كابوس قرية فلسطينية: حصار 50 يوماً وعقوبات جماعية

TT

كابوس قرية فلسطينية: حصار 50 يوماً وعقوبات جماعية

كُشف النقاب، أمس (الجمعة)، عن أن قرية «دير نظام» في محافظة رام الله، ظلت محاصَرة من الاحتلال الإسرائيلي طيلة 50 يوماً متواصلة، تعرضت خلالها البيوت والمدرسة لاقتحامات ومطاردات وتعرض أهلها لمضايقات شديدة. وكل ذلك في إطار العقوبات الجماعية التي ينفذها الاحتلال ضد الأبرياء بسبب تصرف ما لأحد الفتية.
وكما روى الباحث في منظمة «بتسيلم» الإسرائيلية لحقوق الإنسان، إياد حداد، ابن رام الله، فإن قوات الاحتلال اقتحمت القرية 17 مرة خلال أيام الحصار الخمسين. وقد وثّقها بنفسه. وكانت معظم الاقتحامات تتم في ساعات متأخرة من الليل، وشملت اقتحام 15 منزلاً واعتقال 10 أشخاص من سكان القرية، إضافة إلى تلميذين في المدرسة الثانوية. وتم إطلاق سراح معظمهم.
وقال رئيس مجلس القرية، ناصر مزهر (57 سنة): «هذا عقاب جماعي... بسبب وجود اشتباه بأن بعض الأولاد رشقوا الحجارة، إسرائيل تعاقب كل القرية. العلاقات الاجتماعية للسكان تقلصت إلى الحد الأدنى، المعاناة كبيرة، الناس يفكرون ألف مرة قبل الذهاب إلى حفلات الزفاف أو الجنازات أو الزيارات العائلية. يوجد ضغط في القرية، وهناك أشخاص حتى ينامون عند أقاربهم في الخارج من أجل تجنب العبور في الحاجز».
ونشرت صحيفة «هآرتس» العبرية أمس تقريراً حول معاناة البلدة جاء فيه: «أمامها، في الطرف الآخر للشارع، توجد قرية النبي صالح، وهي قرية صغيرة ومشهورة أكثر منها بفضل النضال العنيد لسكانها والمظاهرات التي استمرت فيها لبضع سنوات. في دير نظام لا توجد مظاهرات ولا يوجد صراع، عدا عن صراع البقاء لسكانها. هذا صراع قاسٍ، علاماته تظهر في المشهد الفقير للقرية. في السنوات العشرين الأخيرة غادرها نحو 300 شخص من بين الـ1500 من سكانها وانتقلوا إلى رام الله لأنهم لم يصمدوا أمام مضايقات الاحتلال. مدرسة القرية توجد في وسطها، وهي مدرسة شاملة، من روضة الأطفال حتى انتهاء المرحلة الثانوية، فيها 220 طالباً وطالبة يتعلمون بصورة مختلطة، وفيها 24 معلماً.
في أول شهر ديسمبر (كانون الأول) من السنة الماضية، وبعد عدة أحداث من رشق الحجارة في الشارع الرئيسي، قرر الجيش الإسرائيلي استخدام عقاب جماعي يُفرض على جميع سكان القرية. هكذا تبدو العودة إلى سنوات الانتفاضة، العودة إلى أيام الإغلاق والحواجز. الشارعان اللذان يؤديان إلى القرية تم إغلاقهما ببوابات حديدية صفراء، مثلما يحبسون البهائم، والمدخل الرئيسي للقرية تحوّل إلى حاجز يوجد فيه الجنود 24 ساعة في اليوم وسبعة أيام في الأسبوع. كل سيارة يتم فحصها بدقة وفحص جميع ركابها. المعلمون يتأخرون عن المدارس، الأقارب والأصدقاء امتنعوا عن إجراء الزيارات من أجل تجنب الإهانة والأعمال البغيضة للجنود، والعمال يتأخرون عن الوصول إلى أماكن العمل، والمرضى يتأخرون في الوصول إلى العيادات، والطلاب يتأخرون عن الوصول إلى حصصهم... كابوس. هكذا هو الحال طوال 50 يوماً متواصلة. في 18 من الشهر الماضي، وصلت سيارات عسكرية وقام الجنود باقتحام المدرسة بالقوة من دون طلب إذن أو أن يشرحوا أمراً للمعلمين المندهشين أو للطلاب. بعد ذلك اكتشفوا أن مدير المدرسة الجديد، بدر شريطة، تم اعتقاله في ذاك الصباح على حاجز الدخول إلى القرية. عندما دخل الجنود المسلحون الثمانية إلى ساحة المدرسة، معلم الرياضيات، شاهر التميمي (32 عاماً) وقف أمامهم هو ومعلم آخر. الاثنان حاولا منعهما من الدخول غير المقبول هذا إلى المدرسة من دون تنسيق ومن دون إذن. ولكن الجنود قاموا بإبعادهما من طريقهم».
ويقول رئيس المجلس: «مشكلات القرية بدأت عند إقامة مستوطنة (حلميش) في عام 1978، 2500 دونم من أراضي القرية أُخذت. مسموح بالبناء في القرية فقط على 200 دونم. المستوطنون يتابعون كل عملية بناء في القرية ويقومون بإبلاغ سلطات الاحتلال عن ذلك.
الوضع ازداد شدة أكثر عند إقامة مزرعة (تسفي)، وهي بؤرة عنيفة أُنشئت في عام 2019، بعد ذلك بدأت الهجمات على الفلاحين في القرية وعلى الرعاة الذين يجدون صعوبة في الوصول إلى أراضيهم. الرعاة في المزرعة سيطروا على أراضي الرعي والحقول. هناك يقومون برعي أغنامهم وأبقارهم. أشجار زيتون تم إحراقها ومحاصيل تم تدميرها. الجيش الإسرائيلي يتعاون معهم ويدافع عن زعران هذه المزرعة كالمعتاد».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.