أزمة مياه الشرب تفاقم معاناة ملايين اليمنيين في إب

TT

أزمة مياه الشرب تفاقم معاناة ملايين اليمنيين في إب

شكا سكان محافظة إب اليمنية (170 كلم جنوب صنعاء) من استمرار انقطاع مياه الشرب عبر الشبكة الحكومية منذ نحو أسبوعين في عموم مديريات ومناطق المحافظة، وهو الأمر الذي تسبب بتفاقم معاناتهم التي رافقها ارتفاع مخيف في أسعار صهاريج المياه المنقولة للمنازل بنسبة تصل إلى نحو 100 في المائة.
وذكرت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن ملايين السكان بمركز المحافظة ونحو 22 مديرية تابعة لها لا يزالون يعانون من انقطاع شبه كلي لمشروع المياه، جراء ما قالوا إنه أزمة الوقود المفتعلة من قبل الميليشيات الحوثية والتي قادت بحسبهم إلى توقف شبه كلي لما تبقى من الخدمات العامة في المحافظة وبقية المدن تحت سيطرة الجماعة.
وأشارت المصادر إلى أن أزمة المياه التي يعانيها سكان المحافظة التي تعد من المناطق اليمنية ذات الكثافة السكانية العالية، رافقها أيضاً لجوء الميليشيات قبل أيام وبصورة غير معلنة إلى رفع أسعار فواتير المياه بنسبة تصل إلى 200 في المائة.
واتهمت المصادر سلطة الانقلاب الحوثي بأنها تعمد كل مرة إلى جانب أزماتها المفتعلة إلى ممارسة العقاب الجماعي بحق السكان من خلال حرمانهم من الحصول على أبسط الخدمات في مقدمها منعها المتكرر لتدفق مياه الشرب عبر مشاريع المياه الحكومية. وفي ذات السياق، شكا السكان بمناطق ريف إب والظهار والمشنة والجبانة والسبل وإب القديمة وغيرها، لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار انقطاع المياه الحكومية التي تديرها الميليشيات عن منازلهم منذ ما يزيد على أسبوعين.
وقال البعض منهم إن مسؤولي الميليشيات بفرع مؤسسة المياه في إب برروا أن أسباب الانقطاع يعود إلى أزمة الوقود المفتعلة أساساً من قبل الجماعة بغية تحقيق أرباح مالية ومكاسب سياسية وإنسانية على حساب معاناتهم وأوجاع اليمنيين.
ووصف السكان في إب الادعاءات الحوثية تلك بـ«الباطلة»، كون مؤسسة المياه في العاصمة المختطفة صنعاء وفروعها في المدن تحت سيطرتها كانت ولا تزال تعمل بالمساعدات التي تقدمها المنظمات الأممية من نفقات تشغيلية وشراء معدات وقطع غيار وغيرها.
ويقول أحد السكان في إب: «إن الآلاف من سكان المدينة لا يزالون عاجزين حالياً عن إيجاد وسائل وطرق أخرى بديلة للحصول على مياه الشرب نتيجة الانقطاع المتكرر لها من قبل فرع مؤسسة المياه الذي يديره الحوثيون».
وتحدث عن الارتفاع المخيف في أسعار صهاريج الماء بمعظم مناطق المحافظة، مشيراً إلى أن سعر الصهريج الواحد حالياً يتراوح بين 20 ألفاً و25 ألف ريال (الدولار يساوي 600 ريال)، في ظل أوضاع صعبة يعيشها أغلب سكان المدينة.
ونظراً للارتفاع الجنوني لأسعار المياه في إب، ذكر المواطن لـ«الشرق الأوسط»، أنه ليس بمقدوره وأسرته بالوقت الحالي شراء المياه بهذه الطريقة نظراً لظروفه المادية الصعبة.
وحذر من أن حياة الملايين من أبناء المحافظة ومديرياتها باتت مهددة مع استمرار انعدام المياه سواء من المشروع الرسمي أو من المياه الخيرية أو من خلال الصهاريج التي ارتفعت تكلفتها بصورة غير مبررة.
وعلى مدى السنوات المنصرمة من عمر الانقلاب، انتهجت الميليشيات الحوثية مسلسل التدمير والنهب الممنهج للمؤسسات العامة في عموم المدن تحت سيطرتها، وأوقفت مشروع شبكة المياه الحكومي في صنعاء وبقية المحافظات، ومخصصات التشغيل والصيانة وقطع الغيار، كما أوقفت صرف رواتب موظفي هذا القطاع وغيره من القطاعات الأخرى.
وكان مسؤولون بمؤسسة المياه الخاضعة لسيطرة الحوثيين في صنعاء، كشفوا بوقت سابق، لـ«الشرق الأوسط»، عن ممارسات إجرامية متنوعة نفذتها الميليشيات بحق مؤسسة المياه، و«الهيئة العامة للموارد المائية في العاصمة»، وتحويلهما إلى ملكية خاصة لعناصر الجماعة.
كما كشفوا عن مصادرة الجماعة عقب اقتحامها للمؤسسة كل أصولها وأرصدتها ومخصصاتها من الوقود والأثاث ومعدات التشغيل وغيرها. وقالوا إن الميليشيات لم تترك شيئاً داخل المؤسسة الحكومية، عدا بضعة موظفين تحتاج إليهم بين الفينة والأخرى لتنفيذ أجندتها ومشاريعها الانقلابية.
وكانت وثائق مسربة تحدثت عن عمليات فساد ونهب حوثية لأموال طائلة كانت مقدمة من منظمات دولية لصالح قطاع المياه، حيث أكدت وقوف قيادات حوثية وراء ارتكاب عمليات الفساد والنهب.
وكشفت الوثائق عن عمليات اختلاس رافقت صفقتي شراء سيارات ممولة من «يونيسيف» بتكلفة إجمالية بلغت 670 ألف دولار بينها 13 سيارة تم شراؤها لهيئة حماية البيئة، عام 2019، إلى جانب اختفاء منحة دولية بـ10 ملايين لتر ديزل، واختلاس نحو 199 ألف دولار من مشروع حملات التقييم البيئي للمناطق المتضررة من الحرب.


مقالات ذات صلة

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.