إبّيّون يستخدمون الحمير للتنقل جراء أزمة وقود افتعلها الحوثيون

TT

إبّيّون يستخدمون الحمير للتنقل جراء أزمة وقود افتعلها الحوثيون

اضطر بعض سكان محافظة إب اليمنية (170 كلم جنوب صنعاء) إلى استخدام الحمير كوسيلة نقل خاصة ومهام أخرى كنقل البضائع والمياه وغيرها نتيجة ارتفاع كلفة النقل والمواصلات في المحافظة وجميع مديرياتها جراء افتعال الميليشيات الحوثية منذ أسابيع أزمة وقود قادت إلى شل الحياة العامة.
يأتي ذلك بالتزامن مع شكاوى عدة لمواطنين في صنعاء تفيد بأن الحال وصل بهم وغيرهم جراء تصاعد تلك الأزمة إلى المشي على الأقدام لمسافات طويلة لقضاء حوائجهم أو الذهاب إلى أعمالهم.
وفي هذا السياق، رصدت «الشرق الأوسط»، مشاهد تظهر مواطنين وسط مدينة إب ذات الكثافة السكانية المرتفعة وهم يتنقلون بواسطة الحمير بينما بدت معظم شوارع المدينة شبه خالية من السيارات والمركبات وحافلات النقل إلا ما ندر بسبب انعدام الوقود في المحطات الرسمية وتوفرها بأسعار خيالية في السوق السوداء التي يديرها قادة الميليشيات.
وأفاد «عدنان» أحد السكان من إب، اضطر لاستخدام الحمار كوسيلة نقل خاصة بأن الحمير باتت اليوم وسيلة وحيدة يستطيع عبرها التنقل لقضاء حاجياته وأسرته المكونة من 5 إناث وولدين وتقطن منزلاً يقع وسط المدينة.
وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أنه لجأ مضطراً لاستقدام حمار من قريته التي تبعد عن مركز المحافظة بمسافة 30 كيلومتراً، بعد أن لاقى مشقة وتعباً كبيرين لحظة التنقل يومياً مشياً على الأقدام لشراء متطلبات أسرته من مياه شرب وغذاء وغيرها.
وأوضح أن وسيلة تنقله الجديدة خففت عنه كثيراً من المعاناة التي افتعلتها سلطات الانقلاب الحوثية. مشيراً إلى استعانته بحماره في التنقل وتوفير الكثير من الأشياء له ولأسرته منها مياه الشرب النظيفة التي يجلبها يومياً على ظهره من أحد المساجد.
وأفاد بأنه ليس الشخص الوحيد الذي أجبر بسبب فساد وعبث وأزمات الحوثيين على العودة لاستخدام الأشياء التقليدية والقديمة كوسائل بديلة؛ إذ إن العشرات إن لم يكونوا مئات من الناس في إب ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة باتوا يستخدمون الحمير لإنجاز مهامهم عوضاً عن وسائل النقل الحديثة.
وتوقع بأنه في حال استمرت الأزمة سيلجأ الناس في إب ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة لشراء الحمير واستخدامها في النقل المواصلات والنقل. مشيراً إلى أن أسعار الحمير ارتفعت مؤخراً في إب بسبب تصاعد أزمة المشتقات ووصلت إلى ما بين 85 ألفاً، و100 ألف ريال (الدولار يساوي 600 ريال).
وقال: «إن حافلة النقل الصغيرة التي كان يعمل عليها لجلب الرزق لعائلته قبل اندلاع الأزمة الحالية لا تزال منذ أسبوعين مركونة أمام منزله على أمل وقوع انفراجة ويعاد ضخ كميات من المحروقات للمحطات الرسمية».
وفي ظل ما يعانيه سكان محافظة إب ومدن رئيسية أخرى تحت سيطرة الميليشيات من توقف شبه تام في الحركة وارتفاع أجور النقل والمواصلات ومختلف السلع الأخرى وغياب لأغلب الخدمات، تحدث سكان في صنعاء العاصمة عن أن الأزمة الحالية ضاعفت من معاناتهم إلى درجة تفوق سابقاتها من الأزمات الأخرى.
وقبل فترة اتهم يمنيون الميليشيات الانقلابية، بإخفاء كميات ضخمة من الوقود في مخازن سرية تابعة لها، لغرض الاتجار بها وبيعها في السوق السوداء بأسعار مرتفعة، وشل الحياة العامة بشكل شبه كلي، وفي مقدمها حركة المواصلات والنقل الداخلي في صنعاء العاصمة، وبقية المدن تحت سيطرة الجماعة.
وشكا عدد من سائقي حافلات الأجرة في صنعاء، بوقت سابق من عودة أزمة الوقود، وأكدوا أن الطوابير الطويلة للمركبات التي عادت مجدداً إلى محطات الوقود في صنعاء لم يحصل أصحابها حتى اللحظة على الوقود، بسبب استمرار إغلاق أبوابها، وزعم ملاكها نفاد ما بحوزتهم من كميات.
وتطرقوا بحديثهم مع «الشرق الأوسط» إلى معاناتهم وكثير من زملائهم العاملين بتلك المهنة، جراء بحثهم الشاق عن الوقود لكن دون جدوى؛ مشيرين إلى أن غالبيتهم اضطروا لإيقاف مركباتهم والجلوس في منازلهم، أملاً أن تشهد الأيام المقبلة انفراجة لتلك الأزمة المفتعلة.
واتهم السائقون الميليشيات بالوقوف وراء افتعال الأزمة، وغيرها من الأزمات السابقة، لأسباب عدة، منها إنعاش السوق السوداء، وبيع الوقود بغية كسب مزيد من الأموال، دعماً لجبهات القتال.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».