ناظم سد الثرثار غرب بغداد تحت تهديد «داعش».. ومقر لواء للجيش محاصر

تحذير من غرق أجزاء من العاصمة وصلاح الدين والأنبار في حال تفجير بواباته

عراقيون في بغداد أمس احتفالا بانتصارات القوات الأمنية العراقية في تكريت (أ.ب)
عراقيون في بغداد أمس احتفالا بانتصارات القوات الأمنية العراقية في تكريت (أ.ب)
TT

ناظم سد الثرثار غرب بغداد تحت تهديد «داعش».. ومقر لواء للجيش محاصر

عراقيون في بغداد أمس احتفالا بانتصارات القوات الأمنية العراقية في تكريت (أ.ب)
عراقيون في بغداد أمس احتفالا بانتصارات القوات الأمنية العراقية في تكريت (أ.ب)

قُتل ضابطان عراقيان كبيران، أحدهما قائد فرقة، والثاني آمر لواء، مع عشرة جنود آخرين، خلال التصدي لهجوم شنه مسلحو تنظيم داعش على منطقة قريبة من ناظم سد الثرثار غرب بغداد.
وقال قائد عمليات الأنبار بالوكالة اللواء محمد خلف الدليمي في حديث «الشرق الأوسط»: «إن قائد الفرقة الأولى العميد الركن حسن عباس، وآمر اللواء الأول بالفرقة الأولى العقيد الركن هلال مطر و10 جنود قتلوا أثناء التصدي للهجوم».
وأضاف الدليمي أن مسلحي تنظيم داعش سيطروا على أجزاء من منطقة ناظم الثرثار، لكنهم لم يتمكنوا من السيطرة على الناظم نفسه، وأن الاشتباكات كانت لا تزال مستمرة، أمس، من أجل استعادة السيطرة على مقر اللواء الأول التابع للفرقة الأولى للجيش العراقي.
وأشار الدليمي إلى وصول تعزيزات عسكرية من قبل الجيش العراقي وقوات الشرطة الاتحادية «وباشرت القوات بشن حملة عسكرية من أجل القضاء على المسلحين قرب الناظم الحيوي، واستعادة السيطرة على جميع المناطق المحيطة بالناظم بمساندة من قبل الطيران العراقي، وطائرات التحالف الدولي التي بدأت بقصف مواقع المسلحين».
من جانبه، أوضح عضو مجلس محافظة الأنبار، عذال الفهداوي، لـ«الشرق الأوسط» أن «مسلحي تنظيم داعش هاجموا، مقرًا عسكريًا للجيش العراقي قرب ناظم الثرثار، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين الطرفين أسفرت عن استشهاد ضابطين كبيرين وعدد آخر من الجنود».
وأضاف أن مسلحي تنظيم داعش «حاصروا القوة الموجودة التي طالبت بإرسال تعزيزات عسكرية عاجلة إلى الناظم، لكن كان هناك تأخير في إرسال القوات».
من جهته، قال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن مسلحي تنظيم داعش «هاجموا منذ فجر الجمعة منطقة قريبة من ناظم الثرثار الواقع على نهر الفرات بين محافظتي الأنبار وصلاح الدين، واشتبك مع اللواء الأول من الفرقة الأولى من الجيش العراقي المسؤول عن حماية الناظم».
وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن «الاشتباكات استمرت لساعات عدّة، ولم يستطع (داعش) أن يصل إلى الناظم، بينما عمد إلى محاصرة اللواء الأول التابع للفرقة الأولى في الجيش العراقي، مستخدمًا أثناء الهجوم مدافع الهاون والصواريخ المحمولة على الكتف». وبين المصدر أن «مسلحي (داعش) حاصروا موقع اللواء من كل الجهات، وعناصر اللواء يقاومون بما تبقى لهم من أسلحة وعتاد». وحذّر المصدر من «نفاد أسلحة وعتاد اللواء وسيطرة التنظيم على الناظم»، مشيرًا إلى أن «اللواء طالب بتعزيزات عسكرية وطائرات، لكنها لم تصل».
ولفت المصدر إلى خطورة سيطرة تنظيم داعش على منطقة الثرثار عسكريًا، موضحًا أن المنطقة «تشكل حلقة وصل بين محافظتي الأنبار وصلاح الدين وعن طريقها تتحرك الأرتال العسكريّة والإمدادات، لذا يجب إبعاد (داعش) عنها بكل الأشكال، وتدارك الموقف».
وحسب عضو مجلس محافظة بغداد، مروان محمد، لأنه إذا سيطر تنظيم داعش على ناظم الثرثار وفجر بواباته لأنه يغرق مساحات واسعة من بغداد والأنبار وصلاح الدين، مضيفا أن «ناظم الثرثار لا يبعد عن بغداد سوى 130 كيلومترًا الأمر الذي يجعل جزءًا كبيرًا من بغداد مهدّدًا بالغرق»، مبينًا أن «الناظم يمنع مناسيب خزن للمياه تصل إلى نحو 70 مترًا».
وبينما فقدت القوات الأمنية العراقية مناطق قرب منطقة ناظم الثرثار، فإنها أحرزت تقدمًا ميدانيًا في مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، مؤكّدةً إبعاد الخطر عن المجمع الحكومي في المدينة.
وقال نائب رئيس مجلس المحافظة فالح العيساوي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع الأمني في الرمادي تحسّن كثيرًا هذه الأيام، وإنّ القوات الأمنية أبعدت الخطر عن الرمادي، وتحديدًا عن المجمع الحكومي».
وأوضح العيساوي أن القوات العراقية من منتسبي الجيش والشرطة ومقاتلي العشائر يشنون هجمات متعددة على أكثر من محور، وهناك تقدم لقوات الرد السريع من جهة منطقة الحوز وسط الرمادي، وتمكنت من فرض سيطرتها على مناطق كانت تحت سيطرة مسلحي تنظيم داعش منذ أكثر من عام.
وأضاف أن «القوات الأمنية تقدمت بشكل كبير في منطقة الصوفية جنوب شرقي الرمادي، واستعادة السيطرة على حي الشركة بالكامل، وتم تطهيره من وجود المسلحين، كما تتقدم القوات باتجاه شارع 20 وحي الملعب وسط الرمادي باتجاه الشارع الحولي للمدينة».
من جهة ثانية، نفى العيساوي وصول أي سلاح من قبل الحكومة المركزية إلى المتطوعين من أبناء العشائر في الأنبار، ونفى أيضا أي وجود لقوات الحشد الشعبي في المحافظة، وأنّ القوات التي تقاتل «داعش» هي قوات الجيش والشرطة وأبناء العشائر فقط، وبمساندة طائرات التحالف الدولي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.