قال هورست زيهوفر لورينز، رئيس وزراء ولاية بافاريا الألمانية، لـ«الشرق الأوسط» إن مباحثاته مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز انصبّت على القضايا ذات الاهتمام المشترك، مشيرا إلى تأكيد بلاده الالتزام بتعزيز الشراكات الاستراتيجية مع السعودية.
وقال رئيس وزراء ولاية بافاريا: «نركز اهتمامنا بشكل أساسي على مجالات الطاقة وصناعة البناء والتشييد وصناعة الماكينات والآلات الثقيلة وإنتاج السيارات»، متطلعا لتوسيع العلاقات الاقتصادية بين البلدين بشكل عام وتسهيل تبادل التقنية والخبرات بشكل خاص.
ولفت إلى أن الخطوة المستقبلية التالية لحكومته هي العمل على استخدام التكنولوجيا الرقمية في مجالات الحياة كافة في ولايته، بجانب العمل باستمرار على تحديث الإدارة والتعليم والصناعة المتطورة والاهتمام بالصحة والمجتمع، مشيرا إلى أن استراتيجيته تستهدف احتلال مكانة رائدة في مجال التكنولوجيا الرقمية مستقبلا.
«الشرق الأوسط» التقت هورست زيهوفر، رئيس وزراء ولاية بافاريا الألمانية، وأجرت الحوار التالي:
* ما الهدف من هذه الزيارة؟ وما المباحثات التي أجريتها خلالها؟
- تأتي هذه الزيارة لتأكيد جدية وأهمية تعزيز العلاقات بين البلدين، وتأكيدا لالتزام ألمانيا بأن تكون شريكا اقتصاديا استراتيجيا للسعودية من جانب، ومن جانب آخر بين السعودية وولاية بافاريا بشكل خاص، إذ التقيت مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وبحثنا القضايا ذات الاهتمام المشترك وأكدت التزامنا بشراكتنا الاستراتيجية مع السعودية، كذلك كانت هناك لقاءات مع الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز نائب وزير البترول والثروة المعدنية، والدكتور محمد الجاسر وزير الاقتصاد والتخطيط، تناولت سبل تعزيز أوجه التعاون بين السعودية وألمانيا في مجال البتروكيماويات، وكان هناك لقاء للوفد مع عبد اللطيف العثمان محافظ الهيئة العامة للاستثمار لمناقشة إمكانية الفرص الاستثمارية المشتركة.
* كيف ترى أهمية السعودية اقتصاديا وسياسيا؟
- طبعا نحن في أوروبا نقدر أهمية السعودية لتحقيق الاستقرار في العالم العربي عامة واليمن بشكل خاص، كذلك هناك إدراك بأن الإرهاب المتطرف هو التهديد المشترك الذي نواجهه سواء في أوروبا أو في العالم العربي، وأرى من الأهمية بمكان ضرورة العمل على تعزيز الحوار المشترك من أجل إيجاد سبل للتصدي بفعالية للتحديات الأمنية والسياسية الحالية.
* على مستوى ولاية بافاريا.. ما الهدف الذي تعتزم تحقيقه من خلال التعاون مع كل من الرياض والدوحة؟
- تتمتع العلامة التجارية «بافاريا» في العالم العربي بسمعة ممتازة، وأرغب من خلال المباحثات السياسية والاتصال الشخصي مع كبار المسؤولين في السعودية وقطر في تعميق التعاون بشكل خاص في مجال الأعمال التجارية والعلوم، إذ إن للعلاقات السياسية المتينة دورا مهمّا في تقوية التعاون الناجح في مجال الاقتصاد والعلوم، خصوصا أن ولاية بافاريا ولاية قوية اقتصاديا ومستقرة سياسيا.
* حدثنا عن ملامح التعاون الذي ترغب فيه لصالح هذه الولاية؟
- أرغب في تشجيع الاستثمار في ولاية بافاريا والتعبير عن رغبتنا في المشاركة في مشاريع البنية التحتية المخطط لتنفيذها في السعودية، علما بأن الشركات البافارية، سواء كانت شركات متوسطة أو صغيرة الحجم أو شركات عالمية هي مشهورة في جميع أنحاء العالم، كما أنها تحظى بتقدير عالٍ، بفضل بأدائها وجودتها العاليين، أضف إلى ذلك أن دول الخليج تنفذ وتخطط لاستثمارات ضخمة في مجال التعليم والتأهيل، إذ هناك خطط لتأسيس جامعات جديدة في مناطق عدة، ويعتبر هذا التوجه ركيزة مهمة للنجاح الاقتصادي المستدام في المستقبل، ويرافقني خلال زيارتي مسؤولون من المجال العلمي في بافاريا، وهناك بالفعل تعاون قائم في مجال التعليم العالي بين السعودية وبافاريا، ولكن بشكل عام فإن الالتزام الألماني وبالأخص البافاري في هذا المجال قابل للتعميق، خصوصا إذا ما قورن بالتعاون القائم مع الولايات المتحدة الأميركية، وعلى هذه الخلفية يتوجب إقامة مشاريع أخرى للتعاون في مجالات التعليم والعلوم.
* هل هناك مجالات بعينها تعرض - حاليا - لتعزيز التعاون من خلالها؟
- يتركز اهتمامنا بشكل أساسي على مجالات الطاقة وصناعة البناء والتشييد وصناعة الماكينات والآلات الثقيلة، خصوصا عندما أتمعن في خطط السعودية في استثمار ما يضاهي 110 مليارات دولار حتى عام 2032، في مجال الطاقة، في حين أن حجم السوق في صناعة البناء والتشييد بلغت 300 مليار دولار في عام 2014، وهو قطاع واعد جدا وواسع، لا بد لنا أن نكون في هذه الحالة في طليعة العالم الذي يستفيد من هذه الفرص بحكم العلاقات العميقة بين البلدين، فضلا عن أن بلادنا تطورت كثيرا في مجال صناعة الماكينات والآلات الثقيلة، وكذلك في إنتاج السيارات.
* بالعودة إلى ولاية بافاريا.. ما مقوماتكم الاقتصادية والصناعية؟
- إن ولاية بافاريا الحرة هي أقوى الولايات في جمهورية ألمانيا الاتحادية من حيث القوة الاقتصادية والمالية، وبناتجها المحلي الإجمالي الذي قدّر بنحو 488 مليار يورو في عام 2013، وبذلك ستكون بافاريا سابع أكبر اقتصاد قومي في أوروبا، فضلا عن ذلك فإن قوة بافاريا الاقتصادية هذه تعود إلى وجود ظروف سياسية مستقرة للغاية فيها، إذ إننا نستثمر ما يزيد على ثلث ميزانية الولاية في التعليم، كما أنه يتوفر لدينا شبكة قوية للغاية من الشركات الصناعية الكبيرة وطبقة راسخة من الشركات المتوسطة والصغيرة الحجم، ما يجعل اقتصادنا بمنأى عن انعكاسات التقلبات الاقتصادية، وفي الماضي كانت بافاريا بلدا زراعيا، ولكن أصبحت اليوم من أقوى المناطق اقتصاديا في العالم.
* بلغة الأرقام.. ما حجم التبادل التجاري بين ولاية بافاريا والسعودية؟
- قياسا بحجم التبادل التجاري، فإن السعودية هي أهم شريك اقتصادي لبافاريا في الشرق الأوسط، إذ إنه توجد حاليا 760 شركة بافارية ذات علاقات تجارية متميزة مع السعودية، ولقد ارتفعت قيمة صادرات الشركات البافارية إلى السعودية منذ عام 2010 بنسبة الثلث، إذ إنها بلغت ما يقارب مليار يورو في عام 2014، بينما ازدادت قيمة الصادرات السعودية إلى بافاريا خلال نفس الفترة بنسبة 10 أضعاف لتصل إلى 352 مليون يورو، ولذلك فإننا راضون جدا عن هذا التطور، إلا أننا نرى أن هناك مزيدا من فرص النمو، التي لا بد من استغلالها بشكل أفضل.
* كيف تنظر إلى مستقبل العلاقة بين ولاية بافاريا والرياض؟
- إن بافاريا تحولت أثناء العقود الماضية من بلد زراعي إلى بلد صناعي، ومن ثم أصبحنا أحد أهم المواقع الرائدة على الصعيد العالمي للتكنولوجيا الحديثة، أما الخطوة التالية نحو المستقبل فهي العمل على استخدام التكنولوجيا الرقمية في كل مجالات الحياة في بافاريا، بجانب العمل باستمرار على تحديث الإدارة والتعليم والصناعة المتطورة مع الاهتمام بالصحة والمجتمع، إذ إننا ننوي أن نحتل مكانة رائدة أيضا في مجال التكنولوجيا الرقمية مستقبلا، ما سيفسح المجال لبناء علاقات اقتصادية مع المنطقة العربية أيضا في المستقبل.
