اتهامات للحوثيين بمواصلة استغلال مرضى السرطان

TT

اتهامات للحوثيين بمواصلة استغلال مرضى السرطان

اتهمت مصادر طبية وأخرى حقوقية يمنية الميليشيات الحوثية بمواصلة استغلال معاناة مرضى السرطان القابعين في المدن والمناطق تحت سيطرة الجماعة؛ وهو ما تسبب في ارتفاع أعداد المرضى إلى أكثر من 71 ألفاً، منهم 40 ألف حالة تم تسجيلها خلال السنوات القليلة الماضية.
وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن بعض أساليب وطرق الاستغلال التي اتبعتها الميليشيات حديثاً بحق مرضى السرطان تمثل بفرض مبالغ ضخمة على التجار ورجال الأعمال لصالح صندوقها الذي زعمت مراراً أنه مخصص لمكافحة المرض، إضافة إلى المتاجرة بكميات كبيرة من العلاجات باهظة الثمن المقدمة لهم مجاناً من قبل المنظمات وبيعها في السوق السوداء بغية مضاعفة أوجاع المرضى، إلى جانب نهبها المتكرر لمعونات غذائية كانت مخصصة لصالح المرضى.
وبالتوازي مع ذلك، أكدت المصادر، أن الميليشيات الحوثية لا تزال تقف عائقاً لأشهر أمام وصول مختلف أنواع الأدوية والعلاجات المقدمة من المنظمات الخارجية لصالح عشرات الآلاف من مرضى السرطان تحت مبرر إجراء عمليات الفحص والمتابعة.
وكشفت المصادر نفسها عن تنظيم الانقلابيين الحوثيين على مدى الفترات الماضية العشرات من المؤتمرات والملتقيات التي في ظاهرها إنقاذ مرضى السرطان وفي باطنها مساندة ودعم مقاتلي الجماعة.
وتحدثت المصادر عن إطلاق الميليشيات طيلة السنوات المنصرمة المئات من حملات التبرعات الوهمية التي ذهب كل ريعها إلى جيوب كبار قادتها ولخدمة حروبها ومشاريعها التدميرية.
وكان قادة الميليشيات الذين يسيطرون على قطاع الصحة في مناطقهم اعترفوا قبل أيام بوجود 71 ألف حالة مصابة بالسرطان، تم تسجيلهم منذ انقلاب الجماعة على الشرعية أواخر 2014، كما اعترفوا بأن نحو 9 آلاف حالة مصابة بمرض السرطان تضاف سنوياً، 15 في المائة منهم من الأطفال.
في غضون ذلك، حذرت منظمة الصحة العالمية من تزايد أعداد مرضى السرطان بشكل مخيف في اليمن. وكشفت المنظمة أخيراً عن حالة مخيفة جراء تزايد أعداد مرضى السرطان، بالتوازي مع استمرار الحرب العبثية التي تشنها الميليشيات الانقلابية.
وذكر ممثل المنظمة في اليمن، أدهم عبد المنعم، أن مرضى السرطان باليمن في تزايد مخيف وأنهم في حاجة إلى الكثير من الجهود والمساندة. وأضاف «سنعمل على بذل أقصى ما يمكن في تقديم الخدمات».
وعلى صعيد متصل، أرجع عاملون في مجال مكافحة السرطان بصنعاء بعض الأسباب التي تقف وراء التزايد المخيف في أعداد المرضى بأنه يعود إلى جريمة الانقلاب وآلة الحرب الحوثية وفساد وإهمال الجماعة المتعمد الذي قاد إلى خروج معظم المرافق الطبية عن الخدمة خلال السنوات السبع الماضية، فضلاً عن مواصلة تخصيصها أغلب المساعدات الصحية الإنسانية لمصلحة عناصرها وجرحاها. وأشار البعض منهم لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عمليات النهب الحوثية المستمرة للميزانيات التشغيلية المقدمة لمراكز علاج الأورام ومواصلة الاستهداف الممنهج لعديد من المؤسسات والجمعيات المعنية بعلاج السرطان شكلت أسباباً أخرى لتفاقم حجم الكارثة.
وحمّل العاملون الصحيون ومعهم أسر مرضى سرطان في صنعاء الجماعة مسؤولية تفاقم الحالة الصحية التي وصل إليها الكثير من المرضى جراء استمرار سياسات النهب والعبث والتدمير المنظم بحق القطاع الصحي.
وحذروا من مغبة تسبب آلة الفساد الحوثية بتوقف أنشطة ما تبقى من المراكز والمؤسسات الحكومية والأهلية المعنية بمكافحة مرض السرطان في عموم مناطق سيطرة الجماعة. مؤكدين بذات الصدد أن الميليشيات لا تزال مستمرة في مناطق سيطرتها بعرقلة وصول الكثير من الأدوية الخاصة بمرضى السرطان وأمراض مستعصية أخرى.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.