«مقياس التعليم العربي» يحذر من أزمة رغم محاولات التطوير الجادة

أطفال المدارس لا يتعلمون المهارات الأساسية.. وارتفاع بطيء في معدل قيد الإناث

«مقياس التعليم العربي» يحذر من أزمة رغم محاولات التطوير الجادة
TT

«مقياس التعليم العربي» يحذر من أزمة رغم محاولات التطوير الجادة

«مقياس التعليم العربي» يحذر من أزمة رغم محاولات التطوير الجادة

تعترف الدول العربية بأن التعليم هو محور الاستقرار السياسي والتقدم الاجتماعي والنمو الاقتصادي. ويجري استثمار مليارات الدولارات في المبادرات الجديدة الطموحة في منطقة الخليج، مثل المدينة التعليمية في قطر، والتعلم الذكي في الإمارات العربية المتحدة، وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في المملكة العربية السعودية. ومع ذلك، فوفقا للنتائج التي كشف عنها مقياس التعليم في العالم العربي (Arab World Learning Barometer) التابع لمؤسسة بروكنغز، تواجه المنطقة أزمة في مجال التعليم.
ويستخدم المقياس أحدث البيانات المتاحة خلال الفترة من عام 2001 إلى عام 2012 لإلقاء نظرة سريعة على مدى قدرة الأطفال والشباب بالمنطقة على دخول المدارس وإتمام تعليمهم وإتقان المهارات الأساسية لمعرفة القراءة والكتابة والمهارات الحسابية.
* ملايين الأطفال لا يلتحقون بالمدارس
منذ عام 2001 تحسن الوضع بالنسبة لعدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس، وانخفض الرقم بمقدار نحو 3.1 طفل.. إلا أن 8.5 طفل ما يزالون غير ملتحقين بالمدارس في المنطقة اليوم. وما زالت موريتانيا واليمن تحتفظان بأقل النسب الخاصة بالقيد في المدارس في المنطقة.
وغالبا ما يعيش الكثير من هؤلاء الأطفال غير الملتحقين بالمدارس - والذين يكونون من مجتمعات ريفية فقيرة - في المناطق المتأثرة بالصراعات. ويعد هذا الأمر مؤكدا، فقبل اندلاع الصراع في سوريا، كان 84 في المائة من الأطفال غير المقيدين بالمدارس في المنطقة يعيشون في البلدان المتأثرة بالنزاع. وفي الوقت الراهن، تواجه المنطقة أحد أكبر التحديات التعليمية مع وجود مليوني طفل سوري غير ملتحقين بالمدارس.
* ارتفاع نسبة التسرب من مرحلة التعليم الثانوي
في حين أن الكثير من الأطفال يقومون بإتمام تعليمهم الأساسي بنسبة أكبر من ذي قبل، إلا أننا نلحظ تسرب الكثير من الفتيان من المدارس الإعدادية في الكثير من الدول العربية مقارنة بما كان عليه الوضع منذ عقد من الزمان. فقدت أكثر من نصف الدول التي شملتها البيانات ما بين نسبة اثنين إلى تسعة في المائة من معدلات إتمام الدراسة في الفترة من 2001-2002 إلى 2010-2011. وكان معدل التحاق الإناث بالتعليم الثانوي في المنطقة أكثر من الذكور حيث تراوحت النسبة من 97 إلى 91 في المائة في عام 2009.
* الإناث يواجهن أكبر العوائق للالتحاق بالتعليم
في حين تزداد احتمالية انتقال الإناث من التعليم الأساسي إلى التعليم الثانوي وتفوقهن في العملية التعليمية أكثر من الذكور، تقل احتمالية التحاقهن بالمدارس عن الذكور، حيث إن 60 في المائة من الأطفال غير المقيدين في مرحلة التعليم الأساسي يكونون من الإناث.
وطبقا لمؤشر المساواة بين الجنسيين (Gender Parity Index)، ارتفع معدل قيد الإناث بالمدارس - مقارنة بالذكور - من نسبة 0.91 في عام 2001 إلى 0.94 في عام 2011. ورغم ذلك، فإن العالم العربي يعاني أقل نسبة من المساواة بين الجنسيين فيما يخص التعليم الأساسي على مستوى العالم، حيث تشهد عملية تطوير المساواة بين الجنسيين تباطؤا بشكل أكثر من المناطق الأخرى، بما في ذلك جنوب الصحراء الكبرى.
وبالإضافة إلى ذلك، تفاقمت ظاهرة نقص المساواة بين الجنسيين بشكل كبير بسبب الثروات والتفاوت بين الأماكن. فعلى سبيل المثال، نجد في مصر أن نسبة 45 في المائة من الإناث بالمناطق الريفية الأشد فقرا يحصلون على التعليم لمدة تقل عن سنتين مقارنة بما يقل عن واحد في المائة بالنسبة لأقرانهن من الذكور في المناطق الحضرية الأكثر ثراء.
وفي حين أن الإناث هن الأكثر تأثرا بالتباين في الالتحاق بالمدارس، ففي بعض المناطق مثل لبنان وفلسطين وقطر يعاني الذكور - ولا سيما في مرحلة التعليم الثانوي - مشكلة الحرمان من الحصول على الفرص التعليمية. وبناء على ذلك، فإن هذا الأمر يتطلب إجراء المزيد من الأبحاث.
* الأطفال لا يتعلمون المهارات الأساسية
يتعرض الأطفال الذين لا يستطيعون الالتحاق بالمدارس أو إتمام تعليمهم للحرمان من فرصة التعليم. بيد أن أحد التقارير المهمة كشف عن أن هناك نسبا عالية للغاية من الأطفال المقيدين بالمدارس لا يتعلمون شيئا، وهو ما يعني أنهم لا يتعلمون المستويات الأساسية الخاصة بتعلم القراءة والكتابة والمهارات الحسابية، حيث يرجع ذلك إلى غياب التعليم بالشكل الكافي.
ومن خلال استخدام التقييمات التعليمية المتاحة في 13 دولة عربية، يصل متوسط نسبة الأطفال الذين لا يتلقون تعليما - رغم قيدهم بالمدارس - إلى 56 في المائة في المرحلة الابتدائية ونسبة 48 في المائة في المرحلة الإعدادية. وعلى النقيض من ذلك، تتراوح تلك النسبة من 33 في المائة بين أطفال البحرين إلى 91 في المائة بين أطفال اليمن الذين لا يتلقون تعليما في المرحلة الابتدائية.
وتؤثر الأزمة التعليمية على الذكور بشكل أكثر من الإناث. وتكون نسبة الإناث اللاتي يتلقين مستويات من التعليم الأساسي أعلى من نسبة الذكور في جميع الدول العربية التسع التي كانت البيانات التعليمية الخاصة بها متاحة. وعلاوة على ذلك، تؤثر العوائق الجغرافية أيضا في مستويات العملية التعليمية. ويظهر التفاوت بين المناطق الريفية والحضرية في مستوى المرحلة الثانوية على وجه الخصوص. ويتضح هذا التباين بصورة جلية في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تصل نسبة شباب المناطق الريفية الذين لا يتلقون تعليما إلى 46 في المائة مقابل 27 في المائة بين أقرانهم في الحضر.
* نتائج التعليم أقل من المتوقع
وفقا للبيانات المتاحة، تتباين نتائج العملية التعليمية بشكل كبير للغاية عبر دول المنطقة، بيد أن تلك النتائج تكون مثيرة للقلق في بعض البلدان، ولا سيما اليمن والمغرب والكويت وتونس، حيث تتراوح نسبة إخفاق طلاب المرحلة الابتدائية في التعليم ما بين الثلثين و90 في المائة.
وتوضح تقييمات العملية التعليمية أن أداء الدول عبر العالم العربي لا تتماشى مع الدول الأخرى التي تتمتع بنفس المستوى من التنمية الاقتصادية. وفي دولة قطر، على وجه الخصوص، تبلغ نسبة الطلاب الذين لا يتلقون تعليما نحو 50 في المائة، رغم أن نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي يزيد بشكل واضح على نظيره في دول أخرى تنخفض فيها معدلات نقص التعليم. ومع ذلك، فلقد حققت قطر تقدما ملحوظا في مستويات التعليم الابتدائي والثانوي في فترة وجيزة نسبيا. وانخفضت نسبة الأطفال الذين لا يتلقون تعليمهم من 82 في المائة إلى 43 في المائة، وهبطت نسبة الشباب الذين لا يتلقون تعليمهم من 73 في 2006-2007 إلى 52 في 2011-2012.
* نقص البيانات الخاصة بالتعليم
تمثلت أبرز النتائج التي كشفها مقياس التعليم في العالم العربي في البيانات الضئيلة للغاية فيما يخص التعليم في الدول العربية. لا توجد دولة في العالم العربي لديها بيانات لجميع المؤشرات القياسية الدولية البالغ عددها ثمانية مؤشرات (مثل القيد بالمدارس والتسرب من المدارس ونتائج التعليم بالمراحل الابتدائية والثانوية). وبالإضافة إلى ذلك، يوجد عدد ضئيل جدا من الدول التي تقوم بتقييم معرفة القراءة والكتابة والمهارات الحسابية في المرحلتين الابتدائية والإعدادية.
* ضعف المهارات الأساسية يزيد من معدلات البطالة بين الشباب
كانت الصعوبات التي أوضحتها نتائج مقياس التعلم في العالم العربي ناتجة عن العجز الواضح في المهارات الأساسية التي تعد من الأمور الضرورية للحصول على عمل براتب يكفي لتلبية الاحتياجات اليومية.
وفي حين أن هذا الأمر ليس هو العامل الوحيد، تشير الدلائل الناتجة عن الدراسات التي يجريها القطاع الخاص إلى احتمالية تأثير انخفاض مستوى المهارات الأساسية بما يسهم في زيادة أزمة البطالة التي تعانيها المنطقة. بيد أن الديناميكية بين نظام التعليم وسوق العمل تتطلب فهما أفضل، بما في ذلك الأسباب المختلفة لمشاركة الذكور والإناث في التعليم وأسواق العمل. وعلى سبيل المثال، فرغم الاستثمار الملحوظ والأداء الأفضل في التعليم، فإن احتمالية توظيف المرأة تقل عن الرجل.
* الطريق نحو النجاح: الاستثمارات الذكية في التعليم
تشير الدلائل الواردة في هذا التقرير إلى ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة لتحسين المهارات الأساسية للأطفال والشباب العرب. ويعترف التقرير بأن الكثير من المساهمين في العالم العربي يشاركون بشكل فاعل في الإصلاحات التعليمية. ومن المأمول أن يؤدي هذا القرار إلى التحفيز لإجراء المزيد من الحوارات داخل المنطقة بهدف إحراز تقدم وتحقيق النجاح في هذا الصدد. وبوصفها نقطة انطلاق محتملة، يطرح التقرير خمسة أسئلة ربما تكون مفيدة لدراسة الاستثمارات الذكية الجديدة في مجال التعليم.
- أولا: يؤكد البحث على أن الاستثمار المبكر في حياة الأطفال من أكثر الاستثمارات المفيدة التي يمكن أن يحققها أي بلد في المستقبل. وفي ضوء ارتفاع النسبة الإجمالية للقيد في مرحلة ما قبل التعليم الأساسي لتصل إلى 22 في المائة في عام 2010؛ فمن الضروري وجود اتجاه متعدد القطاعات لرأب الصدع، ولا سيما بالنسبة للأطفال الفقراء. وبناء على ذلك، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما أنواع الحوافز المالية التي يمكن أن تسهم في تسريع معدل النمو لتوفير تعليم جيد في مراحل الطفولة المبكرة، فضلا عن توفير الرعاية الصحية بشكل أفضل وبأسعار يمكن تحملها؟
- ثانيا: لا يمكن تحسين نتائج التعليم من دون معالجة مشكلة نقص المعلمين وجودة عملية التدريس. وطبقا لما ذكرته منظمة اليونيسكو، تحتاج المنطقة إلى 500 ألف وظيفة إضافية، بالإضافة إلى استبدال 1.4 مليون مدرس سيتركون مهنتهم من أجل إنجاز مهمة تعميم التعليم الابتدائي وتعليم القراءة والكتابة بحلول عام 2030. ووفقا لذلك، فهل يوجد مدرسون وطنيون أكفاء يتمتعون بمهارات تدريبية بما يمكن من استبدال المدرسين الحاليين وزيادة عددهم باستخدام نماذج مفيدة بشكل أكبر بالنظر إلى التكلفة؟
- ثالثا: ستحتاج تلك الحلول إلى أن نضع في الحسبان مسألة التحديات التي تواجه الدول المتأثرة بالصراع. وفي حين أن هناك حاجة إلى المزيد من المساعدات على المدى القريب بالنسبة للملايين من الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في مناطق النزاع، فمن الضروري أيضا وجود اتجاه تنموي على المدى الطويل لدعم عملية التعليم للأطفال اللاجئين والمشردين في المنطقة. وعليه، فكيف يمكن أن تساعد الوكالات المانحة الإقليمية في الاستفادة من الأموال التي تقدمها المؤسسات والجمعيات الخيرية؟
- رابعا: يتعذر على الحكومات تحسين جودة التعليم وحدها. وسيكون القطاع الخاص من بين أكثر المستفيدين من تحقيق الإنجازات فيما يتعلق بوجود معدلات تعليم أعلى، مع الوضع في الاعتبار أن الأطفال والشباب هم العماد والركيزة المستقبلية للموظفين في هذا القطاع. وفي ضوء هذا الأمر، فما الذي يمكن أن تفعله الحكومة لتشجيع القطاع الخاص وابتكار خطط تمويلية خلاقة وزيادة المبادرات في مجال التعليم والتدريب؟
- خامسا وأخيرا: يعد التجميع الممنهج للبيانات واستخدامها في نتائج التعليم بمثابة الخطوة الأولى المهمة لأي دولة تسعى لتحسين أداء طلابها. ومع الأخذ في الحسبان الفجوات الخاصة ببيانات تقييم الطلاب في المنطقة، كيف يمكن أن تسهم الجهود العالمية الحالية في دعم تحسين عملية تقييم نتائج التعليم في المنطقة؟
* خبيرة تعليمية في «معهد بروكنغز» واشنطن



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.