قمع حوثي للفنانين وتكريس لثقافة القتل والكراهية

TT

قمع حوثي للفنانين وتكريس لثقافة القتل والكراهية

«لا حفلات موسيقية، ولا عروض مسرحية، ولا السماح بتمثيل مسلسلات تلفزيونية، أما السائد فهو التحريض في المدارس وفي وسائل الإعلام وفي المساجد على القتل والكراهية مع تخصيص المليارات من الريالات على حشد صغار السن وإغراء الفقراء بالحصول على رواتب شهرية إذا ما التحقوا بجبهات القتال» هكذا لخص أحد كبار الممثلين اليمنيين الوضع في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية وبالذات في العاصمة صنعاء المحتلة منذ نهاية عام 2014.
خلال حديث قصير يؤكد الممثل الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه ما زال في صنعاء ويخشى بطش الجماعة، أن الفنانين سواء أكانوا ممثلين أو غنائيين لا يستطيعون قول كلمة، فهم يعيشون في حصار مطبق، وحتى تمثيل المسلسلات لصالح شركات إنتاج يتعرض للمنع لأن الميليشيات الحوثية تطلب التزاماً من هذه الشركات ألا تبيع المسلسلات للمحطات التلفزيونية التي تعارض الانقلاب. وهذه المحطات التي تبث من الخارج هي الوحيدة التي تشتري المسلسلات المحلية، فيما يقوم الحوثيون بإنتاج مسلسلات طائفية خاصة بهم.
كان المسرح اليمني والفرق الفنية قد ازدهرت منذ منتصف السبعينات واقتحم الممثلون اليمنيون من الإناث والذكور ساحة الدراما في السنوات الأخيرة، لكن انقلاب ميلشيات الحوثي شكل ضربة كبيرة لهذا الفن وتطوره حسب ما يقوله أمين وهو أحد المنتجين القلائل، والذي يؤكد أن أمر إنتاج جلسة طرب مع فنانين في مناطق سيطرة الميليشيات يجعلك عرضة للعقاب والحبس كما حصل مؤخراً مع الفنان يوسف البدجي الذي كان يعمل على إنتاج جلسات غنائية لكن ميليشيات الحوثي داهمت منزله واعتقلته بتهمة العمل مع قناة تلفزيونية معارضة.
قبل هذه الحادثة بنحو أسبوع، داهمت عناصر ميليشيات الحوثي صالة أفراح في منطقة شملان غرب صنعاء واعتقلت الفنان الشاب أصيل علي، وأودعته السجن بتهمة الغناء بعد الساعة العاشرة ليلاً.
ومن قبله اعتقل الفنان المعروف فؤاد الكبسي ومنع من دخول مدينة الحديدة، ومثله حصل مع الفنان عبد الله الصعدي. قبل أن تنتقل الميليشيات إلى طور آخر من القمع وهو جمع توقيعات بالقوة من السكان في محافظات الحديدة وعمران وحجة والمحويت على عريضة تطالب بمنع الغناء في الأعراس، أما الحفلات العامة أو حفلات التخرج في الجامعات فقد منعت في كافة مناطق سيطرتها.
وتوجت الميليشيات قمعها للفنون بتعميم أصدره محافظ محافظة صنعاء موجه إلى مديري عموم المديريات ورؤساء المجالس المحلية أمرهم فيه بـ«الحد من ظاهرة الفنانين والفنانات في المناسبات والأعراس من خلال التوعية القرآنية للمجتمع»، ويعني ذلك منع إحضار عامة المجتمع الفنانين والفنانات في مناسباتهم الخاصة (الأعراس).
ومثل هذه الوثائق صدرت في محافظات عمران والحديدة وحجة والمحويت وفي المقابل كثفت الميليشيات من أنشطتها التعبوية الطائفية في المدارس والمساجد وفي الأرياف لحشد المزيد من المقاتلين وبالذات من صغار السن والمراهقين، كما تستغل حالة الفقر التي يعيشها السكان في الأرياف تحديداً وتعرض على الأسر راتباً شهرياً إلى جانب سلة غذائية شهرية إذا ما أرسلت أحد أبنائها للقتال معها.
ويقول المسؤولون في وزارة الثقافة اليمنية إن الكثير من الفنانين اليمنيين اضطروا إلى مغادرة مناطق سيطرة الميليشيات والاستقرار في بعض العواصم العربية حيث يحيون حفلات زفاف اليمنيين هناك، أو يشاركون في المهرجانات الفنية أو إحياء المناسبات الوطنية، بعد أن منعوا من الغناء وفرضت الميليشيات ما تسمى «الزوامل» وهي أناشيد حربية طائفية تمجد القتال وتحث عليه ويتم إلزام الإذاعات المحلية والمدارس على فتحها كل يوم بهدف مساعدتها على حشد مزيد من المقاتلين وتعويض الخسائر التي تتلقاها في معظم جبهات القتال.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.