أعلنت «طالبان» (أمس) 15 فبراير (شباط) عطلة رسمية إحياءً لذكرى انسحاب القوات السوفياتية من أفغانستان، بعد 6 أشهر على إطاحة الحركة بالحكومة في كابل التي حظيت بدعم الولايات المتحدة. وبعدما غزا أفغانستان عشية عيد الميلاد عام 1979، انسحب الجيش الأحمر بعد عقد، وبعد خسارته نحو 15 ألف جندي خلال القتال ضد جهاديين دعمهم الغرب، ليترك وراءه حرباً أهلية، صعدت على إثرها «طالبان» إلى السلطة في ولايتها الأولى من العام 1996 حتى 2001. وباتت أفغانستان من بين أفقر دول العالم بعد نزاع استمر 40 عاماً فيما زجّت عودة «طالبان» إلى السلطة في 15 أغسطس (آب) بالبلاد في أتون أزمة إنسانية، تقول الأمم المتحدة إنها تهدد أكثر من نصف سكانها البالغ عددهم 38 مليوناً. وتظاهر آلاف في مدن أفغانية أمس احتجاجاً على قرار أصدره الرئيس الأميركي جو بايدن الأسبوع الماضي يسمح للولايات المتحدة بالتصرف بنصف الأصول الأفغانية المودعة في الخارج (نحو 3.5 مليار دولار) لتعويض ضحايا اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 التي نفّذها «تنظيم القاعدة»، ودفعت واشنطن إلى غزو أفغانستان في العام نفسه.
وقال رئيس رابطة المتعاملين بـ«فوريكس» مير أفغان صافي، لدى مشاركته في مسيرة بكابل: «إذا كان هناك من يريد التعويض، فهم الأفغان».
وأضاف: «دُمّر برجاهما، لكن جميع أحيائنا وبلدنا دمّرت». ووصفت «طالبان»، التي قالت إنها ترغب في علاقات جيّدة مع واشنطن بعد الانسحاب الأميركي في أغسطس، وضع اليد على الأصول بـ«السرقة». ويتفق كثير من الأفغان، بمن فيهم أولئك الذين هربوا من البلاد خوفاً من حكم «طالبان» المتشدد، مع هذا الموقف. وهتف بعض ضمن الحشد: «الموت لأميركا» و«الموت لجو بايدن».
وحذّرت «طالبان» في وقت متأخر أول من أمس من إمكان إعادة النظر في سياستها حيال واشنطن، في حال عدم الإفراج عن الأصول المجمّدة. وقال نائب الناطق باسم الحركة، في بيان: «لم تكن هناك علاقة بين هجمات 11 سبتمبر وأفغانستان». ولم تتضح ماهية ردّ طالبان، لكن سبق للحركة أن أشارت إلى أنها ستسمح لآلاف الأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة والقوى الغربية بمغادرة البلاد. وأدخل السوفيات قوانين منحت النساء حقوق التعليم والعمل والزواج، استفاد منها بشكل أساسي سكان المدن. واتخذت الولايات المتحدة إجراءات مشابهة على مدى العقدين الماضيين، لكن هذه الحقوق تقلّصت كثيراً منذ عودة الحركة الإسلامية المتطرفة إلى السلطة. ومُنعت النساء فعلياً من معظم الوظائف الحكومية، بينما أغلقت المدارس المخصصة للمراهقات في معظم أنحاء البلاد.
كما شنّت «طالبان» حملة أمنية ضد أي مظاهرات مناهضة لحكمها شملت اعتقال ناشطات، الأمر الذي أثار تنديدات شديدة من الأمم المتحدة ومجموعات حقوقية. وقال المحلل الأفغاني المقيم في المنفى أحمد سعيدي: «لم يكن الانسحاب السوفياتي إنجازاً، بل بداية أزمة». وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية: «تعيش أفغانستان مجدداً على حافة الفشل، فيما تزداد التحديات». وتابع أن «طالبان» أضاعت كثيراً من الوقت في الأشهر الستة منذ تسلمها السلطة. وقال أيضاً: «بسبب هذا الوضع، لم يتمكنوا من تشكيل حكومة جامعة. ويتوقع أن يفاقم ذلك الضغط عليهم داخل البلاد وخارجها». وبينما تبدو آثار الاحتلال بقيادة واشنطن جلية في شوارع كابل من الأسلحة التي استولت عليها «طالبان» عندما وصلت إلى السلطة، وصولاً إلى الحواجز الإسمنتية التي وضعت في مواجهة تمرّدها الذي استمر 20 عاماً، لا توجد مخلّفات كثيرة تذكّر بالحقبة السوفياتية. مع ذلك، يؤكد حياة الله أحمد زاي، الذي قاتل مع «المجاهدين» ضد موسكو، أن «طالبان» هي النتيجة المباشرة للغزو السوفياتي. وقال المقاتل السابق البالغ 74 عاماً لوكالة الصحافة الفرنسية إنه بعد مغادرة السوفيات «سادت الفوضى، الأمر الذي أدى إلى ولادة (طالبان)».
«طالبان» تعلن ذكرى انسحاب القوات السوفياتية عطلة رسمية
«طالبان» تعلن ذكرى انسحاب القوات السوفياتية عطلة رسمية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة