الغارات، ليل الجمعة- السبت، مواقع وثكنات محصنة ومستودعات أسلحة مفترضة في صنعاء والجوف وفي صعدة؛ حيث المعقل الرئيسي للجماعة، ضمن منحى تصاعدي للغارات التي طالت حتى الآن معظم المحافظات المختطفة في شمالي اليمن.

ومع اختفاء البيانات العسكرية الحوثية خلال اليومين الأخيرين، بخصوص تبنِّي هجمات جديدة ضد إسرائيل والقوات الأميركية في البحر الأحمر، لا تزال الجماعة المدعومة من إيران تتكتم على حجم خسائرها جرَّاء الغارات التي بلغت نحو 230 غارة جوية وبحرية خلال أسبوعين.

واعترف الإعلام الحوثي بتلقي 14 غارة على محيط مدينة صعدة، وبغارتين على مديرية سحار في محافظة صعدة، وادعت أن إحدى الغارات في محيط المدينة أدت إلى مقتل شخص وإصابة 4 آخرين بعد أن ضربت إحدى المزارع.

وفي محافظة الجوف (شمال شرقي صنعاء) أقرت الجماعة الحوثية باستقبال 8 غارات ضربت مواقع الجماعة في مديرية الحزم؛ حيث مركز المحافظة، دون الحديث عن الأضرار والخسائر.

أما في صنعاء، فقد استهدفت 8 غارات معسكر السواد في جنوبي المدينة؛ حيث يعتقد أن الضربات استهدفت مستودعات للأسلحة وثكنات ومخابئ للقيادة والسيطرة.

وفي حين لم يتحدث الجيش الأميركي عن طبيعة الأهداف المقصوفة ولا عدد الغارات، جاءت هذه الضربات بعد 44 غارة استهدفت صنعاء و5 محافظات يمنية، في ليل الخميس- الجمعة.

وتضاف الضربات إلى نحو ألف غارة وضربة بحرية أميركية وبريطانية استقبلتها الجماعة الحوثية في عهد الرئيس الأميركي جو بايدن، دون أن يحدَّ ذلك من قدرتها على الهجمات في البحر وباتجاه إسرائيل.

وكان ترمب قد أمر الجيش بتنفيذ حملة بدأت في 15 مارس (آذار) الحالي، ضد الحوثيين المدعومين من إيران، لإرغامهم على التوقف عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، وتوعدهم بـ«القوة المميتة» وبـ«القضاء عليهم تماماً»، دون تحديد سقف زمني لانتهاء الحملة.

وبينما تزعم الجماعة أنها تساند الفلسطينيين في غزة، كانت قد استأنفت هجماتها الصاروخية باتجاه إسرائيل منذ 17 مارس الحالي؛ حيث أطلقت نحو 9 صواريخ باليستية أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراضها جميعها دون أضرار.

لا نتائج حاسمة

وعلى الرغم من تصريحات إدارة ترمب بأن هذه الحملة ستكون مختلفة عما كانت عليه الحال في عهد إدارة بايدن، فلا تتوقع الحكومة اليمنية ولا المراقبون العسكريون نتائج حاسمة ضد الحوثيين، بسبب عدم وجود قوة على الأرض يمكنها إنهاء تهديد الجماعة بشكل نهائي.

ويرى مجلس القيادة الرئاسي اليمني أن الحل ليس في الضربات الأميركية لإنهاء التهديد الحوثي، وإنما في دعم القوات الحكومية على الأرض، وتمكينها من تحرير الحديدة وموانيها، وصولاً إلى صنعاء وصعدة، لاستعادة المؤسسات، وإنهاء الانقلاب على الشرعية.

الحوثيون يشيِّعون في صنعاء أحد عناصرهم القتلى (أ.ب)
الحوثيون يشيِّعون في صنعاء أحد عناصرهم القتلى (أ.ب)

ومنذ عودة الجماعة الحوثية للتصعيد، تبنَّت إطلاق 9 صواريخ باليستية باتجاه إسرائيل، كما تبنت مهاجمة القطع العسكرية الأميركية في شمالي البحر الأحمر، بما فيها حاملة الطائرات «ترومان» نحو 10 مرات، دون دلائل عن تأثير هذه الهجمات.

وبعد دخول الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس» حيز التنفيذ في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلنت الجماعة التوقف عن هجماتها البحرية ونحو إسرائيل، قبل أن تقفز مجدداً للانخراط في الصراع مع تعثر المرحلة الثانية من الهدنة.

وتقول الحكومة اليمنية إن هجمات الجماعة الحوثية لا تساند الفلسطينيين؛ بل تضرهم أكثر، متهمة إياها بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، والتهرب من استحقاقات السلام المتعثر.

ودخل الحوثيون على خط التصعيد بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأطلقوا نحو 200 صاروخ وطائرة مُسيَّرة تجاه إسرائيل، دون أن يكون لها أي تأثير عسكري، باستثناء مقتل شخص واحد في 19 يونيو (حزيران) الماضي، حينما انفجرت مُسيَّرة بإحدى الشقق في تل أبيب.

وتبنَّت الجماعة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، حتى بدء هدنة غزة، مهاجمة 211 سفينة، وأدَّت الهجمات إلى غرق سفينتين، وقرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، ومقتل 4 بحارة.