الكاظمي يوجه بتحقيق عاجل في حادثي اغتيال جنوب العراق

القضاء حمل القيادات الأمنية المسؤولية

TT

الكاظمي يوجه بتحقيق عاجل في حادثي اغتيال جنوب العراق

أثارت عميلتا اغتيال وقعتا مؤخراً في مدينة العمارة، مركز محافظة ميسان جنوب العراق، في الأيام الأخيرة غضب واستنكار الأوساط الشعبية في ميسان وبقية المحافظات. وفي حين أمر رئيس الوزراء العراقي بإرسال وزير الداخلية عثمان الغانمي وتشكيل لجنة للتحقيق في الحوادث، حمل القضاء العراقي القيادات الأمنية المسؤولية. وطالت إحدى العمليتين ضابطا برتبة رائد في وزارة الداخلية، واستهدفت الثانية قاضيا مختصاً بقضايا المخدرات، وقال بيان صادر عن رئاسة الوزراء: «وجهنا بفتح تحقيق فوري في عمليات الاغتيال الأخيرة، ومحاسبة المقصرين ومن يثبت إهمالهم في أداء واجباتهم أو تقاعسهم عن تنفيذ أوامر القبض، ومراجعة الإجراءات الأمنية والسياقات التي تتابع حركة المجرمين والمشتبه بهم». وأضاف: «أرسلنا وفداً يضم السادة وزير الداخلية ورئيس أركان الجيش ونائب قائد العمليات المشتركة لغرض المتابعة والإشراف المباشر على التحقيق، وتقديم تقرير عن الوضع الأمني في محافظة ميسان».
وكانت مجموعة مجهولة اغتالت في ساعة متأخرة من ليل الخميس، الرائد حسام العلياوي، ثم عادت مجموعة أخرى واغتالت، مساء الجمعة، رئيس الهيئة القضائية المختصة بقضايا المخدرات القاضي أحمد فيصل الساعدي. وما زال الغموض يحيط بعمليتي الاغتيال والعمليات السابقة التي وقعت في المحافظة التي يسيطر عليها الصدريون منذ عام 2003، حيث تعاقب على شغل منصب المحافظ فيها قياديان في التيار وكان آخرهم المحافظ الحالي علي دواي الذي احتكر منصب المحافظ منذ أكثر من 10 سنوات.
وكان الأمين العام لـ«عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي اتهم صراحة، الخميس الماضي، جماعات محسوبة على التيار الصدري بالضلوع في عمليات الاغتيال، وقال الخزعلي في تغريدة عبر «تويتر»: إن «اليد التي اغتالت الشهيد حسام العلياوي، هي نفس اليد التي اغتالت أخاه الشهيد القائد وسام العلياوي»، في إشارة إلى عملية القتل التي طالت القيادي في العصائب وسام العلياوي على يد جموع الغاضبين في تظاهرات عام 2019، في ميسان، ويتهم أتباع الصدر بالتورط فيها. وطالب الخزعلي الصدر بـ«إعلان البراءة من هؤلاء القتلة الذين صدرت بحقهم أوامر إلقاء قبض من قضائنا العادل، ولكن الأجهزة الأمنية تعجز عن تنفيذ هذه الأوامر». وتابع الخزعلي «هؤلاء المجرمون يدعون الانتساب إلى سرايا السلام المجاهدة، وأنا أعتقد أن السرايا منهم براء».
وحول طبيعة ما يجري في العمارة، يقول الناشط أبو الحسن الشروكي: «إننا نعيش وضعا مأساويا»، ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الناس تشعر بالهلع نتيجة عوامل كثيرة، وضمنها الاغتيالات والنزاعات العشائرية المتواصلة والانتشار المخيف في المواد المخدرة في مقابل عدم تحرك السلطات المحلية أو الاتحادية لوقف كل ذلك».
ويستغرب أبو الحسن من تمكن العناصر الإجرامية من تنفيذ عمليتي الاغتيال في «القلب الأمني للمحافظة وأمام دائرة القصر العدلي الذي تقع بجانبه محكمة جنايات واستئناف ميسان، ليس هذا فحسب بل يبعد بضعة أمتار أيضاً عنها المقر الرئيسي لقيادة مديرية الشرطة، أي في منطقة من المفترض أن تكون محصنة أمنياً».
ويضيف أن «شارع الكفاءات الذي وقع فيه الحادثان يضم جميع المباني والقيادات الأمنية». ويعتقد أبو الحسن أن «للأمر صلة بالصراع والتنافس الحزبي والميليشاوي في المدينة، خاصةً بعد تسرب أنباء عن تكليف القاضي أحمد فيصل الساعدي بالتحقيق في مقتل الرائد حسام العلياوي قبل أن يتم اغتياله هو الآخر». وأظهر شريط «فيديو» بعد ظهر أمس، شقيق القاضي الساعدي وهو يتحدث عن «عدم وجود أمن في ميسان بشكل كامل وأن الحكومة غير قادرة على حماية نفسها».
وسبق أن وقعت حوادث اغتيال وخطف لعدد من الناشطين في الحراك الاحتجاجي في ميسان بعد عام 2019، إلى جانب عمليات اغتيال لناشطين في التيار الصدري وفصائل مسلحة أخرى، من دون أن تتمكن السلطات المحلية أو الاتحادية من كشف الجناة وتقديمهم للعدالة.
وقدم رئيس الكتلة الصدرية في البرلمان حسن العذاري، أمس، تعازيه إلى أسرة القاضي الساعدي، واعتبر النائب الأول لرئيس البرلمان عن التيار الصدري حاكم الزاملي أن «مثل هكذا أحداث تتطلب وجود قيادات شجاعة قادرة على محاسبة المقصرين وفرض سلطة القانون، والتعامل مع الحوادث والجرائم بشكل قانوني والإسراع في محاسبة أي جهة تحاول زعزعة الأمن المجتمعي وترويع العوائل الآمنة».
ودان مجلس القضاء الأعلى حادث الاغتيال، وحمل في بيان «كافة الأجهزة الأمنية وقيادة العمليات العسكرية في المحافظة المسؤولية الكاملة إزاء تقصيرها الواضح في القيام بالواجبات المناطة بها» وطالب القائد العام للقوات المسلحة بـ«إعادة النظر في القيادات والأشخاص المكلفين بمهمة الأمن».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».