مصادر ليبية: ترشيحات الحكومة الجديدة تضم مقربين من القذافي

«فجر ليبيا» ترفض دعوات الأمم المتحدة لعقد أول اجتماع لقادة الميليشيات المسلحة

ليبي يرفع شارة النصر وآخر يرفع علم ليبيا في مظاهرة ضد دعوات الأمم المتحدة للحوار في بنغازي أمس (رويترز)
ليبي يرفع شارة النصر وآخر يرفع علم ليبيا في مظاهرة ضد دعوات الأمم المتحدة للحوار في بنغازي أمس (رويترز)
TT

مصادر ليبية: ترشيحات الحكومة الجديدة تضم مقربين من القذافي

ليبي يرفع شارة النصر وآخر يرفع علم ليبيا في مظاهرة ضد دعوات الأمم المتحدة للحوار في بنغازي أمس (رويترز)
ليبي يرفع شارة النصر وآخر يرفع علم ليبيا في مظاهرة ضد دعوات الأمم المتحدة للحوار في بنغازي أمس (رويترز)

بينما يتجه قطار الحوار الوطني الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة بين الأطراف المتنازعة على السلطة في ليبيا إلى محطته الأخيرة على ما يبدو، علمت «الشرق الأوسط» أن بورصة المرشحين لتولى منصب رئيس حكومة توافق وطني خلفا للحكومة الانتقالية الحالية التي يترأسها عبد الله الثني، باتت تضم نحو 8 مرشحين على الأقل، بعضهم عمل لفترات في نظام العقيد الراحل معمر القذافي.
وقال أعضاء في مجلس النواب الليبي التقوا برنادينو ليون، مبعوث الأمم المتحدة، رئيس بعثتها لدى ليبيا في القاهرة، على مدى اليومين الماضيين، لـ«الشرق الأوسط»، إن قائمة المرشحين تضم عبد الرحمن شلقم، وزير خارجية القذافي، مندوب ليبيا السابق بالأمم المتحدة، وجاد الله عزوز الطلحى، رئيس سابق لحكومة القذافي في الثمانينات، بالإضافة إلى العارف النايض سفير ليبيا لدى الإمارات، وعبد الله البدري، الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك).
وعلاوة على هذه الأسماء المعروفة، تضم القائمة أيضا أسماء لمرشحين غير معروفين على الساحة المحلية.
والتقى المبعوث الدولي ليون الذي يزور القاهرة في إطار جولة إقليمية قبل استئناف الجولة الجديدة من المفاوضات التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة في المغرب، مع بعض أعضاء مجلس النواب الليبي الموجودين في العاصمة المصرية للاستماع إلى بعض الملاحظات الخاصة بهم على ما تمخضت عنه جولات الحوار السابقة.
وبينما أعلن ليون لدى اختتام جولة الحوار الأخيرة بالمغرب عن التوصل لاتفاق يشمل نحو 80 في المائة من النقاط المتعلقة بحل نهائي للأزمة الليبية بما في ذلك تشكيل حكومة وفاق وطني وإنشاء مجلس رئاسي وبرلمان جديد، فإن أعضاء مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، طرحوا في المقابل عدة تساؤلات ونقاط مهمة تتعلق بالشكل النهائي لهذا الحل.
وقال أحد الأعضاء الذين التقوا ليون بأحد فنادق القاهرة أخيرا، لـ«الشرق الأوسط»: كانت لدينا تساؤلات بعينها حول مجلس الدولة الذي اقترحه ليون في إطار الحل السياسي للأزمة، نريد أن نعرف ما هي صلاحيات هذا المجلس؟ وكيف سيتشكل؟ ومن المسؤول عن تكوينه؟ كما نريد أن نعرف لمن ستكون قراراته ملزمة؟
وأضاف الدكتور أيمن المبروك سيف النصر، عضو مجلس النواب، لـ«الشرق الأوسط»: أيضا طرحنا على ليون أسئلة وملاحظات خاصة بالجيش الليبي، ننتظر أن نتلقى الآن تصور ليون للنقاط المتفق عليها بعد قراءته لكل الملاحظات الخاصة بالحوار من جميع أطرافه المشاركة.
وتابع: «عنصر الوقت لا يجب أن يشكل ضغطا علينا، نريد التوصل لاتفاق سياسي مستقر، وليس فقط أي اتفاق لتقاسم السلطة أو لإرضاء أي طرف». وقال المبروك: «أبلغنا ليون أننا كأعضاء في مجلس النواب الذي يحظى باعتراف المجتمع الدولي، مستعدون تماما لمغادرة مواقعنا فور التوصل إلى اتفاق سياسي مستقر يضمن توفير حل طويل الأمد لهذه الأزمة، لسنا طلاب سلطة على الإطلاق». لكن المبروك نفى أن يكون مبعوث الأمم المتحدة يتبنى أسماء معينة للترشح لتولى رئاسة الحكومة المقترحة، مشيرا إلى أن البعثة الدولية تقول في المقابل إنها ليست جهة لتلقى السير الذاتية للمرشحين لهذا المنصب أو لغيره.
وأوضح أن الأعضاء الذين التقوا ليون لم يطرحوا في المقابل أي أسماء لرئاسة الحكومة، لافتا إلى أن الأمر منوط بمجلس النواب الذي سيقدم لاحقا قائمة بأسماء من وقع عليهم التوافق لاختيار أحدهم لخلافة الثني في منصب رئيس الوزراء الجديد.
من جهتها، أعلنت ميليشيات ما يسمى بعملية «فجر ليبيا» رفضها الشديد للدعوة الخاصة التي وجهها ليون لقيادات الجيش التابع لها، معتبرة أنه في جميع أنحاء العالم لا تجد جيشا يتدخل في السياسة وأن ليون نفسه يعترف بأن الإشكالية في ليبيا سياسية. وقال المكتب الإعلامي لهذه الميليشيات في بيان له نشره عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، ولذلك وجب إيقاف هذه الدعوة وعدم امتثال قيادات الجيش لها، لأن المرجو منها هو زيادة شق صفوف الثوار والقيادات وإضعافها لصالح العملية الانقلابية. وشددت مجددا على أن المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، هو الجسم الشرعي الوحيد الممثل لليبيا، مشيرة إلى أن «رئاسة الأركان العامة التي تتبع تعليماتها لنوري أبو سهمين، القائد الأعلى رئيس البرلمان السابق، هي الجهة العسكرية العليا لإدارة الشؤون العسكرية التي تجري على الأرض».
وأضافت: «مع اعترافنا بقصورها الكبير في إدارة المرحلة، إلا أن هذا لا يعني عدم الاعتراف بها تحت أي مبرر كان»، موضحة أنها ترفض بشدة الدعوات المتكررة التي يطلقها ليون في كل مرة لشريحة معينة من الشعب الليبي تحت حجة الحوار، مضيفة: «ممثلنا الوحيد المعترف به في الحوار هو المؤتمر الوطن، وأي شريحة لها وجهة نظر أو مبادرة يجب عليها تقديمها للمؤتمر ومناقشته فيها».
وكان رئيس بعثة الأمم المتحدة قد كشف النقاب عن أنه يجهز لحوار هو الأول من نوعه بين قادة الميليشيات المسلحة في ليبيا، لكنه لم يحدد موعد ومكان اللقاء.
ويشارك في الحوار الوطني ممثلون عن البرلمان الليبي المنتخب والمعترف به من الأسرة الدولية، وعدد من النواب المقاطعين لجلساته التي تعقد في مدينة طبرق.
ويتنازع مع هذا البرلمان والحكومة المنبثقة عنه، البرلمان السابق الذي أعادت إحياءه ميليشيات «فجر ليبيا» التي تسيطر على العاصمة الليبية طرابلس منذ أغسطس (آب) الماضي، وشكلت حكومة موازية لم تلق هي والبرلمان أي اعترافات دولية.
ويشمل الحوار الذي ترعاه الأمم المتحدة 4 مسارات، وتضم جولات خاصة بالمجالس البلدية، والتشكيلات المسلحة، إضافة إلى التيارات والأحزاب السياسة، والنسيج الاجتماعي المكون من «مشايخ وأعيان القبائل والمناطق».
في غضون ذلك، زعم رئيس غرفة عمليات المنطقة الغربية، العقيد حسين بودية، أن وحدات الجيش الليبي المعززة بثوار «فجر ليبيا»، ما زالت متمركزة بمواقعها في السهلة والحشان وإنجيلة. نافيا في تصريحات له، أمس، وجود أي هدنة، وقال إن أي هدنة يجب أن تتم عن طريق رئاسة الأركان العامة والغرفة المشتركة، وهو ما لم يحدث حتى الآن. بينما نفى الناطق الرسمي باسم الكتيبة 166 المكلفة من البرلمان السابق بتأمين مدينة سرت الساحلية، دخول عناصر هذه الكتيبة إلى جامعة المدينة.
ونقلت وكالة الأنباء الموالية لميليشيات «فجر ليبيا» عنه أن القوة التابعة للكتيبة لم تدخل الجامعة وأن الاشتباكات قائمة على الشريط الساحلي غرب جزيرة أبو هادي، مؤكدا أن القوة لا ترغب الدخول للمدينة حاليا حفاظا على أرواح المواطنين بالمدينة، موضحا أن الاشتباكات التي جرت، مساء أول من أمس، مع عناصر تابعة لتنظيم داعش، أسفرت عن إصابة 3 من عناصر الكتيبة 166، مشيرا إلى أن هذه الاشتباكات التي دارت قرب معصرة الزيتون استخدمت فيها جميع أنواع الأسلحة بين الطرفين.



الحوثيون يختصّون أتباعهم بالأموال... والفقراء خارج الحسابات

أغلبية الموارد المالية الخاضعة للحوثيين تذهب لأعمال التعبئة والحشد والدعاية (إ.ب.أ)
أغلبية الموارد المالية الخاضعة للحوثيين تذهب لأعمال التعبئة والحشد والدعاية (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يختصّون أتباعهم بالأموال... والفقراء خارج الحسابات

أغلبية الموارد المالية الخاضعة للحوثيين تذهب لأعمال التعبئة والحشد والدعاية (إ.ب.أ)
أغلبية الموارد المالية الخاضعة للحوثيين تذهب لأعمال التعبئة والحشد والدعاية (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية أنها خصصت ما يعادل 56 مليون دولار لتنفيذ مشروعات نقدية وصحية وتغذوية موجهة حصراً لأسر القتلى والجرحى والمفقودين، في وقت يعيش فيه ملايين اليمنيين تحت خط الفقر في مناطق سيطرة الجماعة التي تعاني انهياراً شاملاً في الخدمات وانقطاع الرواتب.

وأقرّت الجماعة بأنها دشنت عبر ما تسمى «هيئة رعاية أسر الشهداء»، وعبر هيئة الأوقاف، برنامجاً جديداً تُقدّر تكلفته بنحو 29 مليار ريال يمني (حوالي 56 مليون دولار) يتضمن تنفيذ أكثر من 24 مشروعاً متنوعاً في مجالات الصحة والتغذية والدعم النقدي، يستفيد منها حصراً أتباع الجماعة وأسر قتلاها.

ونقلت وسائل إعلام حوثية عن القيادية أفنان شرف الدين، المتحدثة باسم هيئة أسر قتلى الجماعة قولها إن الهيئة ماضية في تنفيذ مزيد من البرامج التمويلية والمساعدات الميدانية لصالح أسر القتلى والجرحى والمفقودين، وأن المشاريع تشمل زيارات ميدانية شهرية للأحياء والمربعات السكنية في صنعاء وضواحيها، إلى جانب تنظيم فعاليات وأنشطة تعبوية.

الجماعة الحوثية أنشأت مئات المقابر لقتلاها خلال السنوات الماضية (إ.ب.أ)

وفي حين تستهدف هذه الأموال تعزيز الولاء للجماعة وترسيخ ما تسميه «ثقافة الجهاد»، أضافت القيادية الحوثية أن برامج التدريب والمحاضرات الموجهة للأرامل وأمهات القتلى والمعاقين مستمرة، وتهدف - وفق زعمها - إلى «غرس قيم الصبر والتضحية»، وسط اتهامات محلية ودولية بأن الجماعة تستخدم مثل هذه الأنشطة لاستقطاب مقاتلين جدد من صفوف النساء والشباب الفقراء.

توسعة المقابر

وذكرت المصادر في صنعاء أن الجماعة الحوثية خصصت جزءاً من الأموال المرصودة مؤخراً لاستحداث مقابر جديدة، وإعادة ترميم أخرى امتلأت بجثث مقاتليها في مناطق متفرقة من صنعاء وضواحيها.

وقال سكان في شمال صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن الحوثيين بدأوا قبل أيام توسعة مقبرة خاصة بقتلاهم في حي الروضة بمديرية بني الحارث بعد امتلائها بالكامل، متهمين الجماعة بإنفاق ملايين الريالات اليمنية على أعمال صيانة وتوسعة مماثلة في عدة مناطق، في وقت يواجه فيه غالبية السكان أزمة معيشية خانقة نتيجة انقطاع الرواتب وتدهور الخدمات الأساسية.

الحوثيون يخصصون أموالاً ضخمة للدعاية وتمجيد ثقافة الموت (إ.ب.أ)

وبحسب مصادر سياسية في صنعاء، يأتي الإنفاق الحوثي لتكريس ثقافة الموت وخدمة الأتباع المقربين من الجماعة، على حساب تمويل قطاعات حيوية، مثل التعليم والصحة والكهرباء والمياه، التي تعاني انهياراً كاملاً منذ سنوات، بينما يواصل قادة الحوثيين توجيه الموارد العامة لخدمة أهداف سياسية وطائفية ضيقة.

تحذيرات من تفاقم الجوع

وكان برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة كشف في أحدث تقاريره عن ارتفاع معدلات سوء التغذية بين الأطفال دون العامين في اليمن، محذراً من تفاقم الأزمة بنهاية العام الحالي، خصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

وأوضح البرنامج أن معدلات «الفقر الغذائي الشديد» لدى الأطفال بلغت نحو 36 في المائة في تلك المناطق، وهي الأعلى على مستوى اليمن، مشيراً إلى أن بيانات الرصد عن بُعد أظهرت انخفاضاً كبيراً في درجة تنوع النظام الغذائي لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و23 شهراً.

ولفت التقرير إلى انتشار واسع لفقر التغذية الحاد خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، في ظل انكماش برامج المساعدات الدولية، وصعوبة وصول فرق الإغاثة إلى مناطق سيطرة الحوثيين، نتيجة القيود التي تفرضها الجماعة على حركة العاملين الإنسانيين والمنظمات الدولية.


عون: المسار التفاوضي مع إسرائيل هو السبيل الوحيد لتحقيق مصلحة البلاد العليا

الرئيس اللبناني جوزيف عون (د.ب.أ)
الرئيس اللبناني جوزيف عون (د.ب.أ)
TT

عون: المسار التفاوضي مع إسرائيل هو السبيل الوحيد لتحقيق مصلحة البلاد العليا

الرئيس اللبناني جوزيف عون (د.ب.أ)
الرئيس اللبناني جوزيف عون (د.ب.أ)

قال الرئيس اللبناني جوزيف عون إن المسار التفاوضي مع إسرائيل هو السبيل الوحيد لتحقيق مصلحة البلاد العليا، مؤكداً أن الجيش أمامه مهمة مصيرية في بسط سيطرته على كامل أراضي البلاد.

وأضاف عون في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس البلغاري رومن راديف اليوم الاثنين: «أقول إن مهمة جيشنا مصيرية في هذه الظروف، لأن عليه وحده... من دون شريك له، لا من خارج الدولة ولا من خارج لبنان، أن يبسط سلطة دولتنا على كامل أراضيها وحدودها... بحيث تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية على أرضنا وتنسحب إسرائيل من النقاط التي تحتلها داخل لبنان».

وتابع قائلاً: «هذا ما يجب أن يترافق مع مسار تفاوضي، نعتبره السبيل الوحيد لتحقيق أهدافنا الوطنية ومصلحة لبنان العليا»، مشيراً إلى أن لبنان تفاوض مع إسرائيل أكثر من عشر مرات كان آخرها في 2020 و2022 لترسيم الحدود البحرية وفي العام الماضي لوقف الحرب مع جماعة «حزب الله» وحصر السلاح بيد الدولة.

وما زالت إسرائيل تسيطر على مواقع في جنوب لبنان على الرغم من اتفاق وقف الأعمال العدائية المبرم قبل عام بعد حرب مع «حزب الله» أشعلها الصراع في قطاع غزة، وتواصل شن هجمات على شرق البلاد وجنوبها.

وترفض جماعة «حزب الله» نزع سلاحها، لكنها سمحت للجيش اللبناني بالسيطرة على مستودعاتها في جنوب البلاد منذ اتفاق وقف إطلاق النار العام الماضي، ولم تطلق النار على إسرائيل منذ ذلك الحين. وأقرت الحكومة اللبنانية في سبتمبر (أيلول) خطة قائد الجيش رودولف هيكل لحصر السلاح بيد الدولة.

ودعا الرئيس اللبناني إلى توسيع الاتفاق الذي أنهى الحرب في غزة ليشمل الأزمات الأخرى في المنطقة.

وقال عون: «عرضنا اليوم (مع الرئيس البلغاري) الأوضاع في منطقتنا، لا سيما بعد اتفاق غزة، الذي نؤيده ونشد على أيدي رعاته، وندعوهم أولاً لمتابعة تنفيذه كاملاً، ثم لتوسيع مروحته لتشمل الأزمات الأخرى العالقة، بحيث تتوج هذه المساعي سلاماً شاملاً في منطقتنا».


القصف الإسرائيلي على صنعاء يدمّر 34 قطعة أثرية

الغارات الإسرائيلية خلفت دماراً واسعاً في المتحف الرئيسي باليمن (إعلام محلي)
الغارات الإسرائيلية خلفت دماراً واسعاً في المتحف الرئيسي باليمن (إعلام محلي)
TT

القصف الإسرائيلي على صنعاء يدمّر 34 قطعة أثرية

الغارات الإسرائيلية خلفت دماراً واسعاً في المتحف الرئيسي باليمن (إعلام محلي)
الغارات الإسرائيلية خلفت دماراً واسعاً في المتحف الرئيسي باليمن (إعلام محلي)

أحدثت الغارات الإسرائيلية على العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء دماراً واسعاً في المتحف الوطني، ما أدى إلى تلف عشرات القطع الأثرية وتصدع مبانيه التاريخية، في وقت حذّر خبراء من أن نحو مائة ألف قطعة في المتاحف اليمنية لا تزال غير موثقة أو مرقمة، مما يجعلها عُرضة للضياع أو التهريب في أي لحظة.

وبحسب هيئة الآثار والمتاحف في صنعاء، فإن القصف الإسرائيلي الذي استهدف في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي مقرّ الإعلام العسكري التابع للحوثيين، تسبب بأضرار كبيرة في مباني المتحف الوطني المحاذي له، وأتلف أربعاً وثلاثين قطعة أثرية، بينها تماثيل ونقوش حجرية نادرة، فيما لحقت أضرار جزئية بعشرات القطع الأخرى.

وأكدت الهيئة في بيان أن الضربات أحدثت تصدعات إنشائية كبيرة في مباني «دار السعادة» و«دار المالية» و«دار الشكر» والمكتبة الشرقية، وهي من أقدم المرافق التي تضمها حديقة المتحف الوطني. ووفقاً لتقريرها الميداني، فإن الجدران تشققت بالكامل، وتحطمت النوافذ والمشربيات الخشبية، فيما أصيبت قاعات العرض والمكاتب والمكتبة بأضرار جسيمة.

من جهته، قال الخبير في الآثار اليمنية عبد الله محسن إن أكثر من مائة ألف قطعة أثرية في المتاحف اليمنية لا تحمل أرقاماً أو بطاقات تعريف متحفية، الأمر الذي يجعل تتبعها أو استعادتها في حال ضياعها أو تهريبها مستحيلاً.

المتحف الوطني في صنعاء أغلق قبل الغارات الإسرائيلية لتوقف التمويل (إعلام محلي)

وأشار إلى أن القصف دمّر تمثال «سيدة البخور» البرونزي الذي يُعد من أبرز القطع النادرة في المتحف، إذ كسرت يداه وتضرر هيكله الخارجي إلى جانب 33 قطعة أخرى، بينما تمكن العاملون من انتشال 218 قطعة من بين الركام، في حين بقيت 483 قطعة داخل صناديق لم تصلها أضرار مباشرة. ويعود تمثال «سيدة البخور» إلى القرن الخامس قبل الميلاد، ويُعد من روائع الفن اليمني القديم.

أضرار كبيرة

ووفقاً لتقرير هيئة الآثار في صنعاء، فقد تم تسجيل تلف 13 نقشاً حجرياً في قاعة النقوش القديمة، و4 قطع في قاعة حضرموت، و11 قطعة في قاعة سبأ، بينها تمثال «سيدة البخور»، إضافة إلى تضرر جزئي في تمثال الوعل البرونزي في قاعة معين. كما ألحقت الاهتزازات والغبار أضراراً بعدد من المسكوكات وكسوة الكعبة في القسم الإسلامي، وتحطمت صناديق عرض في قاعة عبد القادر بافقيه ما أدى إلى تلف بعض القطع المعدنية بفعل الصدأ.

وأوضحت الهيئة أن مخازن المتحف التي تضم آلاف القطع الأثرية تضررت هي الأخرى نتيجة تساقط الشظايا، وأصيبت قطع تراثية من العاج والبرونز والملابس التقليدية. وأعلنت تشكيل لجنة لجرد القطع واستعادتها من بين الركام، وبدأت بإصلاح منظومة الكاميرات والألواح الشمسية، كما أغلقت النوافذ المهدّمة بالأخشاب مؤقتاً لحماية المقتنيات المتبقية.

وكان المتحف الوطني اليمني في صنعاء قد أغلق أبوابه أمام الزوار قبل الغارات بأشهر بسبب شح الموارد وتوقف الموازنات التشغيلية.

ترميم واكتشافات

وفي محافظة تعز (جنوب غربي اليمن) أفاد فرع الهيئة العامة للآثار بأن أعمال الترميم الجارية في جامع الجند التاريخي، الذي أسسه الصحابي معاذ بن جبل، كشفت عن أجزاء من الجدار الشرقي الأصلي المبني بالحجر المهندم والمغطى بطبقة من القضاض، تعود إلى مرحلة البناء الأولى للجامع.

كما عُثر على عمود من الياجور أقيم فوق بئر قديمة خلال توسعات العهد الأيوبي، إلى جانب بقايا ساقية مائية كانت تصل بالسبيل المجاور للمسجد، ما يعكس تطور العمارة الإسلامية في اليمن.

قطعة أثرية يمنية في متحف كوبنهاغن (إعلام محلي)

أما في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) فأعلنت هيئة الآثار اكتشاف قناة ري أثرية في منطقة «هجرة منقذة» بمديرية عنس، بعد بلاغات من الأهالي عن حفريات عشوائية في الموقع. وتبيّن أن القناة محفورة تحت الأرض وتمتد لمسافات طويلة، يُرجّح أنها كانت ضمن نظام الري القديم.

ويُظهر المسار المكتشف أن المياه كانت تتدفق من مناطق منقذة وذياج والمحلّة نحو النمجة وسواد الحدا، في واحدة من أقدم الشبكات المائية المعروفة في الجزيرة العربية.

وأكدت هيئة الآثار أن الموقع يمثل قيمة أثرية فريدة تكشف عن جانب من براعة اليمنيين في هندسة المياه والري، داعية إلى وقف أي أعمال حفر غير مرخصة، وتشكيل لجنة فنية لتوثيق القناة وإدراجها ضمن السجل الوطني للمواقع الأثرية.