القمامة «باب رزق» جديد للبنانيين... وبالدولار

TT

القمامة «باب رزق» جديد للبنانيين... وبالدولار

يجمع الموظف اللبناني عصام ما تستخدمه العائلة والأقارب من عبوات معدنية للمشروبات الغازية (التنك)، وقوارير بلاستيكية فارغة من المياه والزيت وعلب الكرتون، وكل ما يمكن إعادة تدويره وتصنيعه، في أكياس كبيرة، ثم يحمّلها في سيارته لبيعها في منطقة أرض جلول (بيروت)، حيث تنتشر مواقع تجميع الخردة.
عصام الأربعيني خريج كلية العلوم يعمل أستاذاً في مادة الرياضيات للصفوف المتوسطة في إحدى المدارس الخاصة في بيروت منذ عشر سنوات، كما يعطي دروساً خصوصية للتلاميذ في فترة بعد الظهر. ورغم الجهد الذي يبذله في ساعات العمل الطويلة يجد نفسه عاجزاً عن تأمين متطلبات أسرته بعدما تآكل راتبه ولم يعد المدخول الإضافي الذي تؤمنه الدروس الخصوصية يكفي لسد فواتير مستلزمات الحد الأدنى من الحياة الكريمة، حسبما يخبر «الشرق الأوسط». ويقول: «عملية الفرز البسيطة التي نقوم بها تؤمن لي حوالي 700 ألف ليرة شهرياً (35 دولاراً)، ما كنا نرميه في القمامة قبل استفحال الأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر صرف الدولار أصبح تجارة لا تحتاج إلى رأسمال وتدر بعض الأموال في هذا الزمن الصعب».
وليس عصام الوحيد الذي وجد في تلك التجارة باباً جديداً للرزق، بل ازدهرت مهنة جمع الخردة في لبنان. وكان لافتاً أن تجميع التنك والحديد والنحاس والبلاستيك والكرتون وغيرها من المواد القابلة لإعادة التدوير باتت تستقطب الطبقة المتوسطة من موظفين وربات منازل وحتى طلاب جامعيين، بعدما كانت حكراً على الفقراء.
فاطمة التي تعد نفسها «من الطبقة المتوسطة سابقاً والمستورة حالياً»، على حد وصفها، رفضت رمي غسالتها القديمة الهالكة. وتحكي لـ«الشرق الأوسط»، أنها سمعت تاجر الخردة ينادي في الشارع فهرعت إلى الشباك تناديه وباعتها بـ150 ألف ليرة لبنانية (حوالي 8 دولارات على سعر صرف دولار السوق الموازية). وتقول: «الزمن الأول تحوّل، لم نعد في مرحلة تسمح لنا برمي ما لا حاجة لنا به، حتى القمامة نحاول الاستفادة منها وبيع ما يمكن تدويره».
وارتفع سعر صرف الدولار في لبنان بشكل جنوني ووصل في بعض الأحيان إلى 33 ألف ليرة للدولار، ما جعل تجارة الخردة مربحة جداً، خصوصاً مع ارتفاع أسعار الحديد والنحاس والألمنيوم والتنك التي تسعّر بالدولار النقدي، ليصبح جامع الخردة وبائعها يجني ملايين الليرات.
وفقاً للأسعار المعلنة، يبلغ سعر طن البلاستيك 350 دولاراً، أما طن المعادن كالألمنيوم والتنك والحديد فيصل إلى حوالي 450 دولاراً، وطن الكرتون قد يصل إلى 100 دولار.
ويوضح حارث سيور وهو صاحب بؤرة خردة في الشمال حيث تنشط هذه المهنة بشكل ملحوظ لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخردة تجمع عادة من حاويات النفايات والكاراجات والورش أو يتم شراؤها ممن يرغبون ببيع قطع لم يعودوا بحاجة إليها، خصوصاً أن كل قطعة اليوم أصبحت تقرّش بالعملة النقدية بعدما كان أصحابها يرمونها على المزابل للتخلص منها».
وقبل الأزمة الاقتصادية الأخيرة، كان الفقراء وحدهم أصحاب هذه المهنة، فيدور العمال في الشوارع والأحياء بسيارات نصف نقل صغيرة أو دراجات نارية تجر عربات لجمع الخردة أو دراجات هوائية، يتسلقون حاويات النفايات وينبشونها بحثاً عما يمكن الاستفادة من بيعه، أما البعض فيشترونها من المواطنين الذين يريدون التخلص من بعض القطع المعطلة.
لكن سيور يتحدث عن وجوه جديدة لم يألفها سابقا وأشخاص جدد يقصدونه لبيع أشياء لم يعودوا بحاجة إليها مثل الأدوات الكهربائية المعطلة من برادات وغسالات وسخانات مياه وأفران غاز وبطاريات سيارات مستهلكة، وكل ما يمكن الاستفادة من تدويره.
ولم يعط سيور سعراً محدداً لمواد الخردة، ويوضح أن الأسعار تتبدل بشكل دائم نظراً لتقلبات الأسعار عالمياً. لكنه يؤكد أن «الدخل اليومي للطفل الذي يجمع الحديد في مناطق الشمال لا يقل عن 150 ألف ليرة في حين كان لا يزيد على 10 آلاف ليرة قبل الأزمة، أما من يجمعون النحاس فتكون يوميتهم أضعاف هذا المبلغ».
ويقول: «هناك إقبال على المصلحة حتى من الطبقة المتوسطة بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار وتدني الأجور. الكل تقريباً يبيع الخردة في الفترة الأخيرة. المتعلمون والعاملون أو العاطلون عن العمل، لبنانيون وسوريون وفلسطينيون... الكل يتاجر بالخردة».
ويوضح الباحث في المؤسسة «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين لـ«الشرق الأوسط» أن حجم تصدير مواد الخردة في السنة بين 250 و300 ألف طن بين حديد وتنك ونحاس تصدر بشكل أساسي للدول الأوروبية وتركيا»، مؤكداً أن «الإقبال على هذه المهنة سببه الأزمة الاقتصادية والطلب المتزايد على هذه المواد التي تباع بالدولار النقدي».
وكان وزير البيئة اللبناني ناصر ياسين قد أشار إلى أنّ كمية النفايات تراجعت في ظل الأزمة الاقتصادية خلال العامين الماضيين، بنسبة تتراوح ما بين 20 و25 في المائة، ويشرح شمس الدين أن الناس ما عادت ترمي المواد القابلة للتدوير نظراً للمكاسب التي يمكن أن يحققونها من بيعها بالدولار.
ويلفت إلى افتتاح معملين في لبنان العام الماضي لإعادة التدوير، واحد في صيدا (جنوب) وآخر في منطقة الشويفات (ضواحي بيروت) أما أغلبية المصانع فتقوم بفرز تلك المواد وتجهيزها على شكل بلوكات لتباع للخارج»، موضحاً أن حجم السوق في لبنان بحدود 90 مليون دولار.
وبحسب شمس الدين، يعمل الآلاف في جمع الخردة، ويتحدث عن نوعين من جامعي الخردة «فهناك من يبحث في حاويات القمامة عن التنك والألومنيوم والمواد القابلة للتدوير وهي أربح بالنسبة لهم لأنها من دون أي مقابل، وهناك من يدورون في الشوارع والأحياء يجرون عربات أو لديهم سيارات ويشترون الحديد والنحاس».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.