إطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين في الخرطوم

جانب من المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في الخرطوم (أ.ف.ب)
جانب من المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

إطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين في الخرطوم

جانب من المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في الخرطوم (أ.ف.ب)
جانب من المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في الخرطوم (أ.ف.ب)

أطلقت الشرطة السودانية قنابل الغاز المسيل للدموع في محاولة لتفريق آلاف المحتجين في الخرطوم ضد الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان قبل أكثر من ثلاثة أشهر، حسب ما أفاد صحافيو وكالة الصحافة الفرنسية.
وأفاد الصحافيون، بأن الشرطة أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع والمياه الملونة لتفريق المتظاهرين على مسافة نحو 500 متر من قصر الرئاسة في وسط العاصمة؛ ما أدى إلى إصابة البعض.
وخرج الآلاف من السودانيين المناهضين للانقلاب العسكري في وسط العاصمة ومدنها المجاورة بحري وأم درمان للمطالبة بالحكم المدني ومحاكمة المسؤولين عن قتل المتظاهرين.
وهتف المتظاهرون «العسكر إلى الثكنات والجنجويد ينحل»، في إشارة إلى قوات الدعم السريع المنبثقة من ميليشيات الجنجويد التي اتهمتها منظمات حقوق الإنسان بارتكاب جرائم حرب عام 2003 في إقليم دارفور غرب البلاد.
وامتدت الاحتجاجات إلى خارج العاصمة، حيث قال خالد يوسف، أحد شهود العيان من مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة التي تبعد 186 كلم جنوب الخرطوم: «في الأولى تماماً تجمع نحو 3 آلاف متظاهر وحمل بعضهم الأعلام السودانية وصوراً للشهداء وبدأوا يهتفون لا لا لحكم العسكر».
وقالت سامية محمد، وهي شاهدة من مدينة بورتسودان الساحلية في شرق البلاد عبر الهاتف: «تجمع ألفا متظاهر في محطة المواصلات الرئيسية بوسط المدينة وهم يحملون أعلام ويهتفون ضد حكم العسكر».
كذلك تظاهر ألفا شخص في ولاية القضارف بشرق البلاد، حسب شهود.

وتأتي احتجاجات الاثنين بعد أيام من تظاهر آلاف من أنصار الجيش السوداني أمام مقر بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم وامتطى بعضهم الجمال، وهاجموا ما وصفوه بـ«التدخلات الأجنبية» وهتفوا معبرين عن دعمهم للجيش.
وترعى الأمم المتحدة محادثات ترمي إلى إيجاد حل للأزمة، وهي تحضّ السلطات على الدوام على الامتناع عن استخدام العنف لوضع حد للاحتجاجات السياسية.
وكما حدث من قبل أثناء تظاهرات مؤيدة للجيش، قام بعض المشاركين بالاعتداء على عدد من الصحافيين.
ويشهد السودان احتجاجات متواصلة تتخللها اضطرابات وأعمال عنف منذ الانقلاب العسكري الذي نفذه البرهان في 25 أكتوبر (تشرين الأول) حين أطاح المدنيين الذين تقاسموا السلطة مع الجيش بعد سقوط الرئيس السابق عمر البشير.
وأوقعت حملة قمع التظاهرات المناهضة للانقلاب 79 قتيلاً على الأقل ومئات الجرحى، وفق لجنة أطباء السودان المركزية.
وتنفي الشرطة استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين، وتقول، إن ضابطاً قتل طعناًعلى أيدي متظاهرين خلال الاحتجاجات الأخيرة، بالإضافة إلى إصابة العشرات من أفراد الأمن.
ومؤخراً أعلنت السلطات، أنها ضبطت أسلحة كانت بحوزة عناصر بيّنت مشاهد فيديو تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي أنهم استخدموها.

والأسبوع الماضي، أكدت مساعدة وزير الخارجية الأميركي مولي في أنها أبلغت القادة العسكريين في السودان باستعداد الولايات المتحدة «لفرض عقوبات إضافية بالتنسيق مع شركائنا في حال استمرار نمط العنف الحالي».
وكانت واشنطن أوقفت مساعدات بقيمة 700 مليون دولار للسودان، عقب الانقلاب. وما زال السودان، إحدى أفقر دول العالم، محروماً من المساعدات الدولية احتجاجاً على الانقلاب، ويعاني مزيداً من الانقسامات. وكما كانت الحال قبل الانقلاب، تشهد الشوارع مسيرات لمتظاهرين يتبنون مواقف متناقضة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم