قال الرئيس التونسي قيس سعيد أمس إن مجلس القضاء الأعلى «قد حُل وسيحل محله مجلس آخر». مضيفا أنه تم إعداد مسودة مرسوم رئاسي للصلح الجزائي مع رجال الأعمال الضالعين في «قضايا فساد»، مقابل مشروعات تنموية في أنحاء البلاد، لكن دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
وجاءت هذه التصريحات تزامنا مع وقفة احتجاجية نفذها أمس عشرات القضاة أمام قصر العدالة بالعاصمة احتجاجا على ما اعتبروه «الانتهاك الصارخ لاستقلالية السلطة القضائية من قبل رئيس الجمهورية، وحل المجلس الأعلى للقضاء»، مشددين على رفض تغيير التشكيلة الحالية للمجلس، ومؤكدين أن «التركيبة الحالية هي الممثل الوحيد للسلطة القضائية».
وكان الرئيس سعيد قد انتقد مساء أول من أمس البيان الصادر عن سفراء مجموعة الدول السبع الصناعية، وما تضمنه من قلق حول قرار حل المجلس الأعلى للقضاء، وقال متسائلا: «لماذا لم يساور هذه الدول القلق نفسه بسبب عدم تحقيق العدالة في الدولة التونسية، وعندما تم العبث بالمليارات... ولماذا لم تبد هذه الدول قلقها من كلّ التجاوزات والأموال التي نهبت وحوادث الاغتيالات، وغيرها من الملفات التي يعرفونها جيّدا». مشدّدا على التزام تونس بالحرية والعدالة، ومعتبرا أنّ هذه الدول «ما تزال تضع نفسها في مكان الأستاذ الذي يلقن دروسا لتلاميذه. تونس دولة ذات سيادة، وتسعى إلى إرساء مجتمع القانون، وهي ليست بحال من الأحوال ضيعة أو بستانا لأحد».
وفي مقابل احتجاج القضاة، اعتبرت الهيئة الوطنية للمحامين أن المجلس الأعلى للقضاء «فشل في ضمان استقلال القضاء والقضاة، وفي ضمان حسن سير مرفق العدالة، وكان محل انتقادات لاذعة عند كل حركة قضائية سنوية، ولم ينجح في أن يكون ممثلا للسلطة القضائية»، على حد تعبيرها.
كما أشارت الهيئة إلى أن «الإضرابات العشوائية المخالفة للقانون ستعمق من أزمة القضاء، وستزيد من انعدام ثقة المواطنين فيه»، مؤكدة أن إضراب القضاة «غير مشروع حسب المعايير الدولية، وهو من قبيل إنكار العدالة»، وهو ما خلف تساؤلات عديدة حول أسباب وخلفيات هذا الموقف.
من ناحية أخرى، نظمت هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي وقفة احتجاجية أمس أمام مقر المجلس الأعلى للقضاء، للمطالبة بمحاسبة القضاة المتورطين في طمس حقيقة الاغتيالات السياسية التي عرفتها تونس.
ودعا المحتجون الرئيس سعيد إلى التدخل وحلّ القضايا العالقة في القضاء. كما دعا عدد منهم إلى محاسبة من تكتموا عن ملف الاغتيالات السياسية، وتمسكوا بضرورة وضع راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة قيد الإقامة الإجبارية.
ومن المنتظر أن تنظم الهيئة نفسها وقفة احتجاجية ثانية أمام محكمة الاستئناف بالعاصمة التونسية اليوم الجمعة، يتم خلالها تقديم معطيات جديدة حول تورّط الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بتونس في التلاعب بقضايا الجهاز السري لحركة النهضة، على حد تعبير رضا الرداوي، عضو هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي. وبشأن التحركات الأخرى المبرمجة أعلن الرداوي أن الهيئة ستنظم وقفات احتجاجية موازية أمام مقر إقامة رئيس حركة النهضة، ووقفة أخرى تشمل مقر حركة النهضة في منطقة «مونبليزير» بالعاصمة التونسية.
في غضون ذلك، أكدت «الجمعية التونسية للقضاة الشبان» عزمها على تقديم شكوى للاتحاد العالمي للقضاة، وطلب تشكيل لجنة «للنظر في ما يحدث بتونس». إلى جانب عزمها على رفع قضية جزائية ضد كل من تورط في تعطيل أعمال المجلس الأعلى للقضاء، والإساءة إلى السلطة القضائية.
وقال مراد المسعودي، رئيس الجمعية المذكورة في تصريح إعلامي، إنها ستتقدم بملف يتضمن مؤيدات تثبت «الانتهاكات المرتكبة ضد القضاء التونسي». مضيفا أن «النظام القائم يسعى إلى التنكر للمعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة باستقلال السلطة القضائية، المصادق عليها منذ الاستقلال إلى الآن».
وتابع المسعودي موضحا أن الجمعية تحمل وزير الشؤون الخارجية المسؤولية القضائية والأخلاقية والتاريخية على خلفية ما صدر عنه. في إشارة إلى ما اعتبرها «مغالطات ونشر معلومات زائفة وكاذبة أمام مجموعة من سفراء الدول الأجنبية، في سعي متعمّد نحو مزيد من تشويه السلطة القضائية والقضاة التونسيين».
الرئيس التونسي لتغيير القانون المنظم للقضاء
عرض مشروعاً للعفو عن رجال أعمال «فاسدين» مقابل مشاريع تنمية
الرئيس التونسي لتغيير القانون المنظم للقضاء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة