الجيش الإسرائيلي يرسل الفقراء إلى المعارك ويبقي الأغنياء في مهام تجسس

TT
20

الجيش الإسرائيلي يرسل الفقراء إلى المعارك ويبقي الأغنياء في مهام تجسس

كشفت دراسة أكاديمية، عن أن الجيش الإسرائيلي يشهد تغييرا كبيرا في تركيبة وحداته العسكرية، بحيث بات أبناء الأغنياء والطبقات المتوسطة يفرزون لمهام تتعلق بالتكنولوجيا العالية، بينما يرسل جنوده القادمين من عائلات ريفية فقيرة وثقافة ضحلة، إلى الميدان للقتال مع الفلسطينيين وغيرهم.
وجاء في الدراسة أن 78 في المائة من القتلى في القتال الجاري في الضفة وعلى الحدود مع قطاع غزة، هم أبناء وبنات المحيط الاجتماعي - الطبقي المنخفض والفقير في إسرائيل. ومعدلات الجنود من المدن الميسورة في الوحدة 8200 للمخابرات، التي تطور أدوات تكنولوجيا عالية في التجسس، وتعتبر «ذات خدمة عسكرية فخمة تؤهل صاحبها للعمل في الهايتك بعد الجيش والحصول على رواتب عالية، هو أعلى بثلاثة أضعاف من المتوسط في البلاد. بالمقابل، في بلدات الريف، حيث يعيش الفقراء، يكون التمثيل في وحدة 8200 أدنى بثلاثة أضعاف مما بالخدمة في عموم وحدات الجيش.
وقال يوسف يهوشع، المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، الذي نشرت الدراسة: «نحن نحذر من هذه التغييرات التي خلقت وضعا لا يطاق تتشكل فيه ألوية المشاة أكثر، فأكثر شبانه من المحيط الفقير ومن شبيبة من الصهيونية الدينية. شبان كثيرون من المركز ومن الفئات السكانية القوية، ببساطة، يديرون أرجلهم عن الخدمة القتالية، ويفضلون التجنيد للوحدات التكنولوجية، حيث الخدمة أقل خطورة، تبنيهم للمستقبل، ترتبهم اقتصاديا، وهي أيضا مهمة، لأن حروب السايبر والتكنولوجيا هي الحروب الراهنة.
وتابع، أن «الفوارق تتعمق في وضع لا يثاب فيه المقاتلون كما ينبغي. وأنه يكفي أن نرى كيف أن السياسيين جروا أرجلهم إلى أن رفعوا أجور المقاتلين. هؤلاء شبان يحتاجون إلى المال إذ ليس لبعضهم بيت داعم. ويروي لكم كل قائد كتيبة كم من الطاقة، الوقت والمقدرات يوظفها في مواضيع شروط خدمة جنوده، وكم قفزت كمية الجنود المستحقين لشروط الخدمة هذه».
وقال المقدم احتياط الدكتور زئيف لرر، الذي يعمل باحثا كبيرا في المجال، إن الجيش يوجه أبناء الشبيبة من الريف، إلى وحدات الأمن الجاري في المناطق، مع اختبارات تصنيف مرتبطة بالثقافة لا تسمح لهم بفرصة متساوية للوصول إلى الوحدات التكنولوجية.
ولفت يهوشع، أمس، إلى أنه «في احتفال الذكرى السنوية لإحياء 25 سنة على مصيبة المروحيتين قبل أسبوع، اختار رئيس الأركان أفيف كوخافي، الحديث عن مسألة متفجرة: بلدات الريف مقابل المركز في توزيع العبء في الخدمة القتالية. ولسبب ما، لم تحظ أقواله بالبروز اللازم. فقد قال كوخافي بشكل واضح وجلي، بأن هناك ارتفاعا في استعداد أبناء الشبيبة للخدمة القتالية، ولكن هذا الاستعداد، لا يوجد بين المجندين من الطبقات الاجتماعية – الاقتصادية العليا أو ممن يسكنون في مركز البلاد.
وفي ختام أقواله أضاف جملة «يجدر بالناس أن يراجعوا أنفسهم». الصحيح أن رئيس الأركان غير دقيق. حسب المهنيين، لا توجد معطيات تؤيد وجود ارتفاع في الدافعية للخدمة القتالية إجمالا. وإذا كانت كذلك، فليتفضل بعرضها مثلما طُلب منه أكثر من مرة، وألا يكتفي بالأقوال العمومية. لكن رئيس الأركان محق أيضا، فثمة فوارق بين المركز والريف. ينبغي الفحص وبسرعة ماذا حصل في العقدين الأخيرين للمجتمع الإسرائيلي، «وبالتوازي ماذا حصل في الجيش الإسرائيلي. كيف نشأ جيش طبقي، إن الطبقة الدنيا هي أبناء الريف الذين يدفعون الثمن الأعلى في الخدمة القتالية».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.