منظمة حقوقية تجبر «الداخلية» العراقية على إعادة اعتقال أحد ضباطها

TT

منظمة حقوقية تجبر «الداخلية» العراقية على إعادة اعتقال أحد ضباطها

تنشغل الأوساط العراقية منذ أيام بقضية الضابط عمر نزار المتهم بأعمال قتل وانتهاكات جسيمة ضد موطنين مدنيين، سواء في مدينة الموصل خلال سيطرة تنظيم «داعش» عليها بعد عام 2014، أو في مدينة الناصرية خلال صعود موجة الاحتجاجات الشعبية عام 2019.
ورغم أن القضية تعود لسنوات مضت وقد قام وزير الداخلية الحالي عثمان الغانمي، طبقاً لكتاب رسمي متداول، بغلق ملف التحقيق مع نزار صيف العام الماضي، فإن منظمة «إنهاء الإفلات من العقاب» تمكنت من إعادة قضية القتل والانتهاكات التي مارسها الضابط نزار إلى الواجهة بقوة بعد أن عرضت قبل أيام أوراق التحقيق وشهادات ضباط وجنود في مجزرة جسر الزيتون التي ارتكبت ضد المتظاهرين في الناصرية عام 2019، وسقط فيها أكثر من 300 متظاهر بين قتيل وجريح، وتلوح المنظمة بمزيد من الحملات المستندة إلى وثائق مؤكدة لمحاسبة ضباط كبار في الداخلية تقول إنهم ضالعون في أعمال قتل وانتهاكات خطيرة ضد المدنيين في مختلف المناطق العراقية.
وأظهرت الأوراق التحقيقية التي كشفت عنها المنظمة تورط عمر نزار في تلك الانتهاكات. ويبدو أن كشف الأوراق تسببت بحرج بالغ لوزارة الداخلية وأجبرها على إصدار بيان، أول من أمس، أكدت فيه قيامها بإعادة توقيف الضابط للتحقيق في الاتهامات الموجهة ضده.
ويتردد بين أوساط الناشطين أن اتجاهات ميليشياوية نافذة في وزارة الداخلية حالت دون محاسبته وغطت على انتهاكاته التي تعود إلى عام 2017، ففي ذلك العام وطبقاً لرواية الصحافي علي أركادي الذي رافق قوات الرد السريع في الشرطة الاتحادية خلال عمليات تحرير الموصل، قام أمر الفوج الثاني في القوات عمر نزار بأعمال تعذيب وابتزاز رهيبة بهدف الحصول على الأموال والجنس من بعض المواطنين العاديين بذريعة انتمائهم لـ«داعش». لكن رواية أركادي لم تحدث التأثير المناسب في تلك الفترة مثلما فعلت أوراق منظمة الإفلات من العقاب هذه الإيام.
وفي عام 2019، ظهر اسم نزار من جديد في مجزرة جسر الزيتون، ورغم مجالس التحقيق التي شكلت بشأن الحادثة والاتهامات الموجه إليه من قبل بعض زملائه من الضباط، فإن عقوبة أو حكماً لم يصدر ضده، وطبقاً لبعض المصادر، فإن إفلاته من العقاب جاء بالنظر لصلته الوثيقة بقائد قوات الرد السريع ثامر الحسيني المقرب من منظمة «بدر» وبعض الفصائل النافذة، وبدلاً من محاسبته على الانتهاكات الموثقة التي ارتكبها رقي إلى رتبة مقدم في قوات الرد السريع، ما يؤكد شكلية وعدم جدوى معظم اللجان التحقيقية التي تلجأ إليها السلطات العراقية في الأحداث الأمنية الكبيرة التي تقع في البلاد.
ومرة أخرى، أعادت أوراق التحقيق التي نشرتها منظمة «إنهاء الإفلات من العقاب» ما فعله الضابط عمر نزار إلى الواجهة بعد أن فلت من العقاب للمرة الثانية عام 2019.
وكان عمر نزار قد ظهر في فيديو مصور، الأربعاء الماضي، وهو يؤكد براءته من التهم وقال إن «قضية الانتهاكات التي أثيرت ضدي في الموصل باطلة، وإن المحكمة العسكرية حين طلبت حضور الأشخاص الذين ظهروا في الفيديو للإدلاء بشهاداتهم، بمن فيهم الفتاة التي اتهمتني زوراً باغتصابها والأشخاص الذين اتهموني بقتلهم، وظهروا أنهم أحياء، أدلوا بشهاداتهم لصالحي وأكدوا أني لم أقترف أي جريمة من تلك الجرائم».
لكن الفريق جميل الشمري الذي عين قائداً على القوات في ذي قار خلال فترة الاحتجاجات، اتهم في لقاء تلفزيوني قبل أيام نزار بإصدار أوامر بفتح النار على المتظاهرين في الناصرية من دون الرجوع إلى القيادات العليا.
بدوره، يقول مسؤول حملة «إنهاء الإفلات من العقاب» الصحافي معن الجيزاني إن «الإنكار الذي أعلنه المقدم عمر نزار لا قيمة له بالقياس لأدلة إدانته العديدة وأتوقع أنه سيواجه أحكاماً قاسية في حال إعادة محاكمته». ويؤكد الجيزاني في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «المنظمة تعمل بكل جد لتقديم ملفات أخرى تدين ضباطاً كباراً في الداخلية مسؤولين عن انتهاكات عديدة». وأضاف: «نعمل وفق استراتيجية القبض على المناصب الدنيا وصولاً إلى المناصب العليا، الإيقاع بالضباط الصغار سيفتح الباب واسعاً على النيل من قيادات عليا ظلت بعيدة عن المساءلة حتى الآن».
وتابع الجيزاني أن «المنظمة تعمل على الحصول على توكيلات قضائية من قبل عوائل ضحايا مجزرة جسر الزيتون، وإن تطلب الأمر، سنطلب منهم رفع دعاوى قضائية جديدة ضد عمر نزار». ولفت إلى أن «عمل منظمة إنهاء الإفلات من العقاب لا يتعلق بالانتهاكات الأمنية فقط، إنما بقضايا تتعلق في الإفلات من المحاسبة في قضايا الفساد وسوء الإدارة والتقصير في مختلف مجالات العمل الحكومي».
وكان هاشتاك «حاسبوا عمر نزار»، تصدر، منتصف الأسبوع الماضي، الترند على موقع تويتر في العراق، بواقع 6000 آلاف تغريدة، تضمنت أغلبها صوراً، ومقاطع فيديو، تظهر عدداً من الانتهاكات التي قالوا إن نزار قام بها وطالب مغردون بمحاسبته.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.