رئيسي يعلّق آمال إيران على شعبها وليس محادثات فيينا

مقترح في مجلس الشيوخ الأميركي بتأسيس بنك وقود نووي في المنطقة

رئيسي يخاطب الإيرانيين أمس في ذكرى «الثورة»  (رويترز)
رئيسي يخاطب الإيرانيين أمس في ذكرى «الثورة» (رويترز)
TT

رئيسي يعلّق آمال إيران على شعبها وليس محادثات فيينا

رئيسي يخاطب الإيرانيين أمس في ذكرى «الثورة»  (رويترز)
رئيسي يخاطب الإيرانيين أمس في ذكرى «الثورة» (رويترز)

أعلن الرئيس الإيراني أن بلاده «لم تضع آمالها» على محادثات فيينا النووية، مضيفاً: «نعلق آمالنا على شعبنا وبلادنا، بشرقها وغربها وشمالها وجنوبها، ولم نعقد الآمال يوماً على فيينا أو نيويورك». وتابع: «نعول على قدراتنا الداخلية، ولن نربط مصيرنا بمحادثات فيينا أو العلاقة مع واشنطن». وأشار الرئيس الإيراني إلى أن بلاده تسعى في سياستها الخارجية إلى «علاقات متوازنة مع العالم»، قائلاً: «نولي أهمية خاصة لدول الجوار».
من جهته، قال مندوب روسيا في محادثات فيينا ميخائيل أوليانوف، أمس، إن مجموعات العمل الثلاث المعنية برفع العقوبات والقضايا النووية وترتيبات التنفيذ لا تزال تواصل اجتماعاتها لمعالجة القضايا العالقة المتبقية. وأشار أوليانوف عبر حسابه على «تويتر» إلى عمل «مكثف» يجري في فيينا بشأن الاتفاق النووي. يأتي هذا بينما كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد قال أول من أمس الخميس، إن الطريق ما زال طويلاً قبل إحياء الاتفاق النووي.

تجنب السباق النووي
في غضون ذلك، وفي مبادرة فريدة من نوعها، تكاتف السيناتور الديمقراطي بوب مننديز مع زميله الجمهوري ليندسي غراهام، لطرح مشروع قرار يدعم «مقاربة دبلوماسية جديدة لاحتواء طموحات إيران النووية وتجنب سباق تسلح يزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط». ويدعم مشروع القرار المطروح تأسيس بنك وقود نووي في المنطقة، ودعم سياسة أميركية تسمح لأي دولة في الشرق الأوسط بالحصول على الوقود النووي إذا ما توقفت عن تخصيب اليورانيوم.
والبارز في الطرح الديمقراطي الجمهوري أن المشرعين البارزين تحدثا عن إعفاءات من العقوبات «تتخطى تلك الموجودة في الاتفاق النووي» في حال تعهدت إيران بوقف تخصيب اليورانيوم. وذكر المشرعان أن «أي تعهد من قبل إيران بإنهاء برنامجها لتخصيب اليورانيوم يجب أن يقابله تعهد أميركي بتقديم إعفاءات من العقوبات تتخطى تلك الموجودة في الاتفاق النووي». وتابعا أن «هذا يتضمن إنهاء العقوبات الأولية» وأي عقوبات أميركية أخرى يجب أن تبقى حيز التنفيذ حتى يتم التحقق من وقف إيران لأنشطتها الخبيثة بما فيها دعمها للإرهاب وانتهاكاتها لحقوق الإنسان واتخاذها لرهائن وأنشطتها المزعزعة في المنطقة».
وقال السيناتور الديمقراطي بوب مننديز إثر طرح المشروع: «من الواضح أنه وخلال الأسابيع القليلة الماضية فإن برنامج إيران النووي الخطير والمتسارع جعلها قريبة جداً من امتلاك سلاح نووي. وهذا سيهدد مصالح الولايات المتحدة ويخلق سباق تسلح في المنطقة المشبعة بالصراعات». وشدد مننديز على أهمية الحل الدبلوماسي لهذه الأزمة عبر الطرح الذي قدمه، وهذا ما وافق عليه الجمهوري ليندسي غراهام الذي قال أيضاً: «أنا أدعم بشدة الحل الدبلوماسي لبرنامج إيران النووي. وطرحنا هذا سيسمح لإيران ودول أخرى في الشرق الأوسط بشراء يورانيوم منخفض التخصيب من بنك وقود محلي. أعتقد أن حلفاءنا في المنطقة سيرحبون بهذا الطرح كما يجب أن ترحب به إيران إذا كان هدفها فعلاً الحصول على طاقة نووية سلمية».

استئناف المفاوضات
واستؤنفت المحادثات حول الملف النووي الإيراني الثلاثاء الماضي في فيينا، وهدفها المعلن من جانب جميع الأطراف هو التوصل إلى اتفاق في أسرع وقت ممكن.
وكانت آخر جلسة تفاوض عقدت في نهاية يناير (كانون الثاني)، وقد غادرت حينها الوفود فيينا وسط دعوات لاتخاذ «قرارات سياسية» بعد «التقدم» الذي أحرز خلال مطلع السنة والذي سمح بالخروج من طريق مسدود استمر فترة طويلة.
وبوشرت المحادثات في ربيع عام 2021 بين إيران والدول التي لا تزال طرفاً في الاتفاق وهي ألمانيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة وروسيا، فيما يشارك الأميركيون بطريقة غير مباشرة. وانسحبت واشنطن في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من الاتفاق عام 2018 بعد ثلاثة أعوام من إبرامه، معيدة فرض عقوبات على إيران التي ردت بالتراجع تدريجياً عن غالبية التزاماتها بموجب الاتفاق.
وتهدف المفاوضات الراهنة إلى السماح بعودة واشنطن وطهران بالتزامن إلى الالتزام بالاتفاق الذي يؤيده الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن. لكن الوقت يداهم، إذ يفيد خبراء بأن الإيرانيين حادوا بشكل كبير عن القيود التي يفرضها اتفاق عام 2015 لدرجة باتوا فيها على مسافة أسابيع قليلة من امتلاك ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة ذرية.

الذكرى 43 لـ«الثورة»
إلى ذلك، أحيا آلاف الإيرانيين أمس الجمعة في طهران ومناطق أخرى الذكرى الـ43 لـ«الثورة» الإيرانية، في مسيرة بالسيارات أو على دراجات هوائية أو نارية التزاماً بالقيود المفروضة لمكافحة تفشي وباء (كوفيد - 19). وكما في عام 2021، أعلن التلفزيون حظر المسيرات في ذكرى إطاحة نظام الشاه عام 1979، بسبب الوباء.
وتوجه الإيرانيون في سياراتهم ودراجاتهم النارية والهوائية إلى ساحة آزادي في العاصمة بدل السير من مختلف أحياء طهران. ووضعت على بعض السيارات ملصقات للعلم الإيراني، وهتف البعض: «الموت لأميركا» و«سنقاوم حتى النهاية». كما خرج إيرانيون من سياراتهم في ساحة آزادي لإحراق أعلام أميركية وهم يهتفون: «لن نستسلم»، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وبث التلفزيون الرسمي مشاهد لتجمعات مماثلة في مدن كبرى أخرى مثل شيراز وأصفهان (وسط) وتبريز ومشهد (شمال). وحمل المتظاهرون أعلاماً وصوراً للمرشد الأعلى علي خامنئي، والمرشد السابق الخميني وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني، الذي قتل في ضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد الدولي في يناير 2020.



قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

تخشى الولايات المتحدة من محاولات إيران لاستعادة حضورها العسكري في سوريا، بما في ذلك خط إمداد «حزب الله»، رغم سحبها الكبير لقواتها من الأراضي السورية بعد انهيار نظام الأسد، الشهر الماضي، في ضربة لاستراتيجيتها الإقليمية، وفقاً لمسؤولين غربيين وإقليميين.

وقال مسؤول أميركي رفيع لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن الانسحاب الإيراني من سوريا يمثل نهاية لجهود طهران الإقليمية لنشر النفوذ وشن حروب بالوكالة ضد أميركا وإسرائيل، حيث فر أعضاء في «فيلق القدس»، وتم تفكيك الميليشيات.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب، وأرسلت قوات من «الحرس الثوري» إلى سوريا؛ لمساعدة حليفها على البقاء في السلطة.

بدأت إيران بسحب قواتها بعد انهيار الجيش السوري في أواخر العام الماضي، في ظل ضربات إسرائيلية متواصلة، وكانت غاضبة من الأسد الذي ظل غائباً خلال صراعها مع إسرائيل.

وامتدت شبكة إيران في سوريا من الشرق لنقل الأسلحة والمقاتلين إلى حدود لبنان لتسليح «حزب الله».

وقال مسؤولون غربيون وعرب إن معظم المقاتلين المدعومين من إيران في شرق سوريا، بينهم ضباط من «الحرس الثوري»، فروا إلى القائم بالعراق، بينما هرب بعض الإيرانيين المقيمين في دمشق إلى طهران، ومقاتلو «حزب الله» عبروا إلى لبنان.

وقالت باربرا ليف، المسؤولة عن شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية، عن مغادرة القوات الإيرانية من سوريا: «إلى حد كبير، نعم... إنه أمر استثنائي».

الرئيس السوري بشار الأسد في لقاء مع وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته لسوريا في 2 ديسمبر 2024 (د.ب.أ)

وقالت ليف إن سوريا أصبحت الآن أرضاً معادية لإيران، وأضافت: «هذا لا يعني أنهم لن يحاولوا العودة، لكن الأوضاع هناك معادية للغاية».

وهاجم المرشد الإيراني، علي خامنئي، الأسبوع الماضي، الانتقادات لحضور إيران الإقليمي، قائلاً: «بعض الأشخاص بسبب افتقارهم للفهم وقلة الوعي والتحليل الصحيح للقضايا يقولون إن الدماء التي أريقت في سبيل الدفاع عن الأضرحة قد ذهبت هدراً». وأضاف: «هذا التصور خطأ كبير؛ لأنه لولا قتال الجنرال سليماني ومدافعي الأضرحة لما بقي أثر من المراقد المقدسة، سواء السيدة زينب أو حتى كربلاء والنجف».

وقال دبلوماسيون غربيون إن العسكريين الإيرانيين وحلفاءهم أُجبروا على ترك كمية كبيرة من المعدات والذخائر العسكرية في أثناء هروبهم، وجرى تدميرها لاحقاً بواسطة إسرائيل، أو تم الاستيلاء عليها من قبل «هيئة تحرير الشام» وجماعات أخرى.

وقال مسؤول سابق في «البنتاغون» إن انهيار نظام الأسد قلل من تأثير إيران في المنطقة، وقدرتها على دعم الجماعات المسلحة لتحقيق أهدافها الإقليمية.

في الأيام الأخيرة، أفادت تقارير بأن إيران حاولت زيادة شحنات النقود إلى «حزب الله» في لبنان، وتم تأخير وتفتيش رحلة دبلوماسية إيرانية لدى وصولها إلى بيروت.

صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من سلامي خلال جلسة مغلقة حول سوريا ديسمبر الماضي

ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن إيران ستسعى لإعادة الجسر البري، ولكن من غير المحتمل أن تسمح الحكومة السورية الجديدة لـ«الحرس الثوري» الإيراني بتجديد وجوده العسكري بسبب دعمه للأسد.

وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول)، توقع خامنئي ظهور «قوة شريفة في سوريا»، قائلاً إن «الشباب الشجعان والغيارى في سوريا سيقومون بطرد إسرائيل».

ویخشی المسؤولون الأمیركيون من أن إيران قد تحاول إعادة نفوذها في سوريا على المدى الطويل، عبر تفعيل الشبكات القديمة، واستغلال عدم الاستقرار في البلد.

قال أندرو تابيلر، المدير السابق لسوريا في مجلس الأمن القومي: «هذا فشل كارثي لإيران. حجم الكارثة سيعتمد على ما إذا كانت سوريا ستظل موحدة»، وأضاف: «قد تجد إيران طريقاٌ للعودة بفضل الانقسامات الطائفية التي لا تزال غير محلولة في ظل النظام الجديد».