جندي إسرائيلي يعترف بمصادرة سيارة مواطن فلسطيني

قتل رجلاً وتسبب لابنه بالإعاقة

TT

جندي إسرائيلي يعترف بمصادرة سيارة مواطن فلسطيني

اعترف جندي إسرائيلي، أمس الاثنين، بأنه صادر سيارة فلسطينية واستخدمها لأغراضه الشخصية وخلال ذلك قتل مواطناً فلسطينياً وأصاب نجله بصورة قاسية، ولكنه دافع عن نفسه بالقول إن «مصادرة السيارات الفلسطينية ظاهرة يمارسها الجيش الإسرائيلي باستمرار».
وقال الجندي، الذي حظرت المحكمة العسكرية في بيت ليد، نشر هويته وسمحت باستخدام الحرف الأول من اسمه، «ي»، إن قادة الجيش، يعرفون أن كثيراً من الجنود يصادرون سيارات فلسطينية ولا يقدمون إلى المحاكمة، وأنه هو الوحيد الذي يحاكم لـسباب لا يعرفها. واعتبر وفاة الفلسطيني مجرد حادث طرق غير مقصود، وليس جريمة قتل كما يدعي الفلسطينيون.
وكانت هذه الحادثة قد وقعت في صيف عام 2020 عندما رابط الجندي على حاجز قرب بلدة ترمس عيا، ما بين نابلس ورام الله، مع قوة من وحدة المستوطنين المتدينين العسكرية. ووصلت إلى الحاجز سيارة يقودها فلسطيني، فوجد أنها «مشطوبة»، أي من دون تراخيص، فصادرها. ولكنه بدلاً من تسليم السيارة إلى السلطات المسؤولة عن التراخيص، أبقاها معه. وبانتهاء ورديته أخذها إلى بيته وصار يستخدمها يومياً، ونقل فيها عدداً من زملائه الجنود والضباط. وبعد عدة شهور، وتحديداً في شهر ديسمبر (كانون الأول) من السنة ذاتها، قاد السيارة بطريقة منفلتة العقال، فاصطدم بسيارة كان فيها مصطفى عرعرة ونجله ماجد. ونتيجة الحادث أصيب هو بجروح خفيفة، بينما أصيب الفلسطينيان بجراح قاسية، فقتل مصطفى وتحول ماجد إلى إنسان معوق.
وقد وجهت النيابة العسكرية إلى الجندي، تهمة التسبب بمقتل شخص وسرقة سيارة. وفي جلسة المحكمة، أمس، اتبع الجندي خط دفاع جديداً يركز فيه على أنه لم يخرج عن قاعدة عمل بقية الجنود وحتى الضباط، الذين يصادرون سيارات فلسطينية ويستخدمونها لأغراض شخصية، وأنه لا يفهم لماذا قرروا محاكمته هو بالذات من دون الجنود الآخرين.
وكان محامي الدفاع عن الجندي، قد أرفق بالدعوى، أمس، نص تقرير داخلي في قيادة الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، أعده العقيد عيران أولئيل، يؤكد فيه أن هناك ظاهرة في الجيش لمصادرة السيارات واستخدامها لأغراض شخصية. كما ظهر في المحكمة الرائد «م»، الذي أكد وجود هذه الظاهرة. وهذا الرائد، كما تبين في المحكمة، هو من جنود الاحتلال الذين شاركوا في الدورية التي قتل فيها المواطن الفلسطيني الأميركي عمر أسعد قبل شهر وتمت إقالته من الوحدة.
ومن اللافت أن القاضي شاحر غرينبرغ، وهو ضابط برتبة عقيد، اقترح على الطرفين، التوصل إلى اتفاق حل وسط. لكن المحامي رفض وقال إن من يجب أن يحاكم ليس الجندي، بل الضباط الذين سمحوا بانتشار هذه الظاهرة.
وهاجم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، أمس، أولئك الذين يحتاجون إلى قوانين وبراهين على أن قتل المسن عمر أسعد كان خطأ. وقال: «هذه عملية غير إنسانية وغير أخلاقية، يجب التحقيق فيها والخروج باستنتاجات تضع حداً لعمليات كهذه».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».