الاشتباكات تعود إلى طرابلس... والسلطة الانتقالية تلتزم الصمت

ميليشيات مسلحة ترفض مساعي «مجلس النواب» لعزل حكومة الدبيبة

محمد المنفي خلال لقائه مع ناصر بوريطة على هامش قمة الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا (المجلس الرئاسي)
محمد المنفي خلال لقائه مع ناصر بوريطة على هامش قمة الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا (المجلس الرئاسي)
TT

الاشتباكات تعود إلى طرابلس... والسلطة الانتقالية تلتزم الصمت

محمد المنفي خلال لقائه مع ناصر بوريطة على هامش قمة الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا (المجلس الرئاسي)
محمد المنفي خلال لقائه مع ناصر بوريطة على هامش قمة الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا (المجلس الرئاسي)

عادت الاشتباكات المحدودة إلى العاصمة الليبية طرابلس، وسط صمت السلطة الانتقالية في البلاد. وفي غضون ذلك رفضت ميليشيات مسلحة، موالية لحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، مساعي مجلس النواب للإطاحة بها، وتنصيب حكومة جديدة خلفاً لها.
وأكدت مصادر محلية مقتل أحد عناصر «اللواء 777» خلال اشتباكات اندلعت، مساء أول من أمس، على نحو مفاجئ في محيط جزيرة الفرناج بطرابلس، ضد عناصر من «جهاز الردع»، وكلاهما يتبع الحكومة، التي لم يصدر عنها أي تعليق رسمي. وأظهرت لقطات مصورة بثتها وسائل إعلام محلية حدوث إطلاق نار، بينما قال شهود عيان إن قوة تابعة «للواء 777» هاجمت تمركزات تابعة للشرطة القضائية بطريق جامعة طرابلس، وجزيرة الفرناج في العاصمة.
في غضون ذلك، تحدثت تقارير إعلامية عن دعم 80 من أعضاء مجلس النواب تولي فتحي باشاغا، وزير الداخلية في حكومة «الوفاق السابقة»، رئاسة الحكومة الجديدة، خلال الجلسة المرتقبة للمجلس غداً بمقره في مدينة طبرق بأقصى الشرق، وذلك بالتزامن مع إعلان مجموعات مسلحة رفضها مساعي الإطاحة بحكومة الدبيبة.
ووقع 33 من قادة الميليشيات، الموالية للحكومة في طرابلس ومدينة مصراتة (غرب)، على بيان مشترك مساء أول من أمس، اعتبروا خلاله أن محاولات تغيير الحكومة الحالية «عبث يستهدف تمديد الأجسام، التي انتهت شرعيتها وإطالة أمد الأزمة». وأعلن قادة الميليشيات، الذين وصفوا أنفسهم بـ«القوى العسكرية والأمنية» رفضها الذهاب في مسار أحادي، وطالبوا الأطراف المحلية والدولية بمنح الأولوية لوضع جدول زمني مُحدد لإنجاز المسارات الثلاثة، وهي المسار الدستوري، ومسار المصالحة الوطنية، ومسار توحيد المؤسسة العسكرية. وبعدما لفتوا إلى أن الخلل في إنجاز العملية الانتخابية «مرتبط بالإخفاق في هذه المسارات»، انتقدوا غياب رؤية واضحة للحل، الذي جرى حصره، حسبهم، في تغيير السلطة التنفيذية، أو تعديلها دون الالتفات لسبب المشكلة.
بموازاة ذلك، أعلن محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، عقب اجتماعه في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا على هامش قمة الاتحاد الأفريقي مع ناصر بوريطة، وزير خارجية المغرب ورئيس وفدها إلى القمة، أنه تم التوافق على انسحاب المغرب لصالح ليبيا لعضوية هيئة مكتب رئاسة الاتحاد الأفريقي.
وأشاد المنفي بدور المغرب في إنجاح الحوار السياسي الليبي، وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين، والعمل على دعم الاستقرار في ليبيا.
ونقل المنفي عن بوريطة حرص بلاده على عودة السلام والاستقرار إلى ليبيا، وعبور المرحلة الانتقالية من خلال إجراء انتخابات حرة وشفافة، بمشاركة جميع الليبيين.
بدوره، قال سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، ساباديل جوزيه، إنه ناقش أمس مع المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» في مدينة بنغازي (شرق)، الأحداث الجارية والوضع الأمني، وانسحاب القوات الأجنبية.
وأوضح ساباديل، الذي يعتبر أول مسؤول أوروبي رفيع المستوى يجتمع بحفتر منذ عودته لمهام عمله رسمياً، أن الاجتماع ركز على الحاجة إلى الاستقرار والوحدة، والمضي قدماً بما يتفق مع الرغبة في الانتخابات، التي عبر عنها الشعب الليبي. وأعلن ساباديل في بيان له عبر «تويتر» أن الطرفين أكدا دعمهما للجنة العسكرية المشتركة «5 + 5»، وللمحادثات الجارية لإعادة توحيد المؤسسات العسكرية كمكونات أساسية للسلام، لافتاً إلى عمل الاتحاد الأوروبي مع بعثة الأمم المتحدة على جميع مسارات عملية برلين. وكان اللواء خالد المحجوب، مسؤول التوجيه المعنوي بالجيش، قد أكد عودة حفتر إلى ممارسة مهام عمله كقائد عام للجيش، بعد مرور 133 يوماً على تنحيه مؤقتاً، استعداداً لخوض الانتخابات الرئاسية، التي كانت مقررة مؤخراً قبل إعلان تأجيلها.
وقال المحجوب في بيان له مساء أول من أمس، إن المشير هو أول من التزم من المرشحين الرئاسيين بالاتفاق السياسي، واحترم إرادة الليبيين في الذهاب للانتخابات، وتخلى عن منصبه وفقاً للشروط والمدة، التي حددها قانون الانتخابات والضوابط، التي وضعتها المفوضية العليا للانتخابات للترشح لمنصب رئيس الدولة، موضحاً أنه رغم تغيب حفتر في الفترة الماضية، فإن المؤسسة العسكرية واصلت تنفيذ واجباتها في المواجهات العسكرية ضد التنظيمات الإرهابية، كما نجحت في إحباط محاولة للفتنة والاقتتال بين القبائل في الجنوب.
كما شدد المحجوب على أن «الجيش لم ولن يتخلى عن ثوابته الوطنية، تحت أي ظرف أو ضغط خارجي أو صفقات»، وتعهد بأنه «سيحترم دائماً إرادة الليبيين، ولن يسمح لكل من تسول له نفسه استغلال هذه الظروف للوصول إلى السلطة، قصد تحقيق أطماع شخصية، وسيكون حليفاً صادقاً ومخلصاً لكل السلطات التشريعية والتنفيذية، التي تسعى للخروج بالوطن من هذه المحنة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.