فلسطينيون يتظاهرون ضد الغلاء في الضفة

الشاحنات تغلق شارعاً رئيسياً في الخليل بينما تجمع متظاهرون احتجاجاً على الضرائب المرتفعة وغلاء المعيشة
الشاحنات تغلق شارعاً رئيسياً في الخليل بينما تجمع متظاهرون احتجاجاً على الضرائب المرتفعة وغلاء المعيشة
TT

فلسطينيون يتظاهرون ضد الغلاء في الضفة

الشاحنات تغلق شارعاً رئيسياً في الخليل بينما تجمع متظاهرون احتجاجاً على الضرائب المرتفعة وغلاء المعيشة
الشاحنات تغلق شارعاً رئيسياً في الخليل بينما تجمع متظاهرون احتجاجاً على الضرائب المرتفعة وغلاء المعيشة

تظاهر فلسطينيون غاضبون في الخليل وبيت لحم ضد الحكومة الفلسطينية، بعد موجة غلاء في الأسعار، قالت الشركات والنقابات، إنها ناتجة عن رفع الحكومة للضرائب والجمارك.
وتجمع مئات المتظاهرين الغاضبين، الأحد، وسط مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، تقدمهم سائقو الشاحنات والسيارات العمومية، وهتفوا ضد الحكومة والغلاء والفلتان الأمني.
وقال عادل عمرو عضو النقابة العامة لعمال النقل ومسؤول قطاع الشاحنات، «رسالتنا واضحة من خلال (بدنا نعيش بكرامة)، ونرفض غلاء الأسعار، ونطالب الحكومة بتشديد الرقابة على الأسواق، وتقديم المخالفين والمتلاعبين بالأسعار للقضاء وإنزال أقصى عقوبة بحقهم، وإلغاء الضرائب التي فرضتها وزارة المالية».
ونظمت المظاهرة في الخليل تحت شعار «لا للغلاء وبدنا نعيش»، فيما شهدت المدينة الأكبر في الضفة الغربية إضراباً تجارياً أغلقت فيه العديد من المحال والمرافق التجارية والمؤسسات أبوابها، احتجاجاً على رفع الأسعار والحالة الأمنية في المدينة. وهتف المتظاهرون «بدنا نعيش»، «لا للغلاء ونعم للأمن والأمان»، كما هتفوا «شلة حرامية»، وقال متحدث للجموع «سنكون دائماً هنا. بدنا نعيش». وأضاف أنه «على القيادة التي تعيش في قصور عاجية أن تسمعنا»، متهماً السلطة بأنها تملأ جيوبها من جيوب المواطنين.
ودعا متظاهرون في هتافات متكررة إلى رحيل الحكومة، باعتبار أنها تفقر الشعب. ونظمت المظاهرة في الخليل بعد يوم من اشتباكات شهدتها المدينة بين عائلتين، ما أثار كذلك تساؤلات حول قدرة السلطة على ضبط الفلتان الأمني.
وفي بيت لحم، نفذ أصحاب الشاحنات إضراباً بسبب ارتفاع أسعار المحروقات وغلاء المعيشة، في الطريق الرئيسي الواصل شمال الضفة بجنوبها، المعروف بطريق وادي النار. أما في بلدة بيت أمر بين الخليل وبيت لحم، فقد أغلقت المحال التجارية أبوابها، احتجاجاً على الغلاء.
وقال الناشط محمد عياد، «هذا الإضراب، يأتي احتجاجاً على ارتفاع الأسعار والغلاء الفاحش في جميع المجالات والضرائب الباهظة التي تفرضها الحكومة، واستغلال بعض الشركات التموينية والتجار للمواطنين، دون مراعاة للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطنون».
والحراك الذي بدأ في الضفة جاء على وقع اتهامات نقابية وشركات كبرت، للحكومة، بفرض ضرائب جديدة أو رفع الضرائب الموجودة.
كانت الحكومة قررت، السبت، تشكيل لجنة لدراسة ومتابعة قضية رفع الأسعار في الأسواق المحلية والعالمية. وقال الناطق باسم الحكومة إبراهيم ملحم، في تصريح صحافي، إن «رئيس الوزراء د. محمد أشتية، أكد أن الحكومة لن تتخلى عن الفئات الفقيرة ومحدودة الدخل، من خلال ضبط أسعار السلع الأساسية، وأنها ستتخذ الإجراءات اللازمة لحماية تلك الفئة، في ضوء ما تتوصل إليه اللجنة من توصيات بالتوازي مع تكثيف عمل لجان مراقبة الأسعار في الأسواق».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».