وزير الدفاع العراقي ينفي وقوع إعدامات جماعية بحق جنود في منطقة سد الثرثار

توجه لاستدعائه أمام البرلمان.. والرئاسات الثلاث تبحث التداعيات

وزير الدفاع العراقي ينفي وقوع إعدامات جماعية بحق جنود في منطقة سد الثرثار
TT

وزير الدفاع العراقي ينفي وقوع إعدامات جماعية بحق جنود في منطقة سد الثرثار

وزير الدفاع العراقي ينفي وقوع إعدامات جماعية بحق جنود في منطقة سد الثرثار

في الوقت الذي نفى فيه وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي الأنباء التي تحدثت عن إعدامات جماعية في منطقة الثرثار، فإن الرئاسات الثلاث عقدت مساء أمس اجتماعا بحثت خلاله تداعيات الأوضاع الأمنية في تلك المنطقة التي أدت إلى مقتل قائدين عسكريين كبيرين هما قائد الفرقة الأولى في الجيش العراقي وآمر أحد الأولوية العسكرية.
وقالت رئاسة الجمهورية في بيان إن «الاجتماع يأتي بهدف مناقشة ودراسة الوضع السياسي والأمني لا سيما بعد التطورات الأمنية في محافظة الأنبار و(استشهاد) عدد من أفراد القوات المسلحة العراقية خلال تصديهم لعصابات (داعش) الإرهابية في منطقة الثرثار شمال مدينة الفلوجة».
ويأتي هذا الاجتماع في وقت تضاربت فيه الأنباء بشأن ما حصل في الثرثار بينما أعلن عدد من أعضاء البرلمان العراقي قيامهم بجمع تواقيع لإقالة وزير الدفاع خالد العبيدي. وطبقا للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة ومقربة من رئاسة البرلمان فإن «هناك خلافات داخل هيئة الرئاسة بشأن كيفية التعامل مع قضية الثرثار، ففيما يوجد اتجاه لتحميل وزير الدفاع كامل المسؤولية، هناك اتجاه آخر يقضي بالتعامل مع ملف القضية بصورة أشمل إذ إن هناك قيادات أخرى عسكرية تتحمل القسط الوافر من المسؤولية». وأضاف المصدر أن «اجتماع الرئاسات الثلاث سيبحث هذه النقطة مع قضايا كثيرة أخرى». وبشأن ما إذا كان الاجتماع يرتقي إلى مستوى التحديات الأمنية والسياسية التي يواجهها العراق حاليا مع تصاعد موجة السيارات المفخخة في العاصمة بغداد، قال المصدر المطلع إن «مما يؤسف له أن هناك تهاونا على صعيد التعامل مع هذه الأمور التي باتت خطيرة؛ بحيث إن المسؤول المقصر أو الفاسد بات يعرف مسبقا أن أي حساب حقيقي لن يطاله لأنه في النهاية تابع لكتلة أو حزب يدافع عنه ويحميه».
وكان رئيس البرلمان سليم الجبوري قد تعهد باستدعاء القادة العسكريين المسؤولين عن التدهور الأمني الذي حدث في ناظم سد الثرثار. وقال الجبوري في بيان إن «لجنة الأمن والدفاع النيابية ستتخذ الإجراءات القانونية المناسبة من أجل الوقوف على ملابسات القضية».
لكن النائب الأول لرئيس البرلمان همام حمودي أعلن في بيان مماثل أن البرلمان سيستدعي وزير الدفاع. وقال إنه «تقرر استدعاء وزير الدفاع إلى البرلمان للوقوف على حقيقة ما جرى في ناظم الثرثار».
من جهته، نفى وزير الدفاع ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن وجود عمليات قتل جماعي بحق جنود عراقيين من قبل تنظيم داعش في محافظة الأنبار. وقال العبيدي في مؤتمر صحافي أمس في بغداد إن «القوات الأمنية تمكنت من الوصول إلى منطقة قريبة من مركز ناحية الكرمة»، مبينا أن «عددا من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تناقلت أنباء غير دقيقة عن ناظم التقسيم ومنفذ طريبيل للتغطية على نجاحات وانتصارات القوات الأمنية في الكرمة». وأضاف العبيدي أن «مواقع التواصل وعددا من وكالات الأنباء نشرت أخبارا ملفقة عن عمليات قتل جماعي وهذا كلام غير صحيح»، مؤكدا أن «ناظم الثرثار تسيطر عليه قواتنا ولم يتعرض لأي هجوم، والكلام عن تعرضه لهجوم غير دقيق ولا أساس له من الصحة». وأوضح وزير الدفاع أن «الإرهابيين قاموا بالتعرض والهجوم على ناظم التقسيم بثلاث سيارات مفخخة، مما أسفر عن (استشهاد) 13 من المقاتلين»، لافتا إلى أن «القوات الأمنية تمكنت من إخلاء القطعات الموجودة واستعادة المناطق التي تمت السيطرة عليها». ولفت العبيدي إلى أن «ناظم التقسيم ما زال تحت سيطرة (داعش)»، موضحا أن «القوات الأمنية قريبة جدًا والساعات المقبلة ستشهد تحريره».
من جهته، أكد نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حامد المطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «اللجنة عاكفة على تحديد المقصرين في هذه القضية وغيرها من القضايا من أجل التوصل إلى الحقيقة حتى لا تبقى الدماء تسيل دون حساب حقيقي». وأضاف المطلك أن «الإشكالية الأساسية تتمثل في عدم بناء قدرات القوات المسلحة بطريقة صحيحة ومهنية بحيث تتمكن من التعامل مع مختلف صفحات المعركة التي هي ليست سهلة، وبالتالي فإن فقدان القيادة والسيطرة بين القيادات هو الذي يؤدي في النهاية إلى المزيد من الأخطاء التي آن الأوان للوقوف عندها بحزم».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم