البرهان: لن نسلم السلطة إلا لحكومة منتخبة

«تجمع المهنيين» يعتبر وحدة «قوى الثورة» شرطاً لـ«إسقاط الانقلاب»

عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
TT

البرهان: لن نسلم السلطة إلا لحكومة منتخبة

عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)
عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان، في تصريحات مثيرة أطلقها في دارفور، أن الجيش لن يسلم السلطة إلا عبر الانتخابات أو التوافق السياسي، ما رأت فيه أوساط سياسية تعبيراً عن رغبة العسكر بالاستمرار في الحكم، في ظل مساعٍ أممية لتجاوز أزمة تهدد بأخذ البلاد نحو الحرب الأهلية. فيما دعا «تجمع المهنيين» إلى وحدة «قوى الثورة» من أجل «إسقاط الانقلاب» مثلما فعلت بإسقاط نظام الرئيس عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019.
وقال البرهان، أول من أمس، لدى ترؤسه اجتماعاً للجنة وقف إطلاق النار الدائم المنصوص عليها في اتفاق جوبا للسلام في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمالي دارفور: «نريد أن نسلم السلطة لمواطنين سودانيين منتخبين من قبل الشعب لحكم السودان».
واعتبر أن استكمال تنفيذ الترتيبات الأمنية يسدّ الباب أمام المخربين الذين يريدون زعزعة أمن المواطن، طالباً من القوة المشتركة حماية المواطنين في دارفور وردع كل خارج على القانون.
وأشار رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الداعم الأساسي لتنفيذ قرارات المجلس الأعلى المشترك، إلى الترتيبات الأمنية لتحقيق السلام والاستقرار بالبلاد.
وشدد على توجيه السلاح لحماية حدود الوطن وضمان عودة اللاجئين والنازحين إلى قراهم، في ظل الاضطراب الذي يشهده الإقليم.
ونبّه من ضرورة التصدي لحملات التضليل والتلفيق والكذب عبر وسائل التواصل الاجتماعي الضارة بأمن الوطن، التي يجب النظر إليها بحصافة وأذن واعية وروح وطنية خالصة.
نائب رئيس مجلس الانتقالي محمد حمدان دقلو (حميدتي) أكد أن فرض هيبة الدولة ضرورة ملحة تقتضيها الظروف، التي تمر بها البلاد من أجل تحقيق الأمن والطمأنينة للمواطنين.
وأشار حميدتي إلى وجود مندسين هدفهم زرع الفرقة والشتات وتأجيج الفتن وزعزعة الاستقرار بالبلاد، داعياً إلى الحسم معهم. وقال إن كل من يعتدي على الناس ويهدد أمنهم وسلامتهم لا بد أن يعاقب وفقاً للقانون.
حاكم إقليم دارفور مني اركو مناوي رحب من جهته بالقرارات التي اتخذها المجلس الأعلى المشترك للترتيبات الأمنية، مشيراً إلى أهمية إكمال تنفيذ اتفاق سلام جوبا.
وناقش اجتماع المجلس الأعلى المشترك تنفيذ وقف إطلاق النار الشامل، وسير تنفيذ بند الترتيبات الأمنية في مسار دارفور، وعمل القوة المشتركة للمهام الخاصة لتحقيق بسط هيبة الدولة وحفظ الأمن بالإقليم.
وقرر المجلس خروج قوات الحركات الموقعة على السلام إلى خارج المدن، وشدد خصوصاً على خروج قوات حركة «تمازج» من المدن إلى مناطق التماس المنصوص عليها في اتفاقية سلام «جوبا».
فيما اعتبرت حركة «تمازج» إخراج قواتها من المدن إقصاءً ممنهجاً حال دون مشاركة وفدها في اجتماع المجلس الأعلى المشترك للترتيبات الأمنية. وأمهلت الحكومة 24 ساعة لإيجاد حلول جذرية، وإلا فإن الخيارات أمامها مفتوحة والعواقب ستزداد، وسيتحول إقليم دارفور إلى بؤرة صراع بسبب فئات تريد إقصاء مكون فعال وله شرعية دولية.
وبعد عودته إلى العاصمة، الخرطوم التقى البرهان أمس في مكتبه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة رئيس بعثة الأمم المتكاملة لدعم الفترة الانتقالية في السودان (يونيتامس) فولكر بيترس.
وأوضح فولكر في تصريح صحافي، أن اللقاء تناول الأوضاع السياسية الراهنة في السودان، إلى جانب الوضع الأمني في إقليم دارفور.
وقال إن اللقاء استعرض سير عملية المشاورات السياسية الجارية التي تسهلها الأمم المتحدة، للتوصل إلى توافق بين الفاعلين في المشهد السوداني للخروج من الأزمة الراهنة.
وأشار فولكر إلى أن اللقاء أكد ضرورة توفير المناخ الملائم لإنجاح عملية المشاورات السياسية الجارية، من خلال وقف العنف المصاحب للمظاهرات. في غضون ذلك، أكد القيادي في تجمع المهنيين السودانيين محمد ناجي الأصم التزام التجمع بالتنسيق والتحالف مع القوى السياسية ولجان المقاومة، لإنهاء انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وعودة الجيش لثكناته وتسليم السلطة لحكومة مدنية. ورأى الأصم أن الشرط المفقود في الوقت الراهن لإسقاط الانقلاب العسكري، هو وحدة «قوى الثورة». وقال: «نسعى لإحداث اختراق من خلال وحدة الأجسام المهنية والنقابية التي ساهمت من قبل في إسقاط نظام الرئيس عمر البشير».
وأقر الأصم بأن انخراط التجمع في العملية السياسية أبعده عن الاهتمام بالقضايا النقابية والتضامن المهني.
وأكد تجمع المهنيين وقوفه مع مطالب الشارع الرافض للانقلاب، والمؤمن بالتحول الديمقراطي والمدني وإكمال التغيير وعودة العسكر للثكنات.
وأشار التجمع إلى أن المبادرات وجدت قبولاً من بعض الكيانات النقابية ورفضت أجساماً أخرى.



القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
TT

القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي هنأ الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، ومحمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، دونالد ترمب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدأت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي تبحث عن كيفية التعامل مع ترمب المرحلة المقبلة في ظل وجود مذكرة صادرة من مجلس القضاء الأعلى في العراق بالقبض على ترمب بتهمة اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.

الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد

وقال عضو اللجنة مختار الموسوي في تصريح صحافي إن «ترمب بالنسبة للعراق وحسب القوانين العراقية هو مجرم، لكن العراق سيتعامل معه بشكل طبيعي، فهناك مصلحة للعراق بذلك، ووصول ترمب إلى البيت الأبيض لن يؤثر على العلاقات بين بغداد وواشنطن». ورأى الموسوي، وهو نائب عن «الإطار التنسيقي الشيعي» الحاكم أن «أميركا دولة مؤسسات ولا تتأثر كثيراً برؤساء في التعاملات الخارجية المهمة». وأضاف: «ترمب لا يعترف بالحكومة العراقية ولا يحترم السلطات في العراق»، لافتاً إلى أن «زيارته للعراق أثناء ولايته السابقة اختصرت فقط على زيارة الجنود الأميركان في قاعدة (عين الأسد) بمحافظة الأنبار، لكن العراق سيتعامل مع ترمب بشكل طبيعي».

الجنرال الإيراني قاسم سليماني (أ.ب)

وختم عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية تصريحه قائلاً: «في حال زار ترمب العراق خلال المرحلة المقبلة، فهناك صعوبة في تنفيذ مذكرة القبض بحقه، فهناك مصلحة للدولة العراقية وهي تتقدم على جميع المصالح الأخرى، فهي تمنع أي تنفيذ لتلك المذكرة بشكل حقيقي بحق ترمب».

أبو مهدي المهندس (أ.ف.ب)

يشار إلى أن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان أعلن صدور أوامر قبض بحق ترمب على خلفية أوامر أصدرها لقتل سليماني والمهندس في السابع من يناير (كانون الثاني) عام 2021. وأوضح بيان رسمي، صدر في ذلك الوقت أن «القرار يستند إلى أحكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي النافذ»، مؤكداً أن «إجراءات التحقيق لمعرفة المشاركين الآخرين في تنفيذ هذه الجريمة سوف تستمر سواء كانوا من العراقيين أو الأجانب».

القضاء العراقي وأزمة تطبيق القانون

قانونياً، وطبقاً لما أكده الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» فإأن «القضاء العراقي تحرك بناءً على الشكوى المقدمة من الطرف المشتكي، وبالتالي فإن القضاء ملزم وفق القانون باتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي شخص سواء كان في الداخل العراقي أو الخارج العراقي».

وأضاف التميمي: «ولأن الجريمة التي ارتُكبت داخل العراق واستهدفت شخصيات في العراق وأدت إلى مقتلهم؛ فإن الولاية القضائية هنا هي التي تطبق وهي ولاية القضاء العراقي»، مبيناً أن «إصدار أمر قبض بحق ترمب في وقتها وفق مذكرة القبض الصادرة من القضاء العراقي وفق المادة 406 من قانون العقوبات العراقي وهي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لكونه شريكاً في هذه العملية؛ ولذلك يعدّ الإجراء من الناحية القانونية صحيحاً».

مركبة محترقة في مطار بغداد أصابها أحد الصواريخ الثلاثة (خلية الإعلام الأمني)

ورداً على سؤال بشأن تنفيذ المذكرة، يقول التميمي إن «التنفيذ يكون عن طريق الإنتربول الدولي بعد تقديم طلب عبر وزارة الخارجية، وهو أمر صعب من الناحية الواقعية، والثانية هي انضمام العراق إلى اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1948 وهي تحاكم الأشخاص بمختلف الجرائم، ومنها جرائم العدوان التي تنطبق على عملية الاغتيال التي نُفذت بأمر ترمب وفقاً للمادة 6 من قانون هذه المحكمة التي تتطلب دخول العراق فيها أولاً». وأوضح التميمي أنه «مع كل هذه الإجراءات القانونية، لكن ترمب في النهاية أصبح رئيس دولة وهو يتمتع بالحصانة وفقاً اتفاقية فيينا».

أول المهنئين لترمب

وفي الوقت الذي تبدو عودة ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية مقلقة لبعض الأوساط العراقية، إلا أن العراق الرسمي كان من أول المهنئين؛ إذ هنأ الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد ترمب، وتطلع إلى أن «تعمل الإدارة الأميركية الجديدة على تعزيز الاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه والحوار البنَّاء في المنطقة»، كما هنَّأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دونالد ترمب بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية لولاية جديدة، معرباً عن أمله في «تعزيز العلاقات الثنائية» خلال «المرحلة الجديدة». وكتب السوداني على منصة «إكس»: «نؤكد التزام العراق الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، ونتطلع لأن تكون هذه المرحلة الجديدة بداية لتعميق التعاون بين بلدينا في مجالات عدة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعود بالنفع على الشعبين الصديقين». كما أن رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني كانا أول المهنئين لترمب؛ نظراً للعلاقة الجيدة التي تربط الأكراد مع الجمهوريين. وكتب نيجرفان بارزاني على منصة «إكس» قائلاً: «أتقدم بأحرّ التهاني إلى الرئيس ترمب ونائب الرئيس المنتخب فانس على فوزهما في الانتخابات». وأضاف: «نتطلع إلى العمل معاً لتعزيز شراكتنا وتعميق العلاقات الثنائية بين إقليم كردستان والعراق والولايات المتحدة».

أما رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، فقد عبّر من جهته إلى أهمية «تعميق الشراكة بين إقليم كردستان والولايات المتحدة، والعمل معاً لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة».

اقرأ أيضاً