عباس يهدد بحلّ «الدولة الواحدة» في افتتاح «المجلس المركزي»

ارتفاع نسبة مشاركة المرأة إلى 25 % للمرة الأولى في تاريخه

عباس يتحدث في انطلاق أعمال الدورة الـ31 للمجلس المركزي الفلسطيني في رام الله أمس (وفا)
عباس يتحدث في انطلاق أعمال الدورة الـ31 للمجلس المركزي الفلسطيني في رام الله أمس (وفا)
TT
20

عباس يهدد بحلّ «الدولة الواحدة» في افتتاح «المجلس المركزي»

عباس يتحدث في انطلاق أعمال الدورة الـ31 للمجلس المركزي الفلسطيني في رام الله أمس (وفا)
عباس يتحدث في انطلاق أعمال الدورة الـ31 للمجلس المركزي الفلسطيني في رام الله أمس (وفا)

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) إنه سيعيد النظر في الخيارات الفلسطينية كلها، «بما في ذلك العلاقة مع دولة الاحتلال»، ملوحاً بـ«خيار الدولة الواحدة إذا استمر تقويض حلّ الدولتين»، مضيفاً في كلمة له في افتتاح أعمال الدورة الـ31 للمجلس المركزي الفلسطيني، في مقر الرئاسة في مدينة رام الله: «لم يعد ممكناً السكوت على الوضع القائم، وأصبح لزاماً علينا اتخاذ قرارات مصيرية كي نحافظ على وجودنا على أرض وطننا، من أجل القدس، درة التاج، ومن أجل فلسطين حرة أبية».
وأضاف عباس: «أكرر هنا بأننا سننظر في خياراتنا كلها، خاصة بعد أن تجاوبنا إلى أقصى مدى، مع الجهود الدولية الرامية إلى إيجاد حل عادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأوفينا بكل التزاماتنا، بحيث لا يستطيع أحد أن يلقي علينا بأي مسؤولية في عرقلة عملية السلام»، متسائلاً: «ما هي الأخطاء التي ارتكبناها؟ وما هي الاتفاقيات التي نقضناها؟ وهل يمكن استمرار الالتزام بالاتفاقيات من جانب واحد، بالطبع لا، لأننا حافظنا على كل ما وقعنا عليه من اتفاقيات والتزمنا بالشرعية الدولية كاملة».
وتعهد عباس بمواصلة الحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والعمل على تطوير مؤسساتها. ودافع عن اتفاق أوسلو، قائلاً إنه «انتقالي»، وليست فيه أي تنازلات، بل على العكس «فقد أعاد منظمة التحرير الفلسطينية للوطن، التي قامت بدورها في تأسيس مؤسسات سلطتنا ودولتنا على أرض وطننا فلسطين».
وطالب عباس بالبحث عن وسائل تُنهي الاحتلال عن أرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، والعمل على تكثيف المقاومة الشعبية السلمية التي أصبحت الخيار الأساس، وتوسيع نطاقها لمواجهة اعتداءات المستوطنين الإرهابية.
لكن مقابل ذلك، أكد عباس أنه سيواصل العمل مع المجتمع الدولي، ومدّ يده للسلام العادل والشامل، «والعمل على عقد مؤتمر دولي للسلام، وتوفير آلية حماية دولية لشعبنا وأرضنا، تحت رعاية الرباعية الدولية، ووفق قرارات الشرعية الدولية، والمرجعيات المعتمدة، والمبادرة العربية للسلام». وأضاف: «نؤكد على موقفنا الرافض للعنف والإرهاب أياً كان مصدره».
ولوّح الرئيس الفلسطيني بخيار الدولة الواحدة إذا استمر تقويض حل الدولتين، قائلاً: «هناك مقترحات يمكن العمل عليها، وهي الدولة الواحدة بحقوق متساوية للجميع، وهناك أيضاً قرار التقسيم للعام 1947 الذي يعطي الدولة الفلسطينية 44 في المائة من أرض فلسطين التاريخية. إننا نسعى ليعيش شعبنا على أرضه وفي دولته المستقلة ذات السيادة بعاصمتها القدس الشرقية، ولا يمكن أن نقبل ببقاء الاحتلال على أرضنا للأبد». وطالب بإنهاء فوري للانقسام الداخلي في إطار الالتزام بالشرعية الدولية، وتعهد بمواصلة العمل على الانتخابات.
وتختبر الجلسة الحالية قدرة «المركزي» على تنفيذ قراراته وليس اتخاذ قرارات. وقال عباس إن «شعبنا والعالم كله ينظر إلى جلسة هذا المجلس، ليرى ما هي القرارات والمواقف السياسية والأمنية والاقتصادية التي سيتخذها مجلسكم، ومدى الجدية في تطبيقها».
من جهة اخرى قال رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، سليم الزعنون، إن القيادة الفلسطينية لن تقبل «باستمرار الوضع القائم وبأي بدائل تنتقص من حقوقنا الوطنية». جاء ذلك في كلمته أمام الدورة الحادية والثلاثين للمجلس المركزي الفلسطيني، الذي يتوقع أن يذهب إلى إعادة التوصية بالقرارات القديمة أو بعضها.
وتابع الزعنون، أنه في إطار الرد على جرائم الاحتلال والمستوطنين، فإن المطلوب توسيع قاعدة المقاومة الشعبية، والمضي بتعزيز المكانة القانونية لدولة فلسطين والحصول على عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة، وبكل ما يتضمنه ذلك من استكمال البناء الدستوري للدولة الذي شرعنا به سابقا وتوجناه بإعداد مسودة دستور دولة فلسطين عام 2016. وأضاف، أن على الطرف الذي تسبب بهذا الانقسام، أن يبادر إلى تنفيذ اتفاقيات المصالحة والانخراط في وحدة وطنية شاملة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، في أماكن وجوده كافة.
وكان المجلس المركزي الفلسطيني، قد قرر سابقاً إنهاء التزامات منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية كافة، تجاه اتفاقاتها مع سلطة الاحتلال (إسرائيل)، بما يشمل تعليق الاعتراف بدولة إسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. كما قرر وقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة، والانفكاك الاقتصادي، مخولاً الرئيس محمود عباس واللجنة التنفيذية، متابعة تنفيذ ذلك وضمان تنفيذه، لكن بدون أن يجري تنفيذ ذلك.
ويتوقع أن يذهب المركزي إلى إعادة التوصية بالقرارات القديمة أو بعضها، بدون أن يكون التنفيذ فورياً. ويوجد على جدول الأعمال، عملية السلام في الشرق الأوسط وآليات تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي بشأن العلاقة مع الاحتلال، والإدارة الأميركية وقضايا داخلية. ويفترض أن تنتهي أعمال المجلس، اليوم، بانتخاب هيئة جديدة لرئاسة المجلس الوطني الفلسطيني، وانتخاب رئيس مجلس إدارة الصندوق القومي الفلسطيني، واستكمال عضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بما في ذلك، خليفة لصائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية السابق، الذي توفي في عام 2020 متأثراً بإصابته بفيروس كورونا.
وانطلقت أعمال دورة المجلس أمس في ظل مقاطعة فصائل لها، منها الجبهة الشعبية، والمبادرة الوطنية، والقيادة العامة، إلى جانب شخصيات مستقلة، متهمين المجلس بأنه «فاقد للشرعية» في ظل «تفرد» الرئيس بالقرارات وامتناعه عن «إدخال إصلاحات وإجراء انتخابات شاملة واختيار قيادة جديدة». لكن الامتناع عن الحضور لم يؤثر على جلسة المجلس التي حصلت على نصاب قانوني كبير.
والمركزي هو أعلى هيئة تشريعية فلسطينية في حال انعقاده باعتباره مرجعية المؤسسات الفلسطينية، المنظمة والسلطة على حد سواء. وتكتسب جلسة أمس الأهمية في أنها تجدد القيادات والقرارات، وتميزت هذه المرة، بحضور مكثف للمرأة الفلسطينية.
ورفعت المرأة نسبة مشاركتها في المجلس إلى 25 في المائة لأول مرة في تاريخه.
وبينما لم تتخط مشاركة النساء في المجلس المركزي بدورته الـسابقة، سبع عضوات، فإن جلسة المجلس في دورته الحالية شهدت مشاركة أكثر من 41 عضوة من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس المحتلة والشتات.
وقالت أمين سر الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، عضو المجلس المركزي منى الخليلي، إن المجلس المركزي شهد أوسع تمثيل للمرأة في تاريخ منظمة التحرير، في سابقة وإنجاز وخطوة في الاتجاه الصحيح.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.