روسيا تتحرك لاحتواء «مظاهرات حاشدة» في السويداء

محتجون رفعوا شعارات مطلبية وسياسية

احتجاجات في مدينة السويداء يوم الجمعة (السويداء 24)
احتجاجات في مدينة السويداء يوم الجمعة (السويداء 24)
TT

روسيا تتحرك لاحتواء «مظاهرات حاشدة» في السويداء

احتجاجات في مدينة السويداء يوم الجمعة (السويداء 24)
احتجاجات في مدينة السويداء يوم الجمعة (السويداء 24)

توافدت أمس، أعداد كبيرة من المحتجين على الأوضاع المعيشية والاقتصادية في محافظة السويداء جنوب سوريا، إلى مقام عين الزمان في المدينة، في وقت أفيد بوصول وفد روسي للتحقيق في الأحداث ومحاولة الوصول إلى تسويات.
وشارك في مظاهرات أمس، رجال ونساء وشباب، وحضور لافت لشيوخ الدين من أبناء الطائفة، ورفع المحتجون لافتات كتب عليها: «كرامتنا أغلى من الخبز توقفوا عن تجويع وتهجير الناس»، «بدنا دولة ديمقراطية بدون مرجعية طائفية أو عرقية أو حزبية»، و«كأس الحنظل بالغز أشى من ماء الحياة بالذل»، و«الدين لله والوطن للجميع»، «لا تراجع لا تسلم». واكتفوا برفع رايات دينية خاصة بالطائفة فقط، ونادوا بشعارات وطنية وكرامة العيش وأخرى تنادي لسوريا والسويداء، ومطالب عبر مكبرات الصوت أطلقها شيوخ من الطائفة تدعو المحتجين إلى تحكيم العقل دائماً وعدم الشغب والتخريب والبقاء بشكل سلمي وحضاري.
وبحسب شبكة «السويداء 24» الناقلة لأخبار السويداء المحلية، أن الاحتجاجات انفضت في مدينة السويداء، بشكل سلمي، مع إعلان المنظمين رغبتهم تجديدها في وقت يحدد لاحقاً، بالتزامن مع استنفار أمني مشدد وغير مسبوق في مدينة السويداء، كما انتشرت عشرات العناصر من قوى الأمن والجيش، مع سيارات مزودة برشاشات متوسطة، عند الساحات والطرق الرئيسية، في مركز المدينة، وعند محيط المراكز الحكومية. وأغلق عناصر من الأمن الطريق المؤدي لمبنى المحافظة، دون أن تتدخل بالاحتجاجات.
وزار وفد عسكري روسي محافظة السويداء، ضم ضباطاً من القيادة الروسية في مركز المصالحة والتقى محافظ السويداء، ورئيس فرع أمن الدولة، يوم الخميس. واستفسر الوفد الروسي عن طريقة تعاطي السلطات مع المحتجين، وأسباب قدوم التعزيزات الأمنية الأخيرة. بينما قال المسؤولون إن القوات الأمنية والشرطية لم تستخدم القوة ضد المحتجين، وأوضح للوفد الروسي أن «نقل القوات الحكومية تم من أجل منع التصعيد وتجنب الاستفزازات» وأن «السلطات على اطلاع جيد بما يجري وتبقي الوضع تحت السيطرة». وناقش الجانب الروسي عدة مواضيع خدمية في السويداء مثل تحسين شبكات المياه والكهرباء، وافتتاح المركز الثقافي الروسي في السويداء، والمساعدات الإنسانية التي توزعها روسيا في السويداء، وإخلاء معسكر الطلائع في مدينة السويداء الذي يحوي لاجئين من محافظات سورية مختلفة وإيجاد بديل لهم.
وأكد مصدر خاص من السويداء أن الجانب الروسي يعمد إلى التقارب في السويداء من خلال تدخلها مؤخراً في مجال المساعدات الإنسانية، والتقارب من الرئاسة الروحية للطائفة من خلال عدة زيارات أجرتها قوات روسية إلى شيوخ الطائفة في السويداء مؤخراً.
وتحدث ناشطون في السويداء عن إصابة أحد أبناء قرية مجادل بريف السويداء الغربي بطلق ناري عند حاجز عسكري تابع للنظام في مدخل مدينة شهبا. وتشير المعلومات أن الحادثة لا علاقة لها بالاحتجاجات وبعيدة عن تجمع المحتجين في المدينة أساساً، وهاجم مجهولون في بلدة عريقة بريف السويداء الغربي، مساء يوم الخميس الماضي مخفر الشرطة، وسط حالة توتر وقلق بين المدنيين نتيجة الاشتباك وإطلاق النار، وتعود أسباب الحادثة إثر توقيف الأجهزة الأمنية، لاثنين من أبناء البلدة، أثناء عودتهما إلى سوريا من لبنان بطريقة غير شرعية، ولم تفرج عنهما الأجهزة الأمنية لوجود ادعاءات وقضايا جنائية عديدة بحقهما.
وعلق «الدفاع الوطني» أحد تشكيلات النظام العسكرية في السويداء ويضم أعداداً من أبناء المحافظة في صفوفه على الاحتجاجات، قائلاً إنها «تجمعات بحجة المطالب المعيشية رافعة أعلاماً انفصالية ومتسلحة بأسلحة فردية ورافعة شعارات مناطقية وطائفية»، وإن المشهد «يتكرر من مسلسل ابتدأ منذ 12 سنة بسيناريو واحد لكن الممثلين هم فقط من تبدلوا، وإنها قصة ارتدت ثوب مطالب محقة. وإن هؤلاء قلة لا يمثلون مناطقهم، في هذه التمثيلية الهزلية».
وكانت «مجموعة الحراك الشعبي» في السويداء قد أصدرت بياناً يوم الخميس الماضي دعت فيه إلى وقفة احتجاجية كبيرة يوم الجمعة في مدينة السويداء، كما دعوا المحافظات السورية الأخرى للوقوف مع السويداء بالطرق السلمية الممكنة. وأعلنوا فيه التأكيد على انتمائهم وهويتهم السورية وأن مؤسسات الدولة مؤسساتهم وحمايتها واجب عليهم قبل أي جهة أخرى. ورفض ما يشاع عنهم بالعمالة والاندساس، وأنهم أصحاب حق ومطالبهم واضحة في العيش الكريم، ومواصلة الاحتجاجات بكل الطرق السلمية والمدنية والحضارية للحصول على حقوقهم ومطالبهم المحقة، ورفض الفساد والمتاجرة بالقضايا المحقة المطلبية والتي يقوم بها بعض المسؤولين الفاسدين والمتسلطين على الشعب دون رادع قانوني أو أخلاقي وبلا مسؤولية وطنية أو سياسية.
وكانت المظاهرات في مدينة السويداء قد بدأت قبل أسبوع، بعد تفاقم الأزمات المعيشية والقرار الحكومي الأخير الذي قضى برفع الدعم عن فئات من المجتمع السوري، وتوالت الاحتجاجات في السويداء وامتدت إلى عدة مدن وبلدات في المحافظة.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.