تنديد دولي بقرار الرئيس التونسي حل «الأعلى للقضاء»

مبعوثون غربيون حذَّروا من أن تؤدي الخطوة إلى «تهديد سيادة القانون»

واجهة المجلس الأعلى للقضاء بعد إغلاق أبوابه بأمر من الرئيس سعيّد (أ.ف.ب)
واجهة المجلس الأعلى للقضاء بعد إغلاق أبوابه بأمر من الرئيس سعيّد (أ.ف.ب)
TT

تنديد دولي بقرار الرئيس التونسي حل «الأعلى للقضاء»

واجهة المجلس الأعلى للقضاء بعد إغلاق أبوابه بأمر من الرئيس سعيّد (أ.ف.ب)
واجهة المجلس الأعلى للقضاء بعد إغلاق أبوابه بأمر من الرئيس سعيّد (أ.ف.ب)

حض مبعوثون غربيون إلى تونس ومفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الرئيس التونسي قيس سعيّد، أمس، على الرجوع عن قراره القاضي بحل المجلس الأعلى للقضاء، محذِّرين من أن هذا الأمر «يهدد سيادة القانون».
وقالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشليه، في بيان، منتقدة قرار الرئيس التونسي: «لقد كانت هذه خطوة كبيرة في الاتجاه الخطأ»؛ مضيفة أن قرار سعيّد «هو خرق واضح لالتزامات تونس بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان».
من جانبهم، قال مبعوثو دول مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي، إنهم «قلقون بشدة إزاء إعلان نية حل المجلس الأعلى للقضاء أحادياً، والذي تقوم مهمته على ضمان حسن سير النظام القضائي واحترام استقلاليته»؛ مؤكدين أن «القضاء الشفاف والمستقل والفعال، وفصل السلطات، أمران أساسيان لديمقراطية فاعلة تخدم شعبها».
بدوره، انتقد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، قرار الرئيس سعيد، وقال إن إنشاء المجلس سنة 2016 كان يُنظر إليه على أنه تقدم كبير في مجال سيادة القانون، وفصل السلطات واستقلال القضاء في تونس.
في سياق ذلك، عبَّر كبار المانحين الغربيين لتونس، أمس، عن «القلق البالغ» إزاء إعلان الرئيس سعيد حل المجلس الأعلى للقضاء. كما أعربت الولايات المتحدة، أول من أمس، عن «قلقها العميق» إزاء قرار حل المجلس الأعلى للقضاء، وإغلاق مقر هذه الهيئة الدستورية. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، إن «القضاء المستقل عنصر حيوي لديمقراطية فعالة وشفافة. ومن الضروري أن تحافظ الحكومة التونسية على التزاماتها باحترام استقلال القضاء وفقاً للدستور»؛ مضيفاً أن «الولايات المتحدة تجدد دعوتها إلى تسريع عملية الإصلاح السياسي في تونس»، والتي من شأنها ضمان «استمرار احترام حقوق الإنسان».
من جهته، عبر جوزيف بوريل، ممثل السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، عن قلقه من قرار رئيس الجمهورية حل المجلس الأعلى للقضاء، وشدد على أهمية استقلال السلطة القضائية.
وقالت نبيلة مصرالي، المتحدثة باسم بوريل: «إننا نتابع بقلق تطور الوضع في تونس، بما في ذلك ما أعلنه رئيس الجمهورية أخيراً عن حل المجلس الأعلى للقضاء». وذكَّرت مجدداً بـ«أهمية الفصل بين السلطات واستقلال القضاء، باعتبارهما عنصرين أساسيين لديمقراطية البلاد واستقرارها وازدهارها»؛ محذرة من أن «مثل هذه الإصلاحات، مهما كانت مهمة وضرورية، فإنها يجب أن تكون نتيجة لعملية شاملة وشفافة». وكان الرئيس التونسي قد أعلن مساء السبت حل المجلس الأعلى للقضاء، متِّهماً إياه بالفساد، وإبطاء التحقيقات في اغتيال ناشطين يساريين عام 2013. وقال إن «هذا المجلس أصبحت تباع فيه المناصب؛ بل ويتم وضع الحركة القضائية (التعيينات فيه) بناء على الولاءات»، مؤكداً أن «أموالاً وممتلكات تحصَّل عليها عدد من القضاة تقدر قيمتها بالمليارات (...) وهؤلاء مكانهم هو المكان الذي يقف فيه المتهمون».
وفي تونس، دعا المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين كافة القضاة من الأصناف الثلاثة (العدلي والإداري والمالي) إلى التعليق التام للعمل بكافة المحاكم التونسية، اليوم الأربعاء، وغداً الخميس، احتجاجاً على «الانتهاك الصارخ لاستقلالية السلطة القضائية، من قبل رئيس الجمهورية، وحل المجلس الأعلى للقضاء كآخر ضمانة للفصل بين السلطات، وتحقيق التوازن فيما بينها».
كما أعلن «المكتب» عن برمجة اجتماع لعموم القضاة السبت المقبل، بالعاصمة التونسية، للتداول في الوضع الدقيق للسلطة القضائية، في ظل التدابير الاستثنائية والقرارات الأخيرة لرئيس الجمهورية، وسبل التصدي لها. وعبَّر عن رفضه الشديد لقرار حل المجلس الأعلى للقضاء، وما رافق ذلك من «حملات تجييش ممنهجة لأشهر متواصلة ضد المجلس ورئيسه وأعضائه، وضد جميع القضاة بمختلف أصنافهم ومواقعهم»؛ مؤكداً أن ذلك «أدى إلى منزلقات وعواقب خطيرة، كان آخرها تهديد عدد من القضاة بناء على مواقعهم ومواقفهم»، وحمَّل السلطة التنفيذية «مسؤولية أي مكروه يطاله». في سياق ذلك، أعلن محمد عبو، مؤسس حزب «التيار الديمقراطي» والوزير التونسي السابق، عن تقدمه بشكوى لدى وكيل الجمهورية بالمحكمة التونسية ضد رئيس الجمهورية، بدعوى أنه «بات يمثل خطراً على البلاد»، على حد تعبيره. وطالب عبو -وفق نص الشكوى التي نشرها على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي- وكيل الجمهورية، بتطبيق القانون دون أي اعتبارات أخرى.
كما دعا القضاة إلى الإضراب العام عن العمل، قائلاً: «لقد أضرب القضاة سابقاً لشهرين من أجل طلب مشروع، وكانت الوسيلة غير مشروعة؛ أما اليوم فالغاية والوسيلة مشروعتان». وتابع منتقداً: «الذين صدَّقوا أن حل المجلس الأعلى للقضاء سيصلح القضاء، في حين أن الرئيس سعيد لم يُحِل إلى المجلس ملفات فساد قضاة وقائمة ممتلكاتهم التي قال منذ يومين إنه والداخلية يعرفانها».
ومن ناحيتها، دعت عدة أحزاب سياسية، من بينها حركة «النهضة» (إسلامية)، وحزب «العمال» (شيوعي)، وأحزاب: «الجمهوري»، و«التيار الديمقراطي»، و«التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات» (أحزاب يسارية معتدلة)، إلى رفض القرار الرئاسي، ودعم استقلالية السلطة القضائية، والتصدي «لهذه المحاولة المفضوحة لإخضاع القضاء لسلطة الانقلاب» على حد تعبيرها.



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.