الحكومة الإسرائيلية تصادق على «منع لم الشمل» وتدخل في أزمة ائتلافية

وزير الصحة: قانون عنصري ينتهك الاتفاقات والمواثيق الدولية

رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت (وسط) في جلسة الحكومة أمس (الحكومة الإسرائيلية)
رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت (وسط) في جلسة الحكومة أمس (الحكومة الإسرائيلية)
TT

الحكومة الإسرائيلية تصادق على «منع لم الشمل» وتدخل في أزمة ائتلافية

رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت (وسط) في جلسة الحكومة أمس (الحكومة الإسرائيلية)
رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت (وسط) في جلسة الحكومة أمس (الحكومة الإسرائيلية)

رغم معارضة العرب واليسار، صادقت الحكومة الإسرائيلية على مشروع «قانون المواطنة»، الذي يمنع لم شمل عشرات ألوف العائلات الفلسطينية، وأتاحت لنوابها ووزرائها حرية التصويت عليه. وبات مصير المشروع الآن، بأيدي أحزاب اليمين المعارض، الذي يخطط لاستغلاله من أجل تفكيك الائتلاف وإسقاط حكومة نفتالي بنيت.
ولجأت وزيرة الداخلية، إييلت شاكيد، بدعم من بنيت، إلى حيلة تلتف فيها على حلفائها المعارضين للقانون، وبشكل خاص حزب ميرتس اليساري وبعض نواب ووزراء حزب العمل والقائمة الموحدة للحركة الإسلامية. فاختارت تأييد مشروع قانون قدمه بهذا الخصوص عضو الكنيست سمحا روتيم، من تكتل «الصهيونية الدينية» اليميني المتطرف، الذي يعتبر أسوأ صيغة لهذا القانون منذ طرح الموضوع على البحث في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي).
وسيطرح المشروع قريباً على الهيئة العامة للكنيست للتصويت عليه. وكتبت شاكيد على صفحاتها في شبكات التواصل: «أكثر من 100 عضو كنيست يدعمون القانون الذي له أهمية في الحفاظ على أمن الدولة، وعلى هويتها اليهودية»، وبذلك تجاهلت معارضة حلفائها في الائتلاف.
رئيس حزب ميريتس، الوزير نتسان هوروفيتس قال، إن «إييلت شاكيد ومصادر معينة في الائتلاف الحكوم، يريدون عمل شيء لا يمكن عمله، وهو كسر المفاهيم الأساسية التي أدت إلى تركيب الحكومة وتمرير هذا القانون الغبي بأصوات المعارضة».
ووصف هوروفيتس هذا الأمر، بأنه «طريق خطير جداً» ووجه رسالة لشركائه في الحكومة، قائلاً: «هذا منحدر زلق للغاية، وطبيعي أن تكون ردة فعلنا شديدة وموجعة». ومع ذلك أضاف: «أنا أريد هذا الائتلاف وهذه الحكومة المهمة، ولكن من يذهب في طريق ضد الاتفاقات، يجب أن يعرف بأنه سيكون لذلك ثمن».
من جانبه، كتب النائب وليد طه من الحركة الإسلامية: «حرية التصويت على قانون المواطنة العنصري في نسختيه، معناه حرية تصويت كاملة على كل قانون يتم طرحه»، وهو ما اعتبر تهديداً بتفكيك الائتلاف.
يذكر أن قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل لعام 2003، يمنع بالأساس الفلسطينيين المتزوجين من إسرائيليين من الحصول على إقامة دائمة. وقد تم تحديد استثناءات فيما بعد لبعض الأزواج للحصول على نوعين من التصاريح التي تمنح الإقامة، ولكن لا شيء غير ذلك. وكان القانون مثيراً للجدل بشدة منذ طرحه لأول مرة، حيث ترى جماعات حقوقية أنه يميز ضد الفلسطينيين ومواطني إسرائيل العرب.
وأيدت المحكمة العليا، القانون، في قرارها بأغلبية 6 مقابل 5 عام 2012 بعد معركة قانونية مطولة. وقد زاد مقترح روتمان للقانون، سوءاً على سوء، إذ إنه ينص على ترسيخ منع لم الشمل بشكل ثابت دون الحاجة إلى تمديد صلاحيته سنوياً. ويخشى معارضو القانون من أن تكون خطوة الحكومة بمثابة اتفاق سري بين اليمين الحاكم واليمين المعارض ضد العرب واليسار.
وقد شهدت جلسة الحكومة وعملية التصويت، أمس الأحد، مشادات كلامية وانتقادات للعديد من الوزراء، الذي قالوا إن وزيرة الداخلية لا تحترم التعهدات الائتلافية، وتصر على تقديم قانون منع لم الشمل وتشريعه، بشكل يتعارض ومطالب بعض المركبات المشاركة في الائتلاف الحكومي.
وقال وزير الصحة نيتسان هوروفيتس، موجهاً حديثه للوزيرة شاكيد: «هذا قانون عنصري، إنكم تنتهكون الاتفاقات والمواثيق الدولية. لن نقبل هذا، وستكون له عواقب، أنت بذلك تعرضين الائتلاف الحكومي للخطر».
وردت شاكيد بأن هذا القانون يعكس الوضع القائم، ولا يتجاوز الوضع المعمول به منذ 18 عاماً، ولأن القانون لم يكن معمولاً به خلال الأشهر الأخيرة، جمدت كافة طلبات لم الشمل في مكاتب الداخلية».
وأضافت شاكيد أنه «بالتنسيق مع المستشار القضائي للحكومة، قدمت رداً إلى المحكمة العليا، يفيد بأن هناك 1600 شخص فوق سن الخمسين، وقد بدأنا في التحقق منهم ومن ملفاتهم بموافقة من جهاز الأمن العام الشاباك لكي نمنحهم لم شمل».
وتقوم الحكومة الإسرائيلية، بموجب اتفاق مع السلطة الفلسطينية، على منح 13500 تصريح لم شمل (10 آلاف في الضفة الغربية و3500 في قطاع غزة)، رغم هذا القانون، فإن هناك نحو 40 ألفاً ينتظرون حلاً لمشكلتهم، وما زالوا يحرمون من لقاء أولادهم وأهاليهم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».