تجمع ديني بالقاهرة يؤكد أهمية تعزيز قيم المواطنة

وزراء وعلماء من 41 دولة دعوا إلى «وقف التدخل في الشؤون الداخلية للدول»

جانب من فعاليات مؤتمر «عقد المواطنة» في القاهرة (وزارة الأوقاف المصرية)
جانب من فعاليات مؤتمر «عقد المواطنة» في القاهرة (وزارة الأوقاف المصرية)
TT

تجمع ديني بالقاهرة يؤكد أهمية تعزيز قيم المواطنة

جانب من فعاليات مؤتمر «عقد المواطنة» في القاهرة (وزارة الأوقاف المصرية)
جانب من فعاليات مؤتمر «عقد المواطنة» في القاهرة (وزارة الأوقاف المصرية)

أكد تجمع ديني في القاهرة «أهمية تحقيق السلم المجتمعي، وتعزيز ثقافة قبول الآخر، وتعزيز قيم المواطنة».
ودعا التجمع الذي شارك فيه وزراء وعلماء ومفتون وقادة رأي من 41 دولة إلى «وقف التدخل في الشؤون الداخلية للدول». وانطلقت في القاهرة، أمس، فعاليات مؤتمر «المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية» الثاني والثلاثين، بعنوان «عقد المواطنة وأثره في تحقيق السلام المجتمعي والعالمي»، برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وبرئاسة محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، نائباً عن مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري، وبحضور محمد الضويني وكيل الأزهر، نائباً عن أحمد الطيب شيخ الأزهر، وعبد اللطيف آل الشيخ، وزير الشؤون الدينية والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية، وعادل بن عبد الرحمن العسومي، رئيس البرلمان العربي. وقال وزير الأوقاف المصري إن «موضوع المؤتمر، هو موضوع تجديدي بامتياز، حيث يهدف إلى ترسيخ أسس المواطنة على المستوى الوطني، والإسهام في صنع السلام وترسيخ مفاهيم العيش الإنساني المشترك على المستويين الوطني والدولي، كما يهدف إلى ترسيخ وتعميق أسس الولاء والانتماء الوطني من منطلق أن مصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان، وأن الوطن لكل أبنائه، وهو بهم جميعاً، وأنهم متساوون في الحقوق والواجبات، بغض النظر عن اختلاف الدين أو اللون أو الجنس، ما يتطلب ترسيخ أسس التسامح الديني وقبول الآخر على حريته في اختيار معتقده وحقه في إقامة شعائر دينه، وبما يضمن – أيضاً – إنصاف المرأة، والعناية بالضعفاء والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال برامج الحماية الاجتماعية»... ويتضمن المؤتمر الذي يعقد على مدار يومين محاور «تطور مفهوم الدولة قديماً وحديثاً من منظور إنساني، ومشروعية الدولة الوطنية، وضوابط عقد المواطنة، وعقد المواطنة بين الحقوق والواجبات، والتسامح الديني، ومكانة المرأة في الدولة الوطنية، وعقد المواطنة والحماية الاجتماعية، وعقد المواطنة وأثره في تحقيق الأمن المجتمعي، والتزام عقد المواطنة وأثره في تحقيق السلام العالمي». فيما أضاف الضويني أن «تنمية ثقافة المواطنة لدى النشء ضرورة، تقع على عاتق المؤسسات التربوية والتثقيفية المسؤولة التي يجب أن تعنى بتأمين موقع متقدم للوطن بسواعد أبنائه»، مشيراً إلى أن «الأزهر يتطلع إلى إقامة المزيد من صلات التعاون بين سائر المؤسسات الدينية والثقافية والإعلامية في العالم؛ للعمل معاً على تأسيس مواطنة عالمية لا تطمس الهويات، ولا تلغي الخصوصيات، ولا تهدد المجتمعات».
من جهته، أشار وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالسعودية إلى أن «المؤتمر يزداد أهمية في ظل الظروف الراهنة التي تهدد عقد المواطنة لمجتمعاتنا العربية والإسلامية، وبروز (قوى ظلامية) تحاول هدم الكيان وزعزعة الاستقرار وتغوير الهوية الوطنية القائمة على وحدة الانتماء للدين والوطن»، موضحاً «أننا اليوم كمسؤولين في الشأن الإسلامي، يجب أن نقوم بدورنا الفاعل والمؤثر للتصدي والوقوف أمام الروافد والتدخلات في بلداننا العربية والإسلامية من قبل دول تُصدر الإرهاب، وتحاول تغيير معالم الهوية الوطنية في بلداننا لتصدير آيديولوجياتها القائمة على ثقافة القمع والعنف وتغيير الخارطة التاريخية لبلداننا العربية التي تعتز بعروبتها وإسلامها ومنهجها الشرعي الأصيل الذي يستمد قوته من التمسك بالثوابت الإسلامية التي تنمي ثقافة الاعتزاز بالوطن وصدق الانتماء إليه». وتابع: «أقولها وبكل تجرد وصدق، إن الواجب الشرعي الذي يجب أن نقوم به ليكون التاريخ شاهداً لنا، هو التصدي بخطابنا الدعوي والإرشادي لكل المنظمات و(الجماعات المتطرفة) التي تتخذ من السياسة وسيلة للوصول لأهدافها التخريبية».
وأكد وزير الشؤون الإسلامية بالسعودية أن «عقد المواطنة من جملة العقود التي رعاها الإسلام، وإبرازه في هذا المؤتمر عمل مبارك، لأنه لحقه من تأويل الجاهلين وانتحال المبطلين وعدوان المعتدين، ما سبّب خللاً في مفهومه عند بعض الناس، واختطف من قبل جماعات حزبية حرفت مساره، وغرست في الناشئة بعداً بينهم وبين أوطانهم وولاة أمرهم، ليكونوا أدوات تخريب لا إصلاح ومشاريع إفساد وفرقة وقتل وتخريب لأوطانهم، في مخالفة صريحة للنصوص الواضحة التي توجب رعاية العهد وحفظ حق المواطنة».
من جهته، قال العسومي إن «تحقيق المفهوم الشامل للمواطنة يتطلب العمل على منظومة متكاملة ذات أبعاد مختلفة؛ منها تشريعات وطنية وتثقيفية تمكن الأفراد من الانتقال إلى استيعاب المعنى الشامل لمفهوم المواطنة، وكذلك نشر خطاب ديني مستنير يناهض التطرف والغلو ويدعم حرية المواطنة والاعتقاد»، مشيراً إلى أن «تعزيز قيم المواطنة أصبح قضية أمن قومي بالدرجة الأولى، فهي السلاح الأقوى والأكثر فاعلية في مواجهة الفكر المتطرف ونبذ العنف والتعصب والكراهية والحفاظ على سلامة المجتمع وأمن واستقرار الدولة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.