اللبنانيون يستبقون رفع الرسوم الجمركية بشراء كمالياتهم

تشمل السيارات والأدوات الكهربائية ومواد البناء

TT

اللبنانيون يستبقون رفع الرسوم الجمركية بشراء كمالياتهم

تخلى اللبناني أحمد عن خطة اقتناء سيارة صغيرة مستعملة بعد أن أمضى عامين كاملين يدخر ثمنها. قبل 3 أسابيع، لم يكن سعر السيارة المطلوبة يتخطى الـ4 آلاف دولار، ليفاجأ أن سعرها قفز الأسبوع الماضي ليصبح 6 آلاف دولار، بمجرد بدء الحكومة اللبنانية دراسة بند رفع الدولار الجمركي.
ويؤكد الشاب العشريني في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن ادخار المبلغ المذكور «لم يكن بالأمر السهل لموظف جديد في بلد تعصف فيه الأزمات الاقتصادية من كل حدب وصوب وتآكلت فيه الأجور». ويقول باستغراب: «أصحاب المعارض والناشطون في تطبيقات بيع السيارات، استبقوا إقرار الحكومة لبند رفع الدولار الجمركي وحددوه على كيفهم»...
وتتجه الحكومة لإقرار رفع الدولار الجمركي بهدف تعزيز إيراداتها. إلا أن معظم القطاعات خصوصاً تلك التي تعتمد كلفتها على الدولار، لم تنتظر إعلان التسعيرة التي سيتم اعتمادها، بل اجتهدت بتقدير سعر جمركي جديد يصل أحيانا إلى سعر صرف الدولار في السوق الموازية (20 ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد حاليا).
أما اللبناني حاتم، فوجد نفسه مجبراً على البحث عن سيارة بمواصفات أقل من طلبه. ويقول لـ«الشرق الأوسط» بأنه أراد تبديل سيارته قبل رفع الدولار الجمركي، وأعجبته واحدة من موديل الـ2018 معروضة على وسائل التواصل الاجتماعي بسعر 24000 دولار. «بعد حوالي الأسبوعين تواصلت مع مالكها ليتضح أنه صاحب معرض سيارات، وفوجئت بأنه رفع سعرها 5000 دولار دفعة واحدة لتصل إلى 29000!».
ووفقاً لحاتم، يتحجج صاحب المعرض بتوجه الحكومة إلى رفع الدولار الجمركي، ورغم أن الأخيرة لم تحدد سعر الصرف الذي سيعتمد بعد، إلا أن التاجر أكد لحاتم أنه احتسب جمرك السيارات المعروضة على سعر صرف الدولار في السوق الموازية لضمان مكسبه وعدم وقوعه في أي خسارة.
وليس صاحب المعرض الذي قصده حاتم هو الوحيد الذي يعمد إلى هذه الزيادات غير المشروعة، ويؤكد محمد وهو تاجر سيارات في النبطية (جنوب لبنان) لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التجار يسعون للحفاظ على رأسمالهم من خلال رفع أسعار السيارات في حين يجمد البعض الآخر البيع بانتظار معرفة السعر الجمركي الجديد، وهناك أيضاً من يبيع السيارات من دون دفع رسم الجمرك على أن يقوم الشاري بتسديد هذا المبلغ».
ويحتسب الدولار الجمركي حتى الآن على سعر صرف الدولار الرسمي أي 1507 ليرات لبنانية للدولار الواحد، في حين لم يقرر بعد السعر الجديد وما إن كان سيتم احتسابه على سعر منصة «صيرفة» (21500 ليرة لبنانية للدولار الواحد حاليا) أو بسعر أقل.
وللمفارقة، لم يقبل صاحب المعرض شراء سيارة حاتم على سعر دولار جمركي يحتسب على سعر «صيرفة» أو السوق السوداء مصراً على السعر الرسمي، بينما يقول محمد: «المعرض حتما سيشتري السيارات على سعر الجمرك الحالي لأن السعر الجديد غير معروف بعد».
وأثارت الأنباء عن اتجاه لرفع الدولار الجمركي ارتباكاً في السوق اللبناني. يسرع عماد وخطيبته جنى لشراء ما ينقصهما من أدوات كهربائية «قبل فوات الأوان»، وتقول جنى لـ«الشرق الأوسط»: «زفافنا في الصيف، لكننا طلبنا من عائلتينا شراء الهدايا التي وعدونا بها الآن لنستبق رفع رسوم الجمارك، وبالفعل هذا ما حصل. وبعد أن أحصينا النواقص اقترضنا حوالي 4 آلاف دولار من الأهل والأقارب لشرائها». ورغم أنها تعتبر أن ما قاما به «فيه شيء من الجرأة» على حد وصفها، إلا أنها تضيف: «كنا سنضطر لدفع المبلغ مضاعفاً لو لم نقم بذلك وربما كانت الهدايا ستضيع علينا أيضاً».
بدورها، قررت صاحبة متجر الملابس النسائية نسرين شراء تشكيلة ربيع وصيف 2022 «قبل رفع الدولار الجمركي»، فحجزت على متن أول طائرة متوجهة إلى إسطنبول «للإفلات ولو لموسم إضافي من نار الرسوم الجمركية التي ستقضي إلى الإقبال الخجول على الشراء نتيجة ارتفاع الأسعار»، كما تقول.
وعن السعر الذي ستعتمده في بيع البضاعة الجديدة، تقول: «سيكون بشكل يراعي قدرة الناس ولا يؤدي إلى خسارتي أو عدم قدرتي على دفع رسوم الجمارك التي ستحدد».
العاملون في قطاع البناء أيضاً لم يدعوا الخبر يمر مرور الكرام، ويوضح فادي وهو متعهد بناء لـ«الشرق الأوسط» أن المكتب الهندسي الذي يعمل فيه أمر بشراء لوازم البناء المستوردة كافة كالحديد والأسلاك الكهربائية ولوازم الحمامات... قبل رفع الدولار الجمركي».
ويؤكد فادي أن «هناك تخوفا من ارتفاع أسعار مواد البناء الذي قد يؤدي إلى صعوبة إتمام المشاريع، كما أن غلاء مواد البناء سيرفع سعر الشقق وينعكس سلباً على حركة الطلب في السوق العقاري المهتز أصلا بسبب الوضع الاقتصادي».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.