يحيى الجبيحي: حكم الإعدام كان لإسكات الصحافة في اليمن

اعتُقل مع نجليه في سجن الأمن القومي بصنعاء

يحيى الجبيحي
يحيى الجبيحي
TT

يحيى الجبيحي: حكم الإعدام كان لإسكات الصحافة في اليمن

يحيى الجبيحي
يحيى الجبيحي

في الوقت الذي كان الصحافي يحيى عبد الرقيب الجبيحي ممسكاً بسماعة الهاتف يحاول عبثاً إطلاق سراح نجله حمزة الذي اختطفه الحوثيون من أحد شوارع صنعاء يوم 7 سبتمبر (أيلول) 2016، تفاجأ بقوة عسكرية تقتحم أبواب منزله وتعتقله هو الآخر.
«كنت أتحدث في الهاتف لإخراج حمزة من السجن، وفوجئت بقيادات حوثية تكسر باب حوش المنزل وتدخل دون استئذان، أبلغوني بأنني متهم بالخيانة العظمى للوطن، دخلوا مقر النساء دون اعتبار لعادات وأخلاق المجتمع اليمني وعبثوا في المكان». بهذه الكلمات يستهل الصحافي يحيى الجبيحي حديثه لـ«الشرق الأوسط» عن قصة اعتقاله وأبنائه.
ويضيف «ظل الحوثيون يعبثون في منزلي أربع ساعات، ثم اقتادوني مع ابني الأوسط ذو يزن، عندما خرجنا من المنزل تفاجأت أن المكان تحول إلى معسكر، هناك دبابة ومصفحة وسيارات عدة مليئة بالعسكريين، وآخرون يرتدون اللبس القبلي، وتم إغلاق منافذ الشارع كلها، بصورة لم أكن أتخيلها».
وتابع «قلت للضباط: هل أنا مهم لهذه الدرجة؟! فأجاب: هذه توجيهات». بعدها اقتيد الجبيحي ونجله إلى مقر الأمن القومي في صنعاء، ووُضع في غرفة مظلمة تحت الأرض سببت له الربو والتحسس، ما زال يعاني منه حتى اليوم، بحسب تعبيره.
وطيلة 11 شهراً كان الصحافي الجبيحي يعرض للتحقيق مرتين في الأسبوع، ويتحدث عن هذه المرحلة بقوله «بحكم عملي في مجلس الوزراء حصلوا على صور لي مع أمراء سعوديين وخليجيين ومسؤولين عرب، وكانت الأسئلة: ماذا تعرف عن الأمير سلطان، أو الأمير نايف، وهكذا مع بقية المسؤولين، ثم قالوا لي أنت عميل لدول العدوان، ومقالات تهيج الرأي العام».
يتنهد ثم يكمل «منذ احتلال صنعاء عرفت أن اليمن الذي نعرفه انتهى (...) هذا التوجه الشيعي الجديد ستدفع اليمن الكثير بسببه، وكان من الصعب السكوت، لكن لم يخلد ببالي أن أسجن في الأمن القومي».
ورغم ظروف السجن السيئة للغاية، على حد وصف الجبيحي، فإن وجوده في زنزانة واحدة ويجلس على جانبيه نجلاه حمزة وذو يزن، كان الشعور الأصعب له كأب كما يقول، ويضيف «السجناء من حولنا كانوا يسألون: كم عدد الحوثيين الذين قتلتم حتى يجيء بكم جميعاً؟!».
وحاصل يحيى عبد الرقيب الجبيحي المولود عام 1957 بمدينة تعز، على ماجستير في الإعلام الدولي من جامعة انديانا بالولايات المتحدة، ودبلوم في الصحافة المتخصصة من أكسفورد ببريطانيا، وأنهى البكالوريوس في الإعلام بجامعة الملك عبد العزيز بجدة.
تعرّض الصحافي الجبيحي للتعذيب مرتين في سجون الأمن القومي الحوثية، الأولى بعد اتهامه بامتلاك أربع فلل بمنطقة حدة الراقية بصنعاء، رغم أنه كان يسكن بالإيجار؛ الأمر الذي دعاه - على حد قوله - إلى الإمساك بورقة وقلم وكتابة تنازل لهذه الفلل للمدعو عبد الملك بدر الدين الحوثي، وعوقب جراء ذلك بصفعة على الوجه.
وتابع «المرة الأخرى جاءوا لملف يحتوي على أكثر من 38 صفحة مطبوعة للتوقيع عليه، وافقت شريطة قراءته، فاستخدموا الكهرباء لإرغامي حتى أُغمي عليّ، وبعد ثلاث ساعات اضطررت إلى التوقيع، وحتى اللحظة لا أدري ما مضمون هذا الملف».
مشاهد كثيرة يرويها يحيى الجبيحي من السجون الحوثية، منها رؤيته أحد السجناء ينزف دماً من التعذيب حتى فارق الحياة، ثم أخذه من السجانين بدم بارد وكأن شيئاً لم يكن. كما عايش الجبيحي سجناء من جنسيات وقوميات مختلفة منهم عرب وبهائيون ويهود.
تفاجأ الجبيحي في أحد الأيام بوجود محكمة خاصة أنشئت خصيصاً له داخل السجن، وقاض يسأله: عن اسمه ووظيفته، قبل أن يوجه لهم الاتهام بالتخابر مع ما يسمونه دول العدوان.
وأضاف «القاضي عبده إسماعيل راجح من صنعاء، وعندما رفضت التهمة وحاول المحامي (وهو قريب للعائلة) الترافع، رفض القاضي وقال في الجلسة القادمة، الأولى لم تستغرق سوى 8 دقائق».
في الجلسة الثانية - والحديث للصحافي الجبيحي - كان هناك اتفاق مع القاضي للإفراج عني، كنت أنتظر إعلان الإفراج، لكنني فوجئت به يقول: هل تريد إضافة شيء، ثم قال حكمت المحكمة بالإعدام تعزيراً!».
وتابع «بعدها سألت القاضي من أين جاء بهذا الحكم، فرد قائلاً (من رأسي)». واستدرك الجبيحي بقوله «بعد خروجي من السجن علمت أن الحكم جاء مفصلاً من القيادي محمد علي الحوثي بالحكم بالإعدام لأكون درساً للصحافيين الآخرين».
قوبل حكم الإعدام الذي أصدرته الميليشيات الحوثية ضد صحافي يمني، وهي سابقة، بردود أفعال محلية وإقليمية ودولية شديدة، وأصدرت الخارجية الأميركية بياناً، وذكر المبعوث الأممي الأسبق لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد الأمر في إحاطته لمجلس الأمن، كما نددت الكثير من الدول والمنظمات بهذا الحكم.
وبحسب يحيى الجبيحي، فإن «الضغوط أجبرت الحوثيين للإفراج عني (...) التوجيه جاء أيضاً بأن يفرج عني وولدي، لكنهم أعاقوا خروج حمزة وبقي خمس سنوات أخرى قبل الإفراج عنه قبل نحو ثلاثة أشهر، ما حصل كان ابتلاءً وتمحيصاً وفقنا الله في تجاوزه».
ويؤمن الجبيحي أن جماعة الحوثية المرهونة لإيران، مرض سرطاني خبيث في جسد اليمن سوف يستمرون في حربهم طالما كانت الضحايا من أبناء الشعب، وختم بقوله «حتى أولئك داخل الجماعة المؤمنون بتطبيق مخرجات الحوار الوطني الشامل ويتمنون عودة السلام لم يعد الأمر بيدهم، بل بيد إيران».


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.