إشادة أميركية بتعامل مصر مع أزمة «سد النهضة»

ماكنزي أكد استعداد بلاده للمساعدة «دبلوماسياً»

وزير الدفاع المصري وقائد القيادة المركزية الأميركية في القاهرة أول من أمس (المتحدث العسكري المصري)
وزير الدفاع المصري وقائد القيادة المركزية الأميركية في القاهرة أول من أمس (المتحدث العسكري المصري)
TT

إشادة أميركية بتعامل مصر مع أزمة «سد النهضة»

وزير الدفاع المصري وقائد القيادة المركزية الأميركية في القاهرة أول من أمس (المتحدث العسكري المصري)
وزير الدفاع المصري وقائد القيادة المركزية الأميركية في القاهرة أول من أمس (المتحدث العسكري المصري)

أبدى قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكنزي، إشادة بتعامل القاهرة مع أزمة «سد النهضة» الذي تبنيه أديس أبابا، ووصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأنه «كان مثالاً لرجل الدولة في مقاربته لهذه المشكلة، حيث سعى لتجنب العمل العسكري.
وخاضت مصر والسودان وإثيوبيا مفاوضات شاقة امتدت لأكثر من 10 سنوات، في محاولة للتوصل لاتفاق بشأن ملء وتشغيل السد الذي تقول القاهرة والخرطوم إنه سيؤثر على أمنهما المائي. وقال ماكنزي في مقابلة مع صحيفة «الأهرام ويكلي» المصرية الناطقة بالإنجليزية، إنه يعتقد أن «مصر مثل واشنطن، ملتزمة بحل دبلوماسي لأزمة سد النهضة»، وأضاف: «الرئيس السيسي يسعى إلى إيجاد طريقة للتفاوض على تسوية يمكن لجميع الأطراف التعايش معها، نحن على استعداد للمساعدة في المستقبل لعودة الأطراف معاً لمائدة التفاوض، ونحن على استعداد لفعل أي شيء في وسعنا لمساعدة مصر على حل هذه المشكلة دبلوماسياً، حيث أعتقد أن نية مصر هي القيام بذلك».
ولم تسفر محاولات الإدارة الأميركية السابقة بقيادة دونالد ترمب، أو الحالية برئاسة جو بايدن، عن اختراق في المفاوضات التي لا تزال متعثرة على المستوى الثلاثي أو تلك التي يرعاها الاتحاد الأفريقي.
وتطرق ماكنزي في المقابلة إلى العلاقات الثنائية بين القاهرة وواشنطن، وقال إن بلاده «ملتزمة بمساعدة مصر في بناء قدراتها لمواجهة التهديدات لأمنها»، مشيراً إلى أن لقاءه مع وزير الدفاع المصري الفريق أول محمد زكي، تناول «الطبيعة الاستراتيجية الدائمة للعلاقة بين الولايات المتحدة ومصر، ومدى أهمية مصر بالنسبة للولايات المتحدة والقيادة المركزية الأميركية».
ورأى ماكنزي «أن هناك في المنطقة من لا يكنون علاقة ود أو صداقة مع مصر، ويعملون ضدها»، مؤكداً أن «البلاد بحاجة إلى أن تكون مستعدة للدفاع عن نفسها، ومصر مهمة جداً بالنسبة لنا... تاريخنا الطويل من التعاون معاً هو تاريخ مهم جداً».
وحظي ملف التعاون المصري - الأميركي في النطاق البحري باهتمام لافت من الجنرال الأميركي الذي قال إن مصر «تسيطر على أحد أكبر كنوز عالمنا، وهي قناة السويس، وكانت إدارة هذه القناة جوهر السياسة المصرية لكثير من السنوات، وهكذا تعتمد الولايات المتحدة والكثير من أصدقائنا وشركائنا حول العالم على أمن القناة، وكانت قدرة مصر الصارمة على توفير ممر آمن في القناة مهمة جداً للتجارة العالمية لعقود كثيرة».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».