كارول الحاج لـ «الشرق الأوسط»: على بالي المشاركة في عمل كوميدي

في «لا حكم عليه» تخلع شخصية الفتاة القروية

كارول الحاج ترى في الأعمال المحلية موضوعات تشبهنا أكثر
كارول الحاج ترى في الأعمال المحلية موضوعات تشبهنا أكثر
TT

كارول الحاج لـ «الشرق الأوسط»: على بالي المشاركة في عمل كوميدي

كارول الحاج ترى في الأعمال المحلية موضوعات تشبهنا أكثر
كارول الحاج ترى في الأعمال المحلية موضوعات تشبهنا أكثر

تعد الممثلة كارول الحاج واحدة من الوجوه المحببة على الشاشة الصغيرة، ورمزاً من رموز الدراما المحلية المشهورة في لبنان.
فاسمها ارتبط بأكثر من عمل لاقى نجاحات واسعة لا تزال راسخة في ذهن المشاهد. فمن منا ينسى شخصية «مريانا» و«ياسمينا» و«نسرين» في مسلسلات حصدت أعلى نسبة مشاهدة فنافست بقوة ضمن موسم رمضان وغيره. تخلع كارول الحاج شخصية الفتاة البسيطة القروية لتطل في «لا حكم عليه» في دور نور، فتخوض تجربة زواج يلفها الغموض. العمل من بطولة قصي خولي وفاليري أبي شقرا وطوني عيسى وكارلوس عازار. وهو من كتابة نادين جابر وبلال شحادات وإخراج فيليب أسمر. تعلق الحاج في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «الدور بحد ذاته كان جديداً، وعادة ما أعطى لكل دور حقه وكل ما يتطلبه مني. فهو يقوم على قصة حب ومعالجة لمشكلة اجتماعية (التجارة بالأعضاء). فابتعدت معه عن الفتاة القروية وخضت خلاله عملاً درامياً فيه التشويق والإثارة».
أعجبت كارول الحاج بدورها في «لا حكم عليه» كما تقول في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط». وهو ما دفعها لدخول هذه التجربة في عالم الدراما المختلطة. «دور محوري وأحببت أن أدخل هذه التجربة التي لم يسبق أن قمت بها من قبل. كما أنها كانت بمثابة فرصة لأعمل تحت إدارة المخرج فيليب أسمر، وكذلك مع الممثل قصي خولي».
تشير الحاج إلى أنها تحضّر لكل دور تلعبه حسب ما تتطلبه خطوطه ومفاصله. «إن كل دور أقدمه أعطيه من ذاتي وأتخيل حالي مكان الشخصية التي أجسدها فأترجمها في مخيلتي بيني وبين نفسي. عادة ما أبحث عن بيئتها الاجتماعية وأعيش الشخصية انطلاقاً منها. وبالطبع ألحق بالنص والمشاعر والمواقف اللذين يؤلفان توليفة الشخصية. فنور تضطر إلى الكذب على حبيبها، وهنا علينا أن ندخل على حالتها النفسية والتمخضات التي مرت بها كي تصل إلى هذا القرار. ويمكنني القول إن النص الجيد مع مشاعر تجتاح الممثل في موقع التصوير، هي خلطة هذا الدور».
تعتمد كارول الحاج على إحساسها الصادق في تجسيد أي شخصية تجسدها، وهي لا تحاول فلسفة الأمور بل تأخذها باتجاه البساطة والعفوية. «عندما نحب نغار وعندما نرزق بطفل نخاف عليه ونحاول حمايته، هذه المشاعر تنتابنا في حياتنا الطبيعية وبكل ما يحيط بها من مشاعر إنسانية. وإذا كنت صادقة في تجسيدها لا بد أن تصل إلى المشاهد فتلمسه عن قرب».
وعن تجربتها مع المخرج فيليب أسمر تقول: «مخرج رائع شغوف إلى آخر حد بعمله (بيهلكنا)، وهو قبضاي رغم صغر سنه. لا يتعب ولا يستسلم فيلهث وراء هدفه حتى النهاية». وكيف طبعك بأسلوبه؟: «لكل مخرج هويته ودمغته على الممثل وفي عملية إدارته له. وفيليب يملك أسلوبه الخاص في دفع الممثل إلى ترجمة الشخصية التي يجسدها».
أما عن قصي خولي فتقول: «قصي شخصية لذيذة جداً، يجيد عمله إلى أبعد حدود. يفرح من يتعاون معه كونه محترفاً وموهوباً، وكذلك خفيف الظل».
تتحدث كارول الحاج عن الفرق بين الإنتاج المحلي والمختلط عند الممثل. فتعتبر الأول يمده بجذوره وببلده و«عندما نقول إنتاجاً محلياً فهو يعني بأنه يشبهك أكثر». ولكنها ترى أيضاً أن الدراما العربية تصل إلى شرائح اجتماعية أكبر، خصوصاً إذا حمل العمل أبعاداً إنسانية. «هي تجربة تقربك من العولمة والعالمية كون مروحتها واسعة، ترتكز على ثقافات مختلطة، يمكن لأي ممثل أن يلمسها عن قرب».
تعرض قناة «إل بي سي آي» حالياً مسلسلاً من بطولة كارول الحاج بعنوان «بكير». وهو إنتاج محلي (داي تو بيكتشرز) ومن كتابة كلوديا مرشيليان. وتجسد فيه دور امرأة مناضلة تكافح لحماية أولادها وتأمين سبل العيش الكريمة لهم هرباً من زوج ظالم. «هناك حقوق إنسانية كثيرة يتناولها العمل، فنرى أنها رغم بساطتها غير متوفرة عند نماذج من العائلة اللبنانية. فهو يوعّي المشاهد على هذه الحقوق، ويسهم في تطور وتوسيع فكره. هناك مشاهد حياة تلفتنا لكن لا نلبث أن نهملها فلا نعيرها الاهتمام الكافي. ولكن عندما يتابعها المشاهد في عمل درامي فإنها تحثه على التفكير من جديد».
من عنوان العمل «بكير» ندرك أنه يتناول موضوعات محورها عدم النضج في ممارسة الحياة. «هناك أشخاص لم يعيشوا طفولتهم، وآخرون لم تسنح لهم الفرصة كي يقارنوا بين الخطأ والصواب. بعضهم لم يتعرفوا إلى حقيقة مشاعرهم، إذ كان عليهم أن يكتموها، خوفاً من ردود فعل لا يعلمون كيف يواجهونها. كل ذلك نتابعه في «بكير» لأن المسؤولية ضرورية لبناء الشخصية، ولا يمكننا أن نتجاوز مراحل أساسية من عمرنا».
يتألف المسلسل من 20 حلقة، تم تصوير غالبية مشاهدها في بلدة دير الأحمر ومنطقة مار مخايل خلال فصل الصيف الفائت. «سيتخلل المسلسل مواقف إنسانية كثيرة يتابعها المشاهد بحماس ومن دون ملل».
وماذا يتطلب منك دورك في «بكير»؟ «قمت بأبحاث عديدة حوله، وأجريت أحاديث مع أشخاص خاضوا تجارب مشابهة فهم موجودون حولنا وفي محيطنا. تابعت مقابلات وأفلاما وثائقية عن عملية تزويج الفتاة القاصر كي أستوعبها، لأنني بعيدة عن هذه المواضيع. كما دققت في الأحاسيس التي تنتاب الفتاة القاصر عندما تجد نفسها فجأة مع زوج لا تعرفه ولا تملك أدنى فكرة عن شخصيته وتصرفاته. الظلم ليس بالأمر السهل أبداً، ولذلك كان علي التعمق بالدور والإلمام بخيوطه».
وتشير كارول إلى أن الأعمال الدرامية المنتجة في الفترة الأخيرة مطبوعة بالتنوع. وهو أمر مطلوب من قبل المنصات كي ترضي أذواق أكبر شريحة ممكنة من مشاهديها. وتضيف: «إنهم يحاولون تقديم قصص وحكايات حديثة تشبه إلى حد ما الأعمال الأجنبية، التي تليق بالمنصة الإلكترونية ومتابعيها المنتشرين على الكرة الأرضية».
قدمت الممثلة اللبنانية أدواراً مختلفة على مدى مشوارها المهني وتعتبر أن كلاً منها تطلب الجهد. ولكن أي دور أتعبك أكثر؟: «عادة ما أقدم أدواراً صعبة، تتطلب الكثير من المشاعر، وتدور في أجواء العذاب فلا تكون سهلة علي. ولذلك يمكنني القول بأن غالبية أدواري تطلبت مني الجهد».
تفرحها المشاركة في الأعمال المحلية، سيما وأنها تعود وتلتقي فيها بزملاء تربطها بهم علاقة مهنية قديمة، وكذلك بفريق عمل تعرفه عن كثب. فهل هذه الإنتاجات وارتباط اسمها بها تنعكس عليها إيجاباً؟ ترد: «كل دور ألعبه أفرح به طالما وافقت على أدائه. وهدفي الأول والأخير هو أن ينجح وأفتخر به، إن جاء ضمن عمل محلي أو مختلط». وعن الدور الذي تتمنى تجسيده؟ تقول: «على بالي أن أقدم دوراً يدور في عالم الكوميديا. سبق وخضت غمار الكوميديا مع مسرح جورج خباز، وأحب أن أعيد الكرة على الشاشة. كما أحب الأدوار التي ترتبط بالتاريخ الحديث وتحكي عن مواضيع كالثورة والسياسة».



سمية بعلبكي: خسرت صوتي لأسابيع بعد تفجير منزلنا في الجنوب

تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
TT

سمية بعلبكي: خسرت صوتي لأسابيع بعد تفجير منزلنا في الجنوب

تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)

بعد نحو 30 عاماً من مسيرة غنائية رصّعتها الفنانة سمية بعلبكي بالطرب الأصيل، جرى تكريمها أخيراً، في حفل جائزة الـ«موركس دور»، ولكنها تلقّتها بغصّة في القلب. فهي جاءت مباشرة بعد حرب دامية شهدها لبنان، وإثر تفجير منزل بعلبكي العائلي في قريتها العديسة الجنوبية. اختلط طعم فرح النجاح بمرارة خسارة ذكريات الطفولة، فتمنت لو أن هذه المناسبة جاءت في وقت ثانٍ كي تشعر بسعادة التقدير الحقيقية. وتقول بعلبكي لـ«الشرق الأوسط»: «أنبذ الحروب بكل أوجهها حتى المقدّسة منها. فهي مبنية على صراعات تبحث عنها البشرية عبر التاريخ، ولكنها لم تحمل يوماً إلا النتائج السلبية في طيّاتها».

تصف سمية بعلبكي خسارة منزل العائلة كمن فقد قطعة من وجدانه. «إنه يمثّل الذكريات والهوية ومسافة أمان في الوطن. عندما تلقيت الخبر أحسست بالفراغ وكأن سقفاً اقتلع من فوق رأسي، صارت السماء مكشوفة. داهمني الشعور بالغربة، لأن لكل منّا بيتين، أحدهما منزل نقيم فيه، والثاني هو الوطن. وعندما نفقد بيتنا الصغير يتزعزع شعور الأمان بمنزلك الكبير».

أثناء تسلّمها جائزة {موركس دور} (سمية بعلبكي)

في تكريمها بجائزة «موركس دور» تقديراً لمسيرتها وعطاءاتها الفنية، خلعت بعلبكي لبس الحداد على بيتها للحظات. وتعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كنت بحاجة إلى الأمل وإلى غد أفضل. رحلتي هي كناية عن جهد وتعب وتحديات جمّة. فرحت بالجائزة لأنها تكرّم مسيرة صعبة. فالموسيقى بالفعل تشفي من الجراح، لا سيما أن قلبي كان مكسوراً على وطني وأرضي. يا ليت هذا التكريم جاء في توقيت مغاير لكان وقعه أفضل عليّ».

تألقت سمية بعلبكي وهي تتسلّم جائزتها وفرحة ملامح وجهها كانت بادية على وجهها. وتوضح: «لقد سألت نفسي عند مصابي كيف أستطيع تجاوزه ولو للحظات. كانت الموسيقى هي الجواب الشافي. خرجت بعبارة (سنغني قريباً) لعلّ الجرح يطيب. تأثري بفقدان منزلنا العائلي ترك بصماته عليّ. ولا أعتقد أنني أستطيع تجاوز هذا الحزن ولو بعد حين. فإثر إعلامنا بخبر تفجير البيت بقيت لأسابيع طويلة فاقدة القدرة على الغناء. صمت صوتي وما عدت أستطيع ممارسة أي تمارين غنائية لصقله. الألم كان كبيراً، لا سيما أننا لم نتمكن بعد من لمس المصاب عن قرب. لم نر ما حصل إلا بالصور. أرضنا لا تزال محتلة ولا نستطيع الوصول إليها كي نلملم ما تبقى من ذكرياتنا، فنبحث عنها بين الردم علّها تبلسم جراحنا».

الانسلاخ عن الفن طيلة هذه الفترة، لم تستطع سمية بعلبكي تحمّل وزره. «إننا شعب يحب الحياة ويكره الحروب. وأنا بطبعي لا أنكسر أو أستسلم للكآبة والإحباط. نفضت غبار الحرب عني، وقررت إكمال الطريق رغم كل شيء».

تقول بعلبكي إن أحلاماً كثيرة تراودها ولم تستطع تحقيقها بعد. «أحياناً يقف الزمن حاجزاً بيني وبينها. مرات أخرى لا تأتي الفرصة المناسبة لاقتناصها. هناك العديد من أبناء جيلي أقفلوا باب الغناء وراءهم وغادروا الساحة بسبب مصاعب واجهوها. ولكن من ناحيتي، حبّ الناس كان عزائي الوحيد. لقد أحياني وأسهم في إكمالي المشوار».

تمسّكت سمية بعلبكي بالأغنية الأصيلة فاتخذتها هوية لا تتنازل عنها. جميع أعمالها الفنية تتسّم بالرقي والطرب الأصيل. يحلّق معها سامعها في سماء يكمن ازرقاقها بصوتها الشجي. هل شكّلت هويتها هذه عائقاً لانتشار أوسع؟ ترد: «لقد تربيت في منزل فني بامتياز يقوم على الأصالة. والدي ووالدتي الراحلان زرعا في داخلي حب الفن الحقيقي غير المستهلك، فكانا أول من شجعني على دخول الفن. تمحور حلم والدي على رؤيتي فنانة تعتلي المسرح وتغني الأصالة. وما أقوم به ينبع من داخلي ومن شغفي للفن، ولا أستطيع يوماً تغيير هويتي هذه».

تحضّر أغنية جديدة من ألحان الراحل إحسان المنذر (سمية بعلبكي)

وما تلاحظه اليوم على الساحة هو توارث هذا الفن عند مواهب الغد. «يلفتني غناء مواهب صغيرة في برامج الهواة للأغنية الطربية. هم يؤدونها بأسلوب رائع يستوقفني. فهو أمر يفرّحني بحد ذاته؛ كون الأغنية الطربية لها مكانتها في هذا النوع من البرامج، ويتربى الجيل الجديد عليها. أصوات رائعة سمعناها في السنوات الأخيرة. وأتمنى أن تلاقي الفرص المناسبة كي تبدع وتتألّق».

ولكن هل شعرت بالإحباط أو الخيبة في لحظات معينة؟ «لكل منا لحظات من هذا النوع. أصبت بخيبات كثيرة وواجهت معاكسات مختلفة وفقدان فرص مؤاتية، وأصعب هذه اللحظات هي تلك التي يغيب فيها التقدير. ولكنني أعود وأنتصب دائماً وأبذل الجهد من جديد. لم أعرف يوماً (البزنس) في الفن لأني مسكونة بالموسيقى الأصيلة. فهي جزء لا يتجزأ من كياني ووجودي».

سبق وتم تكريم سمية بعلبكي بجوائز عدة، ولكن لجائزة الـ«موركس دور» نكهتها الخاصة لا سيما أنها جاءت بعد حرب منهكة. في بداية مسارها حازت على جائزة «الميكروفون الذهبي» في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون. كان ذلك في عام 1994 في تونس. جرى تكريمها إلى جانب مجموعة من المغنين مثل أنغام وصابر الرباعي وأمل عرفة وغيرهم.

وتختم: «كانت روح المنافسة الحلوة تحضر في تلك الحقبة، وكانت الجوائز التكريمية قليلة وتحمل معاني كثيرة. ولكن اليوم مع جائزة (موركس دور) وفي حفل لبناني بامتياز النكهة تختلف. أهديتها لوالدي الراحلين تكريماً لعطائهما الفني، فانطبع الحدث بالأمل والشعور بغدٍ أفضل نترقبه رغم كل شيء».

تستعد سمية بعلبكي لإصدار مجموعة أغنيات جديدة. وتخبر «الشرق الأوسط» عنها: «قبل الحرب كنت أحضّر لأغنية بعنوان (يعني ارتحت)، من كلمات منير بو عساف وألحان بلال الزين. وعندما انتهينا من تصويرها اندلعت الحرب، فامتنعت عن إصدارها في ظروف مماثلة. وهي تتناول قصة المرأة المعنّفة. وأفكّر بإطلاقها قريباً في الأشهر القليلة المقبلة. كما أن هناك قصيدة للراحل نزار قباني أنوي غناءها. وهي من ألحان المبدع الراحل إحسان المنذر. كما ندرس وأخي المايسترو لبنان بعلبكي إمكانية إقامة حفل موسيقي في بيروت احتفالاً بلبنان الصلابة».