حكومة هادي تعد ملفًا حول ارتباطات صالح ب" القاعدة" لتسليمه لمجلس الأمن

وزير الخارجية اليمني يطالب بمناطق آمنة في بلاده.. وحذر من الدور الإيراني

وزير خارجية اليمن رياض ياسين (أ.ف.ب)
وزير خارجية اليمن رياض ياسين (أ.ف.ب)
TT

حكومة هادي تعد ملفًا حول ارتباطات صالح ب" القاعدة" لتسليمه لمجلس الأمن

وزير خارجية اليمن رياض ياسين (أ.ف.ب)
وزير خارجية اليمن رياض ياسين (أ.ف.ب)

تعد الحكومة اليمنية برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي ملفا حول ارتباطات الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح بـ«القاعدة» وتنظيمات إرهابية تقول الحكومة اليمنية إنه كان (صالح) يستغلها للبقاء في السلطة والحصول على الدعم من الخارج. وأعلن وزير خارجية اليمن رياض ياسين أمس التوجه لتقديم هذا الملف إلى الأمم المتحدة في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة البريطانية أمس، حيث وصل لإجراء مشاورات حول مستقبل اليمن وتثبيت الحكومة الشرعية فيه. وكرر ياسين رفض الحكومة اليمنية لدعوة الرئيس اليمني المخلوع لإجراء مفاوضات حول السلطة.
وكان صالح الذي يقاتل مؤيدوه إلى جانب المسلحين الحوثيين المتحالفين مع إيران قد دعا يوم الجمعة الماضي «كل اليمنيين» للعودة إلى طاولة الحوار السياسي لإيجاد سبيل لإنهاء النزاع في البلاد. وأكد ياسين في مؤتمر صحافي مساء أمس في لندن: «هذه الدعوات غير مقبولة بعد كل هذه الدمار الذي سببه علي عبد الله صالح. لا مكان لصالح في أي محادثات سياسية في المستقبل». وأضاف: «علي عبد الله صالح لا يمكن أن يقدم مبادرة أو يكون له مكان في أي عملية سياسية بحسب قرار مجلس الأمن» التابعة للأمم المتحدة.
وتحدث ياسين عن ضرورة مواصلة العمليات العسكرية لإنهاء احتلال الحوثيين للعاصمة اليمنية ومناطق أخرى. وقال وزير الخارجية اليمني: «عملية عاصفة الحزم لم تنته.. لن يكون هناك أي تعامل مع الحوثيين حتى ينسحبوا من المناطق التي يسيطرون عليها». وأوضح: «حزمة من الإجراءات والتحركات بدأت بالضربات الجوية ولكن يمكن أن تتبعها تحركات من أي نوع – بما في ذلك تحريك الجنود البريين». وأضاف أنه «يمكن أن يتم ذلك في المناطق الآمنة.. فلن تكون هناك حاجة لكي ينشر التحالف قوات برية في اليمن لأن 70 في المائة من اليمن ليس تحت سيطرة الحوثيين أو صالح». ولفت ياسين إلى أن «هناك شرخا كبيرا بين الحوثيين وصالح.. فهو ورطهم في هذه الحرب ويحاول أن يهرب في كل الوسائل.. إنهم في مرحلة كبيرة من التفكك فيما بينهم».
وفيما يخص «المقاومة الشعبية» بحسب تعبير ياسين، فأكد وزير الخارجية اليمني أن «أبناء عدن أثبتوا أنهم أكثر الناس استطاعوا أن يقاوموا الحوثيين، هؤلاء الشباب هم من يقاومون – ونرى إبداعات منهم.. فقد حرروا الكثير من المناطق التي استولى عليها الحوثيون».
وشدد ياسين على الدور السلبي لإيران في اليمن. وشرح أن «التدخل الإيراني يجري تحت الطاولة.. وإيران تحاول أن تقدم الدعم العسكري للحوثيين وحصل الشباب يتلقى التدريب في إيران.. هناك 1600 طالب تابعين للحوثي في إيران، ولطالما كان هناك تاريخ من الإيرانيين يأتون إلى اليمن.. وهذا ما ساعد الحوثيين للسيطرة على مطار صنعاء بعد أن قاموا بزيادة عدد الرحلات بين إيران واليمن»، في إشارة إلى فتح الحوثيين المجال الجوي للإيرانيين بداية العام الحالي قبل عمليات «عاصفة الحزم» ومنع الطائرات الإيرانية من الهبوط في صنعاء. وبدوره، قال قائد البحرية الإيرانية إنه «سيبقي سفنا حربية في خليج عدن لعدة أشهر على الأقل»، وهو موقف قد يزيد مخاوف المجتمع الدولي من أن طهران تحاول إمداد الحوثيين بأسلحة متقدمة. ونسبت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إيرنا) إلى الأميرال حبيب الله سياري قوله إن السفن نشرت لحماية ممرات الشحن من القرصنة. وأكد ياسين أن الإيرانيين «يصدرون تأشيرات دخول عسكرية إلى خليج العدن ويحاولون أن يتدخلوا في اليمن لتحدي دول الخليج»، مضيفا أن المسؤولين الإيرانيين يحاولون تصدير الثورة الإيرانية إلى دول أخرى».
ولفت ياسين إلى «أننا قلقون للغاية من إمكانية (القاعدة) الاستفادة من الفوضى في اليمن». وأضاف: «علي عبد الله صالح كان يستفيد منهم لاستغلال دول أخرى ويحصل على مساعدة من الولايات المتحدة ودول أخرى قلقة من (القاعدة)». وحذر ياسين من استغلال المتطرفين للأوضاع في اليمن. وقال: «في الوقت الراهن لا وجود لـ(داعش) في اليمن – ربما هناك عنصر أو عنصران ولكن الحوثيين يحاولون القول إنهم سيأتون إلى عدن وتعز من أجل محاربة (داعش)». وأضاف: «ما من (داعش) في اليمن ولم يدع (داعش) وجوده في تعز أو عدن.. بالطبع سيحاولون دائما الادعاء بأنهم يحاربون (داعش) ولكن ذلك غير صحيح». وأوضح أن «هناك وجودا لتنظيم القاعدة في أبين ولكن هناك قاعدة أخطر وهي قاعدة علي عبد الله صالح.. لا من قاعدة حقيقية في اليمن بل كل هذه القوات حصلت على دعم من صالح، وقمنا بجمع دلائل سنقدمها إلى الأمم المتحدة». وأضاف: «أود أن أشير إلى أن الحوثيين والمتمردين التابعين لصالح لا يختلفون عن (داعش) – الفرق أن (داعش) سيطر على مناطق في العراق وسوريا ولكن في اليمن الحوثيين وصلوا إلى العاصمة وأخذوا البلاد برمتها رهينة». ولفت إلى «أنهم لا يلبون بأية نداءات للمفاوضات ولا يحترمون قرارات مجلس الأمن. قد مر يومان أو 3 على النداءات ولكن لا يبدو أنهم متهمون بذلك وما زالوا يعتمدون على قصف المدنيين ولا فرق بين (القاعدة) وغيرها من مجموعات الإرهابية».
وشدد ياسين على أن «الشرعية» هي للدولة وليست مرتبطة بأشخاص معينين. وردا على سؤال حول رئيس الحكومة نائب الرئيس اليمني خالد محفوظ بحاح، قال ياسين: «هو رئيس الوزراء والآن نائب رئيس الجمهورية، ولكن الشرعية ليست مرتبطة بأشخاص ولكن بالدولة ونحن نعمل معا كفريق متكامل»، مضيفا: «يجب أن يتحقق في اليمن أن هناك شرعية وحكومة يجب أن تحترم وفي مظلتها يقام أي حوار». وردا على سؤال حول عودة أعضاء الحكومة إلى اليمن، قال: «سرعان ما نتوصل إلى ترتيب في اليمن سنعود إلى اليمن»، مضيفا وهو يبتسم إلى الصحافيين: «نأمل أن نستقبلكم هناك». وشدد ياسين على أهمية «المناطق الآمنة»، موضحا: «عدد لا بأس به من القوات المسلحة أعلنت ولاءها للشرعية.. كلها ستشكل القوة التي ستحقق الأمن لإنزال قوات متخصصة لتقديم الخدمات». وأضاف: «لا نحتاج قوات برية كثيفة فـ70 في المائة من الأراضي اليمنية ليست تحت السيطرة الحوثيين.. هم يركزون على المدن الكبيرة لإحداث ضجة إعلامية.. مأرب والبيضاء وحضرموت ليست تحت سيطرتهم». وشرح أنه «بحسب جغرافية اليمن، هناك مناطق في اليمن يمكن السيطرة عليها من دون قوات كبيرة، يمكن قوات محلية موالية للحكومة أن تسيطر عليها، وهي قوات موالية للحكومة والسكان المحليين ويمكن داخل المناطق أن يتم تأمين كل الحاجات اللوجيستية مع مستشفى ميداني ويمكن للحكومة العمل في هذه المناطق».
وردا على أسئلة حول وقوع ضحايا في اليمن، شدد ياسين على تحمل صالح والحوثيين مسؤولية أولئك الضحايا. وشرح ياسين كيف استعد الحوثيون للمواجهة العسكرية في اليمن منذ سنوات، قائلا: «يقومون ببناء الأنفاق تحت الأرض وهذا ما كانوا يفعلونه خلال السنوات الثماني الماضية، استعدادا لهذه الأيام». وأضاف: «لهذا السبب تأثر عدد من الأبرياء.. علي عبد الله صالح والحوثيون من يجب أن نلقي اللوم عليهم».
ووجه أحد خبراء منظمة «أوكسفام» البريطانية أسئلة لياسين عن الوضع الإنساني في اليمن. وكان رده أن الغارات الجوية لتحالف «عاصفة الحزم» تم توجيهها بمهنية عالية على المعسكرات العسكرية للحوثيين وهي غارات عسكرية بحتة ولم تستهدف المدنيين. وأضاف «بعض الغارات أجبرنا على شنها في مناطق فيها سكان لأن الحوثيين قاموا بتخزين كل أنواع الصواريخ في المناطق المدنية». وأضاف: «ما يفعله الحوثيون على الأرض هو الذي يؤثر على حياة المدنيين، نرى طريقة تعاطي الحوثيين مع الوضع»، داعيا الصحافيين إلى الانتباه إلى ما يقوم الحوثيون وقوات موالية لصالح، قائلا: «لا تركزوا فقط على الأرض بل على ما يحدث على الأرض.. لا بد أن ننقذ الناس في عدن وتعز وصنعاء وعلى الأرض».
وتحدث ياسين عن عملية «إعادة الأمل» إلى اليمن، وضرورة العمل على إنهاء الوضع العسكري في البلاد وترميمه. وشرح أنه جاء إلى لندن من تركيا حيث شارك في احتفالات إحياء ذكرى الحرب العالمية الأولى، قائلا: «تجربة حضور الاحتفال كانت مهمة لي.. الحروب دائما لها أسباب وخسائر وتبعات لكن أهم شيء أن اليمن سيكون جزءا من المنظومة الخليجية»، مشددا على أن الهدف هو تأمين اليمن و«إبقائه بعيدا عن النفوذ الفارسي الإيراني». وأكد أن إيران ومجموعات موالية لها مثل حزب الله اللبناني موجودة في اليمن. وقال: «هناك بعض الإيرانيين من الحرس الثوري بالإضافة بعض المرتزقة من أوكرانيا ولبنان من حزب الله يقاتلون إلى جوار الحوثيين»، مضيفا: أنهم «لا ينكرون الارتباطات.. قبل ما آتي هنا حصلت على معلومات أن إيران تدعم الحوثيين بكل السبل المتاحة». وحذر من أن إيران تحاول أن تفاقم المشكلة لتضع يدها على جزء من اليمن في المستقبل.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.