استبعاد زيباري يعيد دستور العراق وصلاحيات «الاتحادية» إلى دائرة الجدل

مطالبات بتعديلهما منعاً لتكرار الأزمات الحالية مستقبلاً

هوشيار زيباري بعد قرار المحكمة الاتحادية استبعاده من سباق رئاسة العراق أول من أمس (رويترز)
هوشيار زيباري بعد قرار المحكمة الاتحادية استبعاده من سباق رئاسة العراق أول من أمس (رويترز)
TT

استبعاد زيباري يعيد دستور العراق وصلاحيات «الاتحادية» إلى دائرة الجدل

هوشيار زيباري بعد قرار المحكمة الاتحادية استبعاده من سباق رئاسة العراق أول من أمس (رويترز)
هوشيار زيباري بعد قرار المحكمة الاتحادية استبعاده من سباق رئاسة العراق أول من أمس (رويترز)

حرك قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق استبعاد القيادي البارز في «الحزب الديمقراطي الكردستاني» هوشيار زيباري من سباق الترشح لمنصب رئيس الجمهورية في العراق المياه الراكدة طوال 17 عاماً بشأن تعديل الدستور. فالدستور العراقي الذي كان قد كتبه المنتصرون وصوت عليه المنتصرون الكبار آنذاك؛ الشيعة والكرد، عام 2005، حدد مدة 4 أشهر لغرض تعديل الدستور.
الشيعة والكرد الذين ربطهم تحالف «تاريخي» مثلما ظلوا يسمونه لنحو عقد من الزمان بعد إسقاط نظام صدام حسين عام 2003، حاولوا عبر المادة «142» الخاصة بتعديل الدستور إرضاء العرب السنة الذين لم يكن لهم دور بسبب هامشيتهم في زمن المعارضة في كتابة الدستور. وبإرادة مشتركة شيعية - كردية جرى تمرير الدستور رغم كل الألغام التي زرعت في مواده والتي بدأت تنفجر في وجه من ثبتها، ومنها الفيدرالية التي فرضها الكرد، ورفضها العرب السنة، بينما قبلها الشيعة على مضض مقابل مواد أخرى بدت لصالحهم. كما أن شرط موافقة ثلثي سكان ثلاث محافظات لتمرير الدستور بدا في وقته كأنه محاولة من الوفد الكردي المشارك في كتابة الدستور لضمان حقوقهم عبر رفض محافظاتهم أي صيغة لا ترضيهم.
العرب السنة الذين كانوا من أشد المعارضين لكتابة الدستور الحالي وضعت لإرضائهم المادة «142» الخاصة بتعديل الدستور في غضون 4 أشهر من التصويت عليه. ومع مضي الزمن حيث بدأت تتكرس السلطات، خصوصاً طريقة تقاسم المناصب والمواقع الحكومية وأساليب توزيعها؛ مرة على المكونات، ومرة طبقاً للاستحقاق الانتخابي، فقد بقيت المادة الخاصة بتعديل الدستور جامدة إلى اليوم بعد مرور 17 عاماً على التصويت على الدستور.
وحيث إن العرب السنة هددوا بعدم التصويت على الدستور مستفيدين من المادة الخاصة بأغلبية ثلثي سكان ثلاث محافظات، فإنهم بدأوا خلال السنوات الأخيرة يحيون ما كانوا رفضوه بشدة آنذاك، وهي الفيدرالية التي صوت عليها الشيعة والكرد، بينما رفضها السنة بوصفها مقدمة لتقسيم العراق. ولأن ألغام الدستور دائمة الانفجار؛ مرة في وجه من كتب تلك المواد وأصر عليها، ومرة في وجه من هو ضحية لها، فإنها وصلت أخيراً إلى المرحلة التي بات يشعر فيها الجميع؛ وفي مقدمتهم رئيس السلطة القضائية القاضي فائق زيدان، رئيس مجلس القضاء الأعلى، بضرورة قيام البرلمان الحالي بتعديل الدستور. ففي مقال له، نشره أمس الاثنين، كتب القاضي الأول في العراق أن «مجلس النواب أمام مسؤولية تاريخية وواجب وطني يتمثل بضرورة العمل على تعديل المواد الدستورية، لا سيما تلك التي هي ليست خلافية؛ وإنما قابلة لإعادة الصياغة بشكل يضمن عدم دخول البلد في حالة خرق أو فراغ دستوري مستقبلاً». وأضاف زيدان أن ذلك يتحقق «باعتماد المبدأ الوارد في المادة (59) من الدستور بأن يتحقق نصاب انعقاد جلسات مجلس النواب بحضور الأغلبية المطلقة لعدد أعضائه وتتخذ القرارات بالأغلبية البسيطة بعد تحقق النصاب، وسريان هذا المبدأ بشكل عام بدون النص على (أغلبية ثلثي عدد أعضاء المجلس) أينما وردت في الدستور». كما دعا زيدان إلى «ضرورة تعديل المادة (76) والنص على مبدأ واضح غير قابل للاجتهاد بأن يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة أو القائمة الفائزة في الانتخابات بتشكيل مجلس الوزراء في نفس جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بعد استكمال إجراءات انتخابه دستورياً، وهذا يحسم الجدل المستمر منذ سنة 2010 وإلى الآن فيما لو تمت صياغة النص بشكل دقيق وواضح في الدستور».
تأتي مقترحات القاضي زيدان بعد أن وصلت البلاد إلى حالة من «الانسداد السياسي» التام حيث تعطل بشكل شبه تام أحد الاستحقاقات المهملة دستورياً، وهو انتخاب رئيس جديد للجمهورية. فرغم الخلاف الكردي - الكردي على منصب الرئيس، حيث إن كلاً من الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان («الديمقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني») يرى أن المنصب من حصته، فإن المشكلة الكبرى باتت في كيفية تمرير الرئيس في ضوء قرار المحكمة الاتحادية الخاص بحصول المرشح لمنصب الرئيس على أغلبية ثلثي عدد أعضاء البرلمان عند تحقق النصاب. كما تضاعفت المشكلة حين قررت المحكمة الاتحادية أول من أمس استبعاد هوشيار زيباري من الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، حيث بدأت الأوساط السياسية والقانونية تتداول إمكانية تعديل سلطات المحكمة الاتحادية التي هي باتة ومطلقة وغير قابلة للنقض، وهو ما يراه كثيرون إرادة لا تملك أي سلطة وضعية امتلاكها مهما كانت طبيعة الأعضاء المنتمين لها.
الخبير القانوني أمير الدعمي يقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن «الدعوات الخاصة بتعديل الدستور في هذه المرحلة باتت تستدعي بالفعل إجراءات عملية لتعديل الدستور من منطلق أن المحكمة الاتحادية العليا بدأت تتجه نحو عرف دستوري جديد على صعيد تفسير مواد الدستور المختلفة»، مبيناً أن «الإبهام الذي تعانيه المواد الدستورية وعدم وضوحها هو ما بات يجعل المحكمة الاتحادية تذهب بهذا الاتجاه، وقد تكون تختلف حتى عن النص الدستوري، ولكنها تفسر طبقاً لرؤية معينة من قبل المحكمة الاتحادية، مما يجعلنا نعيش دوامة أزمات».
وأوضح أن «المشكلة هي أن هناك من يستفيد من وجود هذا الإبهام في الدستور وهذه الدوامة التي نعيشها بين فترة وأخرى؛ لأنه يفسره على هواه». وأكد الدعمي أن «صلاحيات المحكمة الاتحادية باتة وملزمة لكل السلطات وفق المادة (94) من الدستور. والواقع أننا بتنا الآن نحتاج إلى تعديل لنصوص المحكمة الاتحادية؛ لأنها في حال استمرت بهذه الطريقة فإنها يمكن أن تتقاطع مع الدستور أحياناً».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.