أسس الحزب الاشتراكي البرتغالي في أبريل (نيسان) عام 1973، بيد أنه لم يحصل على الترخيص القانوني لممارسة نشاطه السياسي إلا في مطالع العام 1975.
ينتمي هذا الحزب ينتمي إلى قوى وسط اليسار (أو اليسار المعتدل) الأوروبية التي تتبنّى مبادئ السوق الحرة والمبادرة الخاصة، لكنها تشدّد على أهمية إخضاع الاقتصاد لقواعد المؤسسات العامة ورقابتها، بما يضمن التوزيع العادل للثروة.
وينصّ الميثاق التأسيسي للحزب على اعتماد اقتصاد السوق إطاراً عاماً لسياسة الدول الاقتصادية، إلا أنه مقابل ذلك يرفض صراحة «مجتمع السوق»؛ إذ إنه يعتبره «هيمنة غير مشروعة لمنطق السوق على المنظومة الاجتماعية برمتها»، ما يجعله قريباً من الطروحات الماركسية التي تتبناها الأحزاب الشيوعية الأوروبية.
على الصعيد الأوروبي، يدعو الحزب الاشتراكي البرتغالي إلى ترسيخ دعائم الاتحاد وتوسيع دائرة عضويته. وعلى غرار معظم «دول الجنوب» الأوروبية والبلدان الأعضاء الصغيرة، ينادي بإصلاحات تضفي المزيد من الديمقراطية على المؤسسات الأوروبية التي تخضع لتأثير الدول الكبرى. وهو يعتبر أيضاً أنه لا يجوز للاتحاد الأوروبي أن يكون «قلعة منيعة» حريصة فقط على مزاياها ومصالحها، وغير مكترثة تجاه متاعب بقية الشعوب الأخرى في العالم.
خلال الانتخابات الاشتراعية عام 2015 حلّ الحزب الاشتراكي ثالثاً بعد الحزب الديمقراطي الاجتماعي (يمين معتدل) والوسط الديمقراطي الاجتماعي بنسبة 32 في المائة من الأصوات، وبالتالي نال 86 مقعداً في الجمعية الوطنية. إلا أن الاشتراكيين تمكّنوا يومذاك من تشكيل «حكومة ائتلافية» بفضل التحالف الذي نسج خيوطه أمينهم العام أنطونيو كوستا مع الحزب الشيوعي والقوى البيئية واليسارية الأخرى.
وفي العام 2019 نال الحزب غالبية الأصوات والمقاعد البرلمانية للمرة الأولى بعد حصوله على 36.6 في المائة من أصوات الناخبين. وفي الانتخابات الأخيرة التي أجريت يوم الأحد الفائت حصل الاشتراكيون على الغالبية المطلقة للمرة الثانية في تاريخهم، ونالوا 117 مقعداً في البرلمان.
من الشخصيات البارزة في مسيرة الحزب الاشتراكي البرتغالي وتاريخه، الدكتور ماريو سواريش الذي تولّى رئاسة الحكومة أربع مرات متتالية، كما تولّى رئاسة الاشتراكية الدولية مرات عدة، والأمين العام الحالي للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرّيش. وللعلم، يسيطر الحزب الاشتراكي على الاتحاد العام للعمال الذي يعتبر التنظـيم النقابي الأكبر والأكثر تأثيراً في البرتغال، ولديه تنظيم طلابي فاعل جداً في الأوساط الجامعية.
مع ذلك، يجمع المراقبون على أن الحقبة الممتدة منذ تولي أنطونيو كوستا الأمانة العامة للحزب إلى اليوم هي الأكثر خصوبة في تاريخه من حيث النتائج التي حققها في الانتخابات العامة والفرعية. وأيضاً الأهم من حيث تأثيره في توجيه دفّة الاقتصاد البرتغالي وحضور البرتغال في المحافل الأوروبية والدولية. ولقد جاءت نتيجة الانتخابات الأخيرة لتدعم صيغة «الائتلاف اليساري» الذي قاده كوستا بمهارة بين القوى المعتدلة والمتطرفة، والذي تحوّل إلى قدوة من حيث استقرار المؤسسات الذي سمح للبرتغال بتجاوز الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي نشأت عن جائحة «كوفيد» وتداعياتها.
ولعل من أبرز الادلّة على نجاح أداء الصيغة الائتلافية الحاكمة التي قادها كوستا، وأعطته هذا الفوز الساحق في الانتخابات الأخيرة، أن البرتغال انتقلت من معدل نمو سنوي لا يتجاوز 1.5 في المائة وعجز في ميزان المدفوعات بنسبة 4.4 في المائة إلى معدل نمو بنسبة 4.4 في المائة، وانخفاض بنسبة العجز إلى 1.4 في المائة خلال السنوات الأربع التي كان فيها كان فيها كوستا على رأس الحكومة.
الحزب الاشتراكي البرتغالي... وجوه تاريخية ومسيرة سياسية ناضجة
![ماريو سواريش](https://static.srpcdigital.com/styles/1037xauto/public/2022/02/04/1643909963119497800.jpg)
ماريو سواريش
الحزب الاشتراكي البرتغالي... وجوه تاريخية ومسيرة سياسية ناضجة
![ماريو سواريش](https://static.srpcdigital.com/styles/1037xauto/public/2022/02/04/1643909963119497800.jpg)
ماريو سواريش
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة