«مقياس التعليم العربي» يحذر من أزمة رغم محاولات التطوير الجادة

أطفال المدارس لا يتعلمون المهارات الأساسية.. وارتفاع بطيء في معدل قيد الإناث

«مقياس التعليم العربي» يحذر من أزمة رغم محاولات التطوير الجادة
TT

«مقياس التعليم العربي» يحذر من أزمة رغم محاولات التطوير الجادة

«مقياس التعليم العربي» يحذر من أزمة رغم محاولات التطوير الجادة

تعترف الدول العربية بأن التعليم هو محور الاستقرار السياسي والتقدم الاجتماعي والنمو الاقتصادي. ويجري استثمار مليارات الدولارات في المبادرات الجديدة الطموحة في منطقة الخليج، مثل المدينة التعليمية في قطر، والتعلم الذكي في الإمارات العربية المتحدة، وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في المملكة العربية السعودية. ومع ذلك، فوفقا للنتائج التي كشف عنها مقياس التعليم في العالم العربي (Arab World Learning Barometer) التابع لمؤسسة بروكنغز، تواجه المنطقة أزمة في مجال التعليم.
ويستخدم المقياس أحدث البيانات المتاحة خلال الفترة من عام 2001 إلى عام 2012 لإلقاء نظرة سريعة على مدى قدرة الأطفال والشباب بالمنطقة على دخول المدارس وإتمام تعليمهم وإتقان المهارات الأساسية لمعرفة القراءة والكتابة والمهارات الحسابية.
* ملايين الأطفال لا يلتحقون بالمدارس
منذ عام 2001 تحسن الوضع بالنسبة لعدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس، وانخفض الرقم بمقدار نحو 3.1 طفل.. إلا أن 8.5 طفل ما يزالون غير ملتحقين بالمدارس في المنطقة اليوم. وما زالت موريتانيا واليمن تحتفظان بأقل النسب الخاصة بالقيد في المدارس في المنطقة.
وغالبا ما يعيش الكثير من هؤلاء الأطفال غير الملتحقين بالمدارس - والذين يكونون من مجتمعات ريفية فقيرة - في المناطق المتأثرة بالصراعات. ويعد هذا الأمر مؤكدا، فقبل اندلاع الصراع في سوريا، كان 84 في المائة من الأطفال غير المقيدين بالمدارس في المنطقة يعيشون في البلدان المتأثرة بالنزاع. وفي الوقت الراهن، تواجه المنطقة أحد أكبر التحديات التعليمية مع وجود مليوني طفل سوري غير ملتحقين بالمدارس.
* ارتفاع نسبة التسرب من مرحلة التعليم الثانوي
في حين أن الكثير من الأطفال يقومون بإتمام تعليمهم الأساسي بنسبة أكبر من ذي قبل، إلا أننا نلحظ تسرب الكثير من الفتيان من المدارس الإعدادية في الكثير من الدول العربية مقارنة بما كان عليه الوضع منذ عقد من الزمان. فقدت أكثر من نصف الدول التي شملتها البيانات ما بين نسبة اثنين إلى تسعة في المائة من معدلات إتمام الدراسة في الفترة من 2001-2002 إلى 2010-2011. وكان معدل التحاق الإناث بالتعليم الثانوي في المنطقة أكثر من الذكور حيث تراوحت النسبة من 97 إلى 91 في المائة في عام 2009.
* الإناث يواجهن أكبر العوائق للالتحاق بالتعليم
في حين تزداد احتمالية انتقال الإناث من التعليم الأساسي إلى التعليم الثانوي وتفوقهن في العملية التعليمية أكثر من الذكور، تقل احتمالية التحاقهن بالمدارس عن الذكور، حيث إن 60 في المائة من الأطفال غير المقيدين في مرحلة التعليم الأساسي يكونون من الإناث.
وطبقا لمؤشر المساواة بين الجنسيين (Gender Parity Index)، ارتفع معدل قيد الإناث بالمدارس - مقارنة بالذكور - من نسبة 0.91 في عام 2001 إلى 0.94 في عام 2011. ورغم ذلك، فإن العالم العربي يعاني أقل نسبة من المساواة بين الجنسيين فيما يخص التعليم الأساسي على مستوى العالم، حيث تشهد عملية تطوير المساواة بين الجنسيين تباطؤا بشكل أكثر من المناطق الأخرى، بما في ذلك جنوب الصحراء الكبرى.
وبالإضافة إلى ذلك، تفاقمت ظاهرة نقص المساواة بين الجنسيين بشكل كبير بسبب الثروات والتفاوت بين الأماكن. فعلى سبيل المثال، نجد في مصر أن نسبة 45 في المائة من الإناث بالمناطق الريفية الأشد فقرا يحصلون على التعليم لمدة تقل عن سنتين مقارنة بما يقل عن واحد في المائة بالنسبة لأقرانهن من الذكور في المناطق الحضرية الأكثر ثراء.
وفي حين أن الإناث هن الأكثر تأثرا بالتباين في الالتحاق بالمدارس، ففي بعض المناطق مثل لبنان وفلسطين وقطر يعاني الذكور - ولا سيما في مرحلة التعليم الثانوي - مشكلة الحرمان من الحصول على الفرص التعليمية. وبناء على ذلك، فإن هذا الأمر يتطلب إجراء المزيد من الأبحاث.
* الأطفال لا يتعلمون المهارات الأساسية
يتعرض الأطفال الذين لا يستطيعون الالتحاق بالمدارس أو إتمام تعليمهم للحرمان من فرصة التعليم. بيد أن أحد التقارير المهمة كشف عن أن هناك نسبا عالية للغاية من الأطفال المقيدين بالمدارس لا يتعلمون شيئا، وهو ما يعني أنهم لا يتعلمون المستويات الأساسية الخاصة بتعلم القراءة والكتابة والمهارات الحسابية، حيث يرجع ذلك إلى غياب التعليم بالشكل الكافي.
ومن خلال استخدام التقييمات التعليمية المتاحة في 13 دولة عربية، يصل متوسط نسبة الأطفال الذين لا يتلقون تعليما - رغم قيدهم بالمدارس - إلى 56 في المائة في المرحلة الابتدائية ونسبة 48 في المائة في المرحلة الإعدادية. وعلى النقيض من ذلك، تتراوح تلك النسبة من 33 في المائة بين أطفال البحرين إلى 91 في المائة بين أطفال اليمن الذين لا يتلقون تعليما في المرحلة الابتدائية.
وتؤثر الأزمة التعليمية على الذكور بشكل أكثر من الإناث. وتكون نسبة الإناث اللاتي يتلقين مستويات من التعليم الأساسي أعلى من نسبة الذكور في جميع الدول العربية التسع التي كانت البيانات التعليمية الخاصة بها متاحة. وعلاوة على ذلك، تؤثر العوائق الجغرافية أيضا في مستويات العملية التعليمية. ويظهر التفاوت بين المناطق الريفية والحضرية في مستوى المرحلة الثانوية على وجه الخصوص. ويتضح هذا التباين بصورة جلية في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تصل نسبة شباب المناطق الريفية الذين لا يتلقون تعليما إلى 46 في المائة مقابل 27 في المائة بين أقرانهم في الحضر.
* نتائج التعليم أقل من المتوقع
وفقا للبيانات المتاحة، تتباين نتائج العملية التعليمية بشكل كبير للغاية عبر دول المنطقة، بيد أن تلك النتائج تكون مثيرة للقلق في بعض البلدان، ولا سيما اليمن والمغرب والكويت وتونس، حيث تتراوح نسبة إخفاق طلاب المرحلة الابتدائية في التعليم ما بين الثلثين و90 في المائة.
وتوضح تقييمات العملية التعليمية أن أداء الدول عبر العالم العربي لا تتماشى مع الدول الأخرى التي تتمتع بنفس المستوى من التنمية الاقتصادية. وفي دولة قطر، على وجه الخصوص، تبلغ نسبة الطلاب الذين لا يتلقون تعليما نحو 50 في المائة، رغم أن نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي يزيد بشكل واضح على نظيره في دول أخرى تنخفض فيها معدلات نقص التعليم. ومع ذلك، فلقد حققت قطر تقدما ملحوظا في مستويات التعليم الابتدائي والثانوي في فترة وجيزة نسبيا. وانخفضت نسبة الأطفال الذين لا يتلقون تعليمهم من 82 في المائة إلى 43 في المائة، وهبطت نسبة الشباب الذين لا يتلقون تعليمهم من 73 في 2006-2007 إلى 52 في 2011-2012.
* نقص البيانات الخاصة بالتعليم
تمثلت أبرز النتائج التي كشفها مقياس التعليم في العالم العربي في البيانات الضئيلة للغاية فيما يخص التعليم في الدول العربية. لا توجد دولة في العالم العربي لديها بيانات لجميع المؤشرات القياسية الدولية البالغ عددها ثمانية مؤشرات (مثل القيد بالمدارس والتسرب من المدارس ونتائج التعليم بالمراحل الابتدائية والثانوية). وبالإضافة إلى ذلك، يوجد عدد ضئيل جدا من الدول التي تقوم بتقييم معرفة القراءة والكتابة والمهارات الحسابية في المرحلتين الابتدائية والإعدادية.
* ضعف المهارات الأساسية يزيد من معدلات البطالة بين الشباب
كانت الصعوبات التي أوضحتها نتائج مقياس التعلم في العالم العربي ناتجة عن العجز الواضح في المهارات الأساسية التي تعد من الأمور الضرورية للحصول على عمل براتب يكفي لتلبية الاحتياجات اليومية.
وفي حين أن هذا الأمر ليس هو العامل الوحيد، تشير الدلائل الناتجة عن الدراسات التي يجريها القطاع الخاص إلى احتمالية تأثير انخفاض مستوى المهارات الأساسية بما يسهم في زيادة أزمة البطالة التي تعانيها المنطقة. بيد أن الديناميكية بين نظام التعليم وسوق العمل تتطلب فهما أفضل، بما في ذلك الأسباب المختلفة لمشاركة الذكور والإناث في التعليم وأسواق العمل. وعلى سبيل المثال، فرغم الاستثمار الملحوظ والأداء الأفضل في التعليم، فإن احتمالية توظيف المرأة تقل عن الرجل.
* الطريق نحو النجاح: الاستثمارات الذكية في التعليم
تشير الدلائل الواردة في هذا التقرير إلى ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة لتحسين المهارات الأساسية للأطفال والشباب العرب. ويعترف التقرير بأن الكثير من المساهمين في العالم العربي يشاركون بشكل فاعل في الإصلاحات التعليمية. ومن المأمول أن يؤدي هذا القرار إلى التحفيز لإجراء المزيد من الحوارات داخل المنطقة بهدف إحراز تقدم وتحقيق النجاح في هذا الصدد. وبوصفها نقطة انطلاق محتملة، يطرح التقرير خمسة أسئلة ربما تكون مفيدة لدراسة الاستثمارات الذكية الجديدة في مجال التعليم.
- أولا: يؤكد البحث على أن الاستثمار المبكر في حياة الأطفال من أكثر الاستثمارات المفيدة التي يمكن أن يحققها أي بلد في المستقبل. وفي ضوء ارتفاع النسبة الإجمالية للقيد في مرحلة ما قبل التعليم الأساسي لتصل إلى 22 في المائة في عام 2010؛ فمن الضروري وجود اتجاه متعدد القطاعات لرأب الصدع، ولا سيما بالنسبة للأطفال الفقراء. وبناء على ذلك، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما أنواع الحوافز المالية التي يمكن أن تسهم في تسريع معدل النمو لتوفير تعليم جيد في مراحل الطفولة المبكرة، فضلا عن توفير الرعاية الصحية بشكل أفضل وبأسعار يمكن تحملها؟
- ثانيا: لا يمكن تحسين نتائج التعليم من دون معالجة مشكلة نقص المعلمين وجودة عملية التدريس. وطبقا لما ذكرته منظمة اليونيسكو، تحتاج المنطقة إلى 500 ألف وظيفة إضافية، بالإضافة إلى استبدال 1.4 مليون مدرس سيتركون مهنتهم من أجل إنجاز مهمة تعميم التعليم الابتدائي وتعليم القراءة والكتابة بحلول عام 2030. ووفقا لذلك، فهل يوجد مدرسون وطنيون أكفاء يتمتعون بمهارات تدريبية بما يمكن من استبدال المدرسين الحاليين وزيادة عددهم باستخدام نماذج مفيدة بشكل أكبر بالنظر إلى التكلفة؟
- ثالثا: ستحتاج تلك الحلول إلى أن نضع في الحسبان مسألة التحديات التي تواجه الدول المتأثرة بالصراع. وفي حين أن هناك حاجة إلى المزيد من المساعدات على المدى القريب بالنسبة للملايين من الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في مناطق النزاع، فمن الضروري أيضا وجود اتجاه تنموي على المدى الطويل لدعم عملية التعليم للأطفال اللاجئين والمشردين في المنطقة. وعليه، فكيف يمكن أن تساعد الوكالات المانحة الإقليمية في الاستفادة من الأموال التي تقدمها المؤسسات والجمعيات الخيرية؟
- رابعا: يتعذر على الحكومات تحسين جودة التعليم وحدها. وسيكون القطاع الخاص من بين أكثر المستفيدين من تحقيق الإنجازات فيما يتعلق بوجود معدلات تعليم أعلى، مع الوضع في الاعتبار أن الأطفال والشباب هم العماد والركيزة المستقبلية للموظفين في هذا القطاع. وفي ضوء هذا الأمر، فما الذي يمكن أن تفعله الحكومة لتشجيع القطاع الخاص وابتكار خطط تمويلية خلاقة وزيادة المبادرات في مجال التعليم والتدريب؟
- خامسا وأخيرا: يعد التجميع الممنهج للبيانات واستخدامها في نتائج التعليم بمثابة الخطوة الأولى المهمة لأي دولة تسعى لتحسين أداء طلابها. ومع الأخذ في الحسبان الفجوات الخاصة ببيانات تقييم الطلاب في المنطقة، كيف يمكن أن تسهم الجهود العالمية الحالية في دعم تحسين عملية تقييم نتائج التعليم في المنطقة؟
* خبيرة تعليمية في «معهد بروكنغز» واشنطن



{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
TT

{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)

منذ 15 عاما حينما تأسست مكتبة الإسكندرية الجديدة، وكان الطلاب والباحثون من مختلف أنحاء مصر يشدون الرحال إلى «عروس المتوسط» للاستفادة من الأوعية المعرفية كافة التي تقدمها المكتبة لزائريها، والاطلاع على خدمات المكتبة الرقمية والدوريات العلمية والبحوث، لكن الجديد أن كل ذلك أصبح متاحا في 20 محافظة في مختلف أنحاء مصر وللطلاب العرب والأفارقة والأجانب المقيمين في مصر كافة من خلال «سفارات المعرفة».

فعاليات لنبذ التطرف
لم تكتف مكتبة الإسكندرية بأنها مركز إشعاع حضاري ومعرفي يجمع الفنون بالعلوم والتاريخ والفلسفة بالبرمجيات بل أسست 20 «سفارة معرفة» في مختلف المحافظات المصرية، كأحد المشروعات التي تتبع قطاع التواصل الثقافي بالمكتبة لصناعة ونشر الثقافة والمعرفة ورعاية وتشجيع الإبداع الفني والابتكار العلمي.
ويقول الدكتور مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»: «هذا المشروع من أدوات المكتبة لنشر العلم والثقافة في مصر والعالم أجمع، ووجود هذه السفارات يساعد المكتبة على تحقيق أهدافها على نطاق جغرافي أوسع. ونحن هذا العام نسعى لمحاربة التطرف الذي ضرب العالم، وخصصنا السمة الرئيسية للمكتبة هذا العام (نشر التسامح تعظيم قيمة المواطنة، ونبذ العنف والتصدي للإرهاب) والتي سوف نعلن عن فعالياتها قريبا». يضيف: «نتمنى بالطبع إقامة المزيد من السفارات في كل القرى المصرية ولكن تكلفة إقامة السفارة الواحدة تزيد على مليون جنيه مصري، فإذا توافر الدعم المادي لن تبخل المكتبة بالجهد والدعم التقني لتأسيس سفارات جديدة».

خطط للتوسع
تتلقى مكتبة الإسكندرية طلبات من الدول كافة لتفعيل التعاون البحثي والأكاديمي، يوضح الدكتور الفقي: «أرسلت لنا وزارة الخارجية المصرية مؤخرا خطابا موجها من رئيس إحدى الدول الأفريقية لتوقيع بروتوكول تعاون، وتسعى المكتبة لتؤسس فروعا لها في الدول الأفريقية، وقد أوصاني الرئيس عبد الفتاح السيسي بالعلاقات الأفريقية، ونحن نوليها اهتماما كبيرا».
يؤكد الدكتور الفقي «المكتبة ليست بعيدة عن التعاون مع العالم العربي بل هناك مشروع (ذاكرة الوطن العربي) الذي سيكون من أولوياته إنعاش القومية العربية».
«مواجهة التحدي الرقمي هو أحد أهداف المكتبة منذ نشأتها»، يؤكد الدكتور محمد سليمان، رئيس قطاع التواصل الثقافي، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «مشروع سفارات المعرفة يجسد الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا في نقل المعرفة لكل مكان في مصر، ومصطلح (سفارة) يعني أن للمكتبة سيطرة كاملة على المكان الذي تخصصه لها الجامعات لتقديم الخدمات كافة، بدأ المشروع عام 2014 لكنه بدأ ينشط مؤخرا ويؤدي دوره في نشر المعرفة على نطاق جغرافي واسع».
يضيف: «تقدم المكتبة خدماتها مجانا للطلاب وللجامعات للاطلاع على الأرشيف والمكتبة الرقمية والمصادر والدوريات العلمية والموسوعات التي قام المكتبة بشراء حق الاطلاع عليها» ويوضح: «هناك 1800 فعالية تقام بالمكتبة في مدينة الإسكندرية ما بين مؤتمرات وورشات عمل وأحداث ثقافية ومعرفية، يتم نقلها مباشرة داخل سفارات المعرفة بالبث المباشر، حتى لا تكون خدمات المكتبة قاصرة على الباحثين والطلاب الموجودين في الإسكندرية فقط».
«كل من يسمح له بدخول الحرم الجامعي يمكنه الاستفادة بشكل كامل من خدمات سفارة المعرفة ومكتبة الإسكندرية بغض النظر عن جنسيته» هكذا يؤكد الدكتور أشرف فراج، العميد السابق لكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، والمشرف على «سفارات المعرفة» لـ«الشرق الأوسط»: «هذه السفارات هي أفرع لمكتبة الإسكندرية تقدم للباحثين خدماتها والهدف من هذا المشروع هو تغيير الصورة النمطية عن المكتبة بأنها تخدم النخبة العلمية والثقافية، بل هذه الخدمات متاحة للطلاب في القرى والنجوع» ويضيف: «يمكن لأي باحث من أي دولة الحصول على تصريح دخول السفارة من مكتب رئيس الجامعة التي توجد بها السفارة».

صبغة دبلوماسية
حول اسم سفارات المعرفة ذي الصبغة الدبلوماسية، يكشف الدكتور فراج «للمصطلح قصة قانونية، حيث إن قسم المكتبات يدفع للناشرين الدوليين مبلغا سنويا يقدر تقريبا بنحو 25 مليون، لكي تكون الدوريات العلمية المتخصصة والمكتبات الرقمية العالمية متاحة لمستخدمي المكتبة، ولما أردنا افتتاح فروع للمكتبة في المدن المصرية واجهتنا مشكلة بأن هذه الجهات ستطالب بدفع نفقات إضافية لحق استغلال موادها العلمية والأكاديمية لكن مع كونها سفارة فإنها تتبع المكتبة ولها السلطة الكاملة عليها».
ويضيف: «تهدف السفارات لإحداث حراك ثقافي ومعرفي كامل فهي ليست حكرا على البحث العلمي فقط، وقد حرصنا على أن تكون هناك فعاليات خاصة تقام بكل سفارة تخدم التنمية الثقافية في المحافظة التي أقيمت بها، وأن يتم إشراك الطلاب الأجانب الوافدين لكي يفيدوا ويستفيدوا، حيث يقدم كل منهم عروضا تقديمية عن بلادهم، أو يشارك في ورشات عمل عن الصناعات اليدوية التقليدية في المحافظات وبالتالي يتعرف على التراث الثقافي لها وهذا يحقق جزءا من رسالة المكتبة في تحقيق التلاحم بين شباب العالم».
تتيح سفارات المعرفة للطلاب أنشطة رياضية وفنية وثقافية، حيث أسست فرق كورال وكرة قدم تحمل اسم سفارات المعرفة، وتضم في عضويتها طلابا من مختلف الجامعات والتخصصات وتنافس الفرق الجامعية المصرية. ويلفت الدكتور فراج «تقيم سفارات المعرفة عددا من المهرجانات الفنية وورشات العمل ودورات تدريبية لتشجيع الطلاب على بدء مشروعاتهم الخاصة لكي يكونوا أعضاء منتجين في مجتمعهم خاصة في المدن السياحية».

قواعد موحدة
تم عمل بروتوكول تعاون مع وزارة التعليم العالي والجامعات الحكومية ومع التربية والتعليم ومع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، ويوجد بكل سفارة شخصان تكون مهمتهما إرشاد الطلاب للمصادر الرقمية للمكتبة، وتقديم برنامج الأحداث والفعاليات الخاص بالمكتبة لمدة 3 شهور مقبلة، لكي يتمكن الباحث من تحديد المؤتمرات التي يرغب في حضورها عبر البث الحي».
كل قواعد المكتبة تتبع في كل سفارة ويتم التحكم في الأنظمة والأجهزة كافة عبر السفارات العشرين، من مكتبة الإسكندرية بالشاطبي حيث تتابع المكتبة السفارات العشرين عبر شاشات طوال فترة استقبال الباحثين من الساعة الثامنة النصف صباحا وحتى الخامسة مساء.
ويكشف الدكتور فراج «السفارة تنفق نحو نصف مليون كتكلفة سنوية، حيث توفر الخدمات والأجهزة كافة للجامعات بشكل مجاني، بل تساعد سفارات المعرفة الجامعات المصرية في الحصول على شهادات الأيزو من خلال ما تضيفه من تكنولوجيا وإمكانيات لها. ويؤكد فراج «يتم إعداد سفارة في مرسى مطروح لخدمة الطلاب هناك وسوف تقام مكتبة متكاملة في مدينة العلمين الجديدة».

أنشطة مجتمعية
يشير الدكتور سامح فوزي، المسؤول الإعلامي لمكتبة الإسكندرية إلى أن دور سفارات المعرفة يتخطى مسألة خدمة الباحثين وتخفيف عبء الحصول على مراجع ومصادر معلومات حديثة بل إن هذه السفارات تسهم في تطوير المجتمع بشكل غير مباشر، أما الأنشطة المجتمعية ذات الطابع العلمي أو الثقافي فهي تخلق جواً من الألفة بين أهل القرى وبين السفارة».
تُعد تلك السفارات بمثابة مراكز فرعية للمكتبة، فهي تتيح لروادها الخدمات نفسها التي تقدمها مكتبة الإسكندرية لجمهورها داخل مقرها الرئيسي، وتحتوي على جميع الأدوات والامتيازات الرقمية المقدمة لزوار مكتبة الإسكندرية؛ مثل إتاحة التواصل والاستفادة من الكثير من المشروعات الرقمية للمكتبة، مثل: مستودع الأصول الرقمية (DAR)؛ وهو أكبر مكتبة رقمية عربية على الإطلاق، ومشروع وصف مصر، ومشروع الفن العربي، ومشروع الأرشيف الرقمي لمجلة الهلال، ومشروع ذاكرة مصر المعاصرة، ومشروع «محاضرات في العلوم» (Science Super Course)... إلخ، بالإضافة لإتاحة التواصل مع الكثير من البوابات والمواقع الإلكترونية الخاصة بالمكتبة، مثل: موقع «اكتشف بنفسك»، والملتقى الإلكتروني (Arab InfoMall)، وبوابة التنمية... إلخ. ذلك إلى جانب خدمة «البث عبر شبكة الإنترنت»، التي تقدِّم بثاً حياً أو مسجلاً للفعاليات التي تقام بمركز مؤتمرات مكتبة الإسكندرية؛ حتى يُتاح لزائري المكتبة مشاهدتها في أي وقت بشكل سلس وبسرعة فائقة. علاوة على ذلك، تتيح مكتبة الإسكندرية لمستخدمي سفارات المعرفة التمتع بخدمات مكتبة الوسائط المتعددة، واستخدام نظام الحاسب الآلي فائق السرعة (Supercomputer).