مواجهات في «الشيخ جراح» بعد افتتاح نائب متطرف مكتباً فيه

الرئاسة الفلسطيني توجه لدعم الأهالي... و{حماس} و{الجهاد} تحذران تل أبيب

صدامات بين فلسطينيين ومتطرفين يهود في القدس الشرقية الأحد (وفا)
صدامات بين فلسطينيين ومتطرفين يهود في القدس الشرقية الأحد (وفا)
TT
20

مواجهات في «الشيخ جراح» بعد افتتاح نائب متطرف مكتباً فيه

صدامات بين فلسطينيين ومتطرفين يهود في القدس الشرقية الأحد (وفا)
صدامات بين فلسطينيين ومتطرفين يهود في القدس الشرقية الأحد (وفا)

تفجرت مواجهات جديدة في حي الشيخ جراح في القدس هي الأعنف بين الفلسطينيين، وقوات الشرطة ومستوطنين منذ عدة شهور، على خلفية افتتاح عضو الكنيست المتطرف ايتمار بن غفير، مكتبا برلمانيا له في أحد منازل الحي، في خطوة قالت الرئاسة الفلسطينية إنها ستواجهها، وحذرت معها حركتا حماس والجهاد تل أبيب «من اللعب بالنار».
واشتبك فلسطينيون مع قوات إسرائيلية ومستوطنين، طيلة يوم أمس، وليلة السبت/ الأحد، مستخدمين الأيادي والحجارة والزجاجات والكراسي، ما خلف مصابين وجرحى ومعتقلين.
وبدأ التوتر مع إعلان بن غفير مساء السبت، أنه سينقل مكتبه إلى حي الشيخ جراح وإلى منزل متنازع عليه في أرض عائلة سالم العربية، قبل أن يهب الفلسطينيون لحماية المنزل وتهاجمهم قوات الاحتلال ومستوطنون. واعتدت الشرطة على المقدسيين عدة مرات بالضرب والدفع، ورد متظاهرون اللكمات، في وقت كان يوجه لهم المستوطنون شتائم مستفزة، ثم تحولت ساحات الشوارع إلى أماكن للمواجهات شهدت عمليات هجوم على منازل وسيارات وتجمعات. وقال فلسطينيون، إن المستوطنين المتطرفين هاجموهم وهاجموا منازلهم وعائلاتهم، وقال المستوطنون العكس، زاعمين أن فلسطينيا دهس أحدهم قبل أن يقول أحدهم في إفادته، إنه تعرض لرذاذ الغاز، وفقد السيطرة على سيارته.
وعزز بن غفير، التوتر الأحد إلى أقصى حد، عندما فتح مكتبه في الحي مع حشد كبير من المستوطنين ودعم أكبر من قوة شرطية إسرائيلية قمعت أهالي المنطقة المحتجين.
وقالت الشرطة إنها صدت أعمال الشغب، بعد تجاهل تحذيرات الشرطة وأمر تفريق المظاهرة الذي أصدره ضابط شرطة في مكان الحادث. «واضطرت الشرطة إلى استخدام وسائل لتفريق المظاهرات»، وأعلنت عن اعتقالها متظاهرين.
أما بن غفير، فقال متحديا الفلسطينيين، إنه يفتتح مكتبه في منزل المواطن اليهودي طال يوشفاييف، دعما له في مواجهة الفلسطينيين وبعد أن تعرض منزله للحرق عدة مرات.
وادعى بن غفير أنه مستهدف وأنه جرى إطلاق النار على حي «جفعات هافوت» في كريات أربع حيث يسكن. ونشر النائب المتطرف، بياناً جاء فيه، أنه «يعتزم مساعدة السكان ومنحهم شيئاً من الأمن والدعم الذي لا يتلقونه من الدولة، وتأمين فرصة وصولهم بانتظام إلى المكتب البرلماني في الحي، لهذا الغرض، حيث سيستقبلهم بمساعدة من طاقم مكتبه». وأضاف «إذا لم تكن الشرطة موجودة - أنا سأكون هناك». وهذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها بن غفير افتتاح مكتبه في الحي، إذ حاول ذلك قبل حوالي 9 أشهر في خضم مواجهات متوترة في المكان، تسببت لاحقا باندلاع مواجهة عسكرية في قطاع غزة، وأجبر بن غفير آنذاك على إغلاق مكتبه تحت وطأة الغضب المتنامي.
ووجهت الرئاسة الفلسطينية بتقديم كل دعم ممكن لأهالي الشيخ جراح. وقال مستشار ديوان الرئاسة لشؤون القدس، أحمد الرويضي، إن حي الشيخ جراح لن يكون إلا فلسطينيا. مضيفا، أن «حكومة الاحتلال لا تتعامل مع الموضوع على أساس قانوني وإنما على أساس سياسي، وما يحدث في الشيخ جراح جريمة تستهدف أهل الحي والقدس بشكل عام، والمقصود دفع الناس إلى الخروج (من الحي) تحت حصار الخوف من المستوطنين».
وأكد الرويضي، أن تعليمات الرئيس لكل المسؤولين في القدس، أن يقفوا مع أهل الحي في محنتهم بهذه الجريمة التي ترتكب ضدهم، وأن الجميع مدرك خطورة ما يحدث وما يرتب وما يخطط له في محيط البلدة القديمة، بدءاً من الشيخ جراح وانتهاء ببلدة سلوان.
ولفت إلى وجود متابعة من أجل دعم أهالي الحي والقدس، وتوفير الحماية العاجلة لهم تجاه ما يحدث من اعتداءات تهدد حياتهم. وحمل الرويضي حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن النتائج المترتبة على هذا الاعتداء على الشيخ جراح. ودعا الرويضي المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى البدء في التحقيق الفعلي ضد هذه الجريمة وضد جرائم الاستيطان.
من جهته، اعتبرت الخارجية الفلسطينية، أن عجز المجتمع الدولي عن تنفيذ أي من القرارات الأممية بشأن القضية الفلسطينية، بات يشكل غطاء لدولة الاحتلال لتنفيذ المزيد من أطماعها الاستعمارية في أرض دولة فلسطين. وقالت الخارجية إن العدوان الإسرائيلي المتواصل على أحياء مدينة القدس ومقدساتها ومواطنيها، يهدف إلى أسرلة وتهويد المدينة المقدسة، وتغيير واقعها التاريخي والقانوني والديمغرافي.
ودعت الخارجية المجتمع الدولي ومجلس الأمن، لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لإجبار دولة الاحتلال على وقف استفرادها وتغولها على القدس، مؤكدة «أن التأخير غير المبرر في إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس، يشجع دولة الاحتلال على التمادي في تنفيذ مشاريعها التهويدية الاستعمارية في المدينة المقدسة».
أما حركتا حماس والجهاد، فقد حذرتا إسرائيل من دفع الثمن، وقالت حماس إن إسرائيل «تلعب بالنار تشتعل من أجلها كل فلسطين نصرة بكل ما تملك». وقالت حركة الجهاد الإسلامي، إن الأوضاع برمتها ستتفجر إذا بقي الاعتداء على أهالي الشيخ جراح.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.