بوتين «يسقط مهاراته في الجودو» على الأزمة الأوكرانية

TT

بوتين «يسقط مهاراته في الجودو» على الأزمة الأوكرانية

لا تزال الأزمة بين روسيا ودول حلف شمال الأطلسي بشأن أوكرانيا تحمل قدراً كبيراً من الغموض بشأن نيات موسكو وردود الفعل المحتملة في حال إقدامها على التوغل عسكرياً في العمق الأوكراني، كما تحذر واشنطن. وقال ريتشارد هاس، المفكر والدبلوماسي في تقرير نشره مجلس العلاقات الخارجية الأميركي إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستعرض بانتظام مهاراته في رياضة الجودو وغيرها من فنون الدفاع عن النفس. وغالباً ما يعتمد النجاح في هذه الرياضات على ما يسميه اليابانيون «كوزوشي»، وهو إخلال توازن الخصم من خلال استخدام تقنيات مصمَّمة لتعطيل توازنه البدني والعقلي. ويضيف هاس أن بوتين سعى إلى الإخلال بتوازن الولايات المتحدة وحلفائها من «الناتو» من خلال حشد أكثر من 100 ألف جندي روسي على الحدود الأوكرانية. وبعد أن لم يخفِ بوتين وجهة نظره القائلة بأن روسيا وأوكرانيا مرتبطتان عضوياً، قد يرى في إعادة تأسيس مثل هذه العلاقة وسيلة لترسيخ إرثه من خلال محو الوصمة المتصوَّرة التي عانت منها روسيا في العقود التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفيتي. وربما كان بوتين يعتقد أن تهديد أوكرانيا قد يزعزع استقرار البلاد ويوفر فرصة لاستبدال حكومة أكثر احتراماً للكرملين بالحكومة الحالية الموالية للغرب. بل الأرجح أن بوتين رأى أن تعبئة قواته من شأنها أن ترهب الولايات المتحدة ورئيسها الجديد نسبياً، جو بايدن، لقبول عودة أوكرانيا إلى منطقة نفوذ روسيا. ففي نهاية الأمر، كانت الولايات المتحدة قد نفّذت للتوّ انسحاباً فوضوياً وغير مشروط تقريباً من أفغانستان. وكان بوتين قد أفلت إلى حد كبير بعد ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014 ولم يدفع الرئيس الصيني شي جينبينغ سوى القليل من الثمن للتراجع عن الديمقراطية في هونغ كونغ. لذا، فقد بدت الولايات المتحدة من بعيد ضعيفة ومنقسمة وتنظر إلى الداخل. أضف إلى ذلك عدم احترام بوتين لحلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين، حسب هاس.
وبعد أن قررت ألمانيا بشكل غير حكيم التخلص التدريجي من الطاقة النووية، سمحت لنفسها بأن تصبح أكثر اعتماداً على الغاز الروسي. وكما كان الحال في كثير من الأحيان بالنسبة لألمانيا الغربية في أثناء الحرب الباردة، فإنها غير مرتاحة لمواجهة الكرملين. فضلاً عن ذلك فقد بدأ بوتين حشده العسكري مع اقتراب فصل الشتاء، عندما كان انخفاض درجات الحرارة وارتفاع أسعار الوقود من شأنهما أن يمنحا الكرملين نفوذاً إضافياً. وقد ركز الفرنسيون على انتخاباتهم الرئاسية المقبلة، في حين كانت المملكة المتحدة منشغلة بـ«كوفيد - 19» وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) وتصرفات رئيس الوزراء بوريس جونسون. وبالإضافة إلى ذلك، اتخذ بوتين خطوات للحد من نقاط الضعف في روسيا، خصوصاً بالنسبة إلى العقوبات الاقتصادية. فقد بلغ احتياطي البلاد من النقد الأجنبي رقماً قياسياً بلغ 630 مليار دولار في ديسمبر (كانون الأول) 2021، في حين حقق ارتفاع أسعار النفط إيرادات حكومية كبيرة. وبوسع الصين، التي تقدم بالفعل الدعم الدبلوماسي، أن تقدم المساعدة المالية إذا احتاج الكرملين إليها. ولكن في حين كان بوتين يصطنع الأزمة الأوكرانية معتقداً أنه يتمتع بميزة واضحة في مواجهة الغرب، فقد ارتكب خطأ قد يكون خطيراً حتى بالنسبة إلى ممارس ماهر في فنون الدفاع عن النفس، فقد قلل من شأن خصمه، وفقاً لهاس. وفي حين قال بايدن وحلف شمال الأطلسي إنهما لن يتدخلا مباشرةً نيابةً عن أوكرانيا، إلا أن هذا لا يماثل قبول الهيمنة الروسية. والواقع أن الولايات المتحدة نظّمت استجابة شاملة، وأرسلت أسلحة إلى أوكرانيا لزيادة التكاليف التي تتحملها روسيا من أي غزو واحتلال. وهناك خطط لتحصين الدول الأعضاء في «الناتو» الأقرب إلى روسيا. ويجري إعداد عقوبات اقتصادية كبيرة. ومن شأن إعادة توجيه الغاز إلى أوروبا أن يعوّض جزئياً الخسارة المحتملة في الإمدادات الروسية. ويرى هاس أن كل هذا يعني أن التوجه الأوّلي لبوتين فشل في تسجيل ضربة حاسمة. لقد وضع بوتين نفسه في موقف لا يُحسَد عليه؛ فإما أن يُصعّد وإما أن يجد طريقة لحفظ ماء الوجه للتراجع. ووفّرت الولايات المتحدة بحكمة لبوتين منحدراً دبلوماسياً بعيداً. وقد يستتبع ذلك إنشاء هيكل جديد للمساعدة في دعم الأمن الأوروبي، فضلاً عن ترتيبات السيطرة على الأسلحة التي من شأنها أن تحدّ من نطاق وموقع مجموعة من النظم. ومن شأن عملية مينسك التي أُعيد تنشيطها وتنقيحها أن تسعى إلى تسوية سياسية في شرق أوكرانيا بشكل يسمح بقدر كبير من الحكم الذاتي لسكان المنطقة (وكثير منهم من أصل روسي) واستبدال قوات حفظ السلام الدولية بالجنود الروس. ومن غير المؤكد ما إذا كانت مثل هذه النتيجة كافية لبوتين. فهو لن يسمع ما يريد -وهو أن أوكرانيا لن تتمكن أبداً من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، أو أن قوات الحلف سوف تنسحب إلى ما كانت عليه قبل أكثر من عقدين من الزمان، قبل أن يتوسع الحلف إلى أوروبا الوسطى والشرقية. ولكن من المرجح أن تكون أمام بوتين بضعة أسابيع للتفكير في خطواته التالية. وليس أمام بوتين خيار آخر.
وبوسعه أن يزيد من الوجود العسكري الروسي في نصف الكرة الغربي، زاعماً أنه يفعل للولايات المتحدة ما فعلته هي وحلف شمال الأطلسي لروسيا. ولكن هذا من شأنه أن يكون محفوفاً بالمخاطر، ولن يفعل شيئاً للتعامل مع مخاوفه في أوروبا.
ومن المستحيل التنبؤ بما سيفعله بوتين، وربما لم يحسم أمره بعد. وقد يختار ما يسمى «التوغل الطفيف»، أو التدخل المحدود، ربما لزيادة الوجود العسكري الروسي في شرق أوكرانيا. ومن شأن مثل هذا المسار أن يعطي بوتين شيئاً ليُظهره لدبلوماسيته العدوانية من دون التعرض لعقوبات كبرى، حيث من غير المرجح أن يتوصل أعضاء حلف «الناتو» الثلاثين إلى توافق في الآراء حول كيفية الرد. كما أنه سيكون متسقاً مع نهج فنون الدفاع عن النفس للبحث عن مفاتحات تكتيكية لزعزعة توازن الخصم.
ويخلص هاس إلى أن مثل هذا السيناريو يسلط الضوء على حدود فنون الدفاع عن النفس، والتي تتعلق بالتكتيكات أكثر من الاستراتيجية. ويقول إن هذه الأزمة المختلقة إلى حد كبير في أوكرانيا تخاطر بترك روسيا في وضع أسوأ، يتمثل في السيطرة على المزيد من الأراضي بشكل طفيف، ولكن مع مواجهة عقوبات جديدة، وحلف شمال الأطلسي أكثر قوة، ومجاورة دولة طوّر شعبها هوية أكثر انفصالاً ومعاداة لروسيا.



حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.