شرودر... مستشار ألمانيا الأسبق الذي أصبح «عبئاً» بسبب علاقاته مع روسيا

المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر
المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر
TT

شرودر... مستشار ألمانيا الأسبق الذي أصبح «عبئاً» بسبب علاقاته مع روسيا

المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر
المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر

غضت ألمانيا النظر على مدى سنوات عن علاقة مستشارها الأسبق غيرهارد شرودر، بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتعاملاته المالية المربحة مع روسيا.
لكن في ظل المخاوف من غزو روسي محتمل لأوكرانيا والشكوك السائدة حيال موقف ألمانيا الباهت، يُنظر بشكل متزايد إلى شرودر على أنه عبء على المستشار الجديد المنتمي إلى «الحزب الاشتراكي الديمقراطي» الذي ينتمي إليه أيضاً أولاف شولتس، ما يغذي المطالبات بقطع العلاقة مع المسؤول السابق الداعم بنشاط للكرملين، حسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وانعكس الأمر في مقال لمجلة «دير شبيغل» الأسبوعية التي كتبت: «شرودر عبء على السياسة الخارجية الألمانية وعلى حزبه السابق... لديه أهداف واضحة. لا لبلاده، بل لنفسه».
وقوبل تحذير شرودر لأوكرانيا أخيراً بالتوقف عن «عرض قوتها» بصدمة واسعة في ألمانيا، حتى في أوساط الشخصيات المقربة تاريخياً له ضمن صفوف الحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار وسط).
وترافق ذلك مع إعلان الأسبوع الماضي بأن شرودر (77 عاماً) سيتولى مقعداً في مجلس إدارة مجموعة «غازبروم» الروسية العملاقة للطاقة، بينما كشفت تقارير أنه عقد الشهر الماضي محادثات بشأن روسيا مع مسؤول في وزارة الداخلية ينتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
يأتي الجدل في فترة محرجة لشولتس الذي يواجه اختباراً مهماً الأسبوع المقبل عندما يتوجه إلى موسكو لعقد أول محادثات مباشرة مع بوتين منذ توليه السلطة.
واتهم شولتس بالبطء في التدخل في السجال الدبلوماسي المرتبط بأزمة أوكرانيا، فيما اعتبرت رسالة ألمانيا غامضة بشأن وقوفها صفاً واحداً مع حلفائها ضد التهديد الروسي.
وتحت ضغط الولايات المتحدة وحلفاء آخرين، شدد شولتس أخيراً موقفه حيال روسيا إذا غزت أوكرانيا، وتحدث عن عقوبات تشمل وقف خط أنابيب غاز «نورد ستريم 2» التابع لـ«غازبروم» إذا غزت أوكرانيا.
وكان شرودر الذي شغل منصب المستشار من عام 1998 وحتى 2005، من أقر أول خط أنابيب «نورد ستريم» بين روسيا وألمانيا في أسابيعه الأخيرة في المنصب. واليوم يترأس لجنة أصحاب الأسهم في شركة «نورد ستريم». كما أنه رئيس مجلس إدارة شركة «روسنفت» الروسية العملاقة للنفط.
ونفى شولتس في مقابلة تلفزيونية أي تأثير لشرودر عليه قبيل زيارته لموسكو.
وقال «لم أطلب منه أي نصيحة ولم يعطني هو كذلك أي نصيحة... هناك مستشار واحد فقط هو أنا». وقالت المحللة السياسية أورسولا موينش، إن بوتين وشرودر أقاما على ما يبدو «صداقة حقيقية مبنية على الثقة» عندما كان المستشار السابق في السلطة.
وأضافت: «إنها مشكلة عندما يستغل مستشار سابق نشاطاته السياسية الماضية وعلاقاته لجني المال». ودافع الحزب الاشتراكي الديمقراطي تاريخياً عن إقامة علاقات وثيقة مع روسيا، وهو موقف جاء نتيجة استراتيجية «أوستبوليتيك» للتقارب والحوار مع الاتحاد السوفياتي، التي وضعها المستشار الأسبق المنتمي إلى الحزب فيلي برانت في سبعينات القرن الماضي.
وواصل المستشارون المتعاقبون هذه السياسة لكن بدرجات متفاوتة، بمن فيهم المستشارة السابقة أنجيلا ميركل (يمين وسط) التي ركزت على الفوائد الاقتصادية للتعامل مع روسيا، في إطار استراتيجية عرفت بـ«فاندل دورش هاندل»، أي إحداث التغيير عبر التجارة.
لكن حتى في أوساط السياسيين الألمان المتعاطفين مع روسيا وشكواها التاريخية بشأن توسع حلف شمال الأطلسي، بدأ الصبر ينفد حيال شرودر الذي احتفل بعيد ميلاده السبعين مع بوتين في سان بطرسبرغ.
وقال العضو المخضرم في الحزب الاشتراكي الديمقراطي رودولف دريسلر لـ«دير شبيغل»، إن سلوك شرودر «مخجل» وحض قيادة الحزب على الطلب من شرودر تجنب التعليق على القضايا السياسية علناً.
ودعا سياسيون معارضون وأولئك المنتمون إلى شريك الحزب الاشتراكي الديمقراطي الأصغر في الائتلاف «الحزب الديمقراطي الحر» الليبرالي، إلى سحب ميزات شرودر التي يتمتع بها باعتباره مستشاراً سابقاً، بما في ذلك منحه مكتباً مع موظفين وسائق.
وأفاد النائب فولكر أولريش من حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، صحيفة «بيلد»، بأن على دافعي الضرائب الألمان أن يتوقفوا عن «تمويل جماعات الضغط من أجل روسيا»، مقترحاً أن تدفع «غازبروم» تكاليف شرودر.
وأفادت نائبة مدير مركز أبحاث «صندوق مارشال الألماني» في برلين سودها دفيفد - فيلب، بأن الضجة الأخيرة بشأن شرودر «تشتت الانتباه» في أزمة أوكرانيا ولا جديد فيها.
وقالت، «يعرف الجميع موقف شرودر ويعرف الجميع مصدر دخله».
وأضافت أن الأكثر إثارة للاهتمام هو الطريقة التي سيختار شولتس والحزب الاشتراكي الديمقراطي من خلالها إدارة العلاقات مع روسيا. وتابعت: «هل هناك تفاهم مفاده حالياً بأن (أوستوبوليتيك) أو (فاندر دورش هاندل) تحولا إلى فصل من الماضي؟ أنهما سيواصلان استخدام المعادلة ذاتها؟».



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.